رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فبراير والعدالة البطيئة والغائبة


أؤكد أن ما قام به الرئيس المؤقت من طرح قانون الانتخابات الرئاسية للحوار المجتمعى هو بداية جديدة لإشراك المجتمع المصرى بكل فئاته فى تقرير مصيره ومناقشة القوانين دون وضعها بشكل فوقى من السلطات الحاكمة

فى 3 فبراير 2006، استيقظ الشعب المصرى على كارثة غرق العبارة فى سفاجا فى البحر الأحمر وغرق أكثر من ألف مصرى على متنها وفقد عدد آخر حتى الآن لم يعودوا رغم تأكيد أهاليهم أنهم على قيد الحياة لأنهم زاروهم فى اليوم الأول للحادثة الأليمة فى المستشفى. ولكنهم بعد ذلك اختفوا عن الأنظار، ومعظمهم من طاقم الباخرة والذى كان سيشهد على كل الأسباب والإهمال الذى أدى إلى غرق الباخرة، وفى ذلك إدانة لصاحب العبارة وعدد من المسئولين فى هيئة موانئ البحر الأحمر وعدد من المسئولين الكبار فى الدولة.

وكان غرق العبارة فى ذلك الوقت عنوان غرق النظام الحاكم فى الفساد والإهمال. وما زالت قضية المفقودين أمام المحاكم. وطبعاً فساد النظام الأسبق وعلاقة رجال الأعمال بالسلطة الحاكمة كانت وراء هرب صاحب العبارة فى الخارج وعدم إلقاء القبض عليه لتنفيذ الحكم حتى الآن.وفى 2 فبراير عام 2011 كانت موقعة الجمل أثناء ثورة 25 يناير المجيدة والتى راح ضحيتها عدد من شهداء مصر وأبنائها، غير من أصيب. وحتى الآن ورغم مرور ثلاث سنوات لم تتم المحاكمات العادلة مع تقديم الأدلة الكافية وإعادة المحاكمات بعد ورود معلومات وأدلة جديدة فى تقرير لجنة تقصى الحقائق والتى تكونت بعد وصول الرئيس المعزول محمد مرسى إلى الحكم. لقد وضعت الأدلة فى أدراج النائب العام «الخاص والملاكى» الذى عينه الرئيس المعزول ليكون ستراً وغطاءً على جرائمهم منذ ثورة 25 يناير حتى إسقاط حكم المرشد فى 30 يونيو 2013.إننا نستبشر خيراً بما قاله الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور فى خطابه الأخير عن تخصيص دوائر متفرغة لنظر قضايا الإرهاب وقضايا تشمل كل من اقترف جرماً فى حق هذا الوطن، فالعدالة الناجزة عنوان الحكم العادل، واطمئنان المجتمع إلى تطبيق دولة القانون.وفى 1 فبراير 2012، كاننت مذبحة استاد بور سعيد والتى راح ضحيتها 74 شاباً فى عمر الزهور، والتى عرفت بموقعة الجمل الثانية، والتى تم الحكم فيها، ولكننا نأمل فى إعادة المحاكمة وفق الأدلة الجديدة للجان تقصى الحقائق حتى تتم معاقبة كل الجناة سواء من نظام المخلوع أو نظام المعزول. هذا غير أنه وفى 26 يناير 2013 وعقب صدور الحكم فى هذه القضية سقط أكثر من خمسين شهيداً من أهالى بور سعيد ينتظر أهاليهم وينتظر الشعب المصرى القصاص العادل لهم وكشف الحقائق أمام الجميع.وفى نفس السنة ونفس الشهر فى 4 فبراير 2013 كانت فاجعة استشهاد الشاب محمد الجندى والذى تحل ذكراه الأولى هذا الأسبوع. ومازالت التحقيقات ومازلنا فى انتظار تطبيق العدالة، ومازالت أرواح شهداء الوطن منذ حادثة كنيسة القديسين فى الإسكندرية فى 31 ديسمبر 2010 ومن قبلها حادثة خالد سعيد فى يونيو 2010 مروراً بحوادث ماسبيرو ومحمد محمود الأولى والثانية ومجلس الوزراء الأولى والثانية وأحداث قصر الاتحادية وكل أحداث الإرهاب من تدمير دولة مصر وقتل أبنائها وقتل جنودها على يد نظام المعزول تنتظر الدوائر المتفرغة لسرعة إصدار الأحكام العادلة التى ستصبح سبباً رئيسياً فى تقليل احتقان الشارع المصرى الذى يطالب يومياً بالعدالة الانتقالية.

إننا نحترم الرئيس المؤقت عدلى منصور الذى أشار إلى العدالة الناجزة فى خطابه وأشار أيضا إلى سرعة التحقيق مع من تم إلقاء القبض عليهم فى الفترة الأخيرة بعد 30 يونيو 2013 والإفراج الفورى عن الشباب الذين لم يرتكبوا جرماً فى حق هذا الوطن.وبالرغم من كل الكوارث والأحزان فى هذا الشهر فإننا نجد أنه فى 11 فبراير 2011 أسقط الشعب المصرى العظيم بثورته السلمية وطوال 18 يوماً، أسقط نظاماً مستبداً فاسداً تابعاً. وعرف الشعب مدى قدرته على تغيير الأنظمة الفاسدة. وجاء فبراير 2014 ليكون الشعب المصرى قد أسقط نظاماً آخر تابعاً مستبداً فاسداً بائعا للأوطان ومتاجراً بالأديان.بل استطاع الشعب المصرى أن يبدأ فى طريق استكمال المسار الديمقراطى وأهداف ثورة 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 فى تحقيق العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وإنهاء التبعية. وكانت البداية بالاستفتاء على الدستور فى 14 و15 يناير كخطوة أولى لتحقيق أهداف الثورة والاستقرار. وها نحن نستعد للخطوة الثانية بانتخابات رئيس الجمهورية، ثم تليها انتخابات برلمانية.

وإننى أؤكد أن ما قام به الرئيس المؤقت من طرح قانون الانتخابات الرئاسية للحوار المجتمعى هو بداية جديدة لإشراك المجتمع المصرى بكل فئاته فى تقرير مصيره ومناقشة القوانين دون وضعها بشكل فوقى من السلطات الحاكمة. إن هذا التقليد لن يتنازل عنه الشعب المصرى وكل فئاته عند إصدار القوانين المصيرية فى المرحلة القادمة، فالحوار المجتمعى صمام أمان للدولة والمجتمع عند وضع القوانين.

عاش كفاح الشعب المصرى والمجد للشهداء

■ الأمين العام للحزب الاشتراكى المصرى.