رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عمَّال «الدليفري».. جنود مجهولة في ليالي الشتاء الباردة

عامل دليفري
عامل دليفري

بينما يقبع الكثير أسفل غطاء فراشه، مختبئًا من شدة البرودة والأمطار وساعات البرق والرعد، يضطر عامل "الدليفري" مواجهة تلك الظروف الصعبة من فوق دراجته البخارية، متسلحًا بخوذته إن توافرت، فهو رغم قسوة ذلك المُناخ لا يعرف تقاعسًا عن عمله الشاق بل تُعد تلك الأيام الباردة هي التي يزدهر بها عمله نظرًا لتقاعس المواطنين عن الخروج في ظل درجات الحرارة المنخفضة، وبالتالي يستوجب الأمر التزامه بعمله أكثر ومواجهته للشارع في رحلة الطقس البارد القاسي وحده، إلى أن يقف على أعتاب أبواب منازل المواطنين الدافئة فيسلمهم طلباتهم، ويعود ليكمل الرحلات"الطائرة" القاسّية.

«الدستور» تواصل مع بعض جنود الشتاء الذين يقضون عملهم في خدمة المواطنين بالشوارع مهما امتلأت بالأمطار وانخفضت درجات الحرارة، وأذهبت الرياح محتوياتها الخفيفة كل بعيد عن الآخر.

«لقمة العيش»

محمد عبيد "طيار" لأحد المطاعم الشهيرة بحي الدقي بالقاهرة، يروي "للدستور" أنه مهما أغرقت الأمطار الشوارع وجاءت درجات الحرارة لتجمد أطراف أصابع البشر، يعمل هو غير عابئًا بكل ذلك من أجل "لقمة عيشه"، موضحًا أن هذه الأيام "أيام البرد والسقيع" هي الفترات التي تكثر بها الطلبات عليه وعلى زملاؤه، ويقول: "الكل بيبقى قاعد في البيت بردان ونفسه الحاجة تيجي لغاية عنده".

و‏يضيف، أنه رغم الظروف الصعبة التي يعمل بها" الطيار"في فصل الشتاء، إلا أنه أحيانًا يكون موسم "وشه حلو" بسبب زيادة الرزق فيه من خلال "البقشيش" الذي يحصل عليه "الطيار" من بعض الزبائن لمراعاتهم ما يمر به عامل الدليفري في هذا التوقيت من ظروف عمل صعبة خاصة في ليال الشتاء الباردة.

«مصدر رزق»

"أغيب عن بناتي مساءً في الشتاء ويَبكون لذلك، ولكنه عملي ومصدر رزقي الوحيد".. بهذه الكلمات، وصف إبراهيم أحمد "طيار" بأحد المطاعم بحي المعادي بالقاهرة، طبيعة عمله القاسية، موضحًا أن ذلك أكثر ما يزعجه في مهنته على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي يواجهها.

يذكر "إبراهيم"، أنه بأحد المرات كان خارجًا من منزله يرتدي ملابس صيفية، وفجأة بدأت تقلبات الجو لتهب عواصف وتتبعها أمطار ورعد، ورغم كل ذلك كان مطلوبًا منه "اوردرات" عليه تسليمها وبأماكن بعيدة عن بعض، ولم يستسلم وبالفعل سلمها جميعًا مؤمنًا أن الله سيسانده لأنه يعمل عملًا شريفًا بدلًا من الاتكاء على أحد في دفع مصروفاته وأسرته.

«واجب إنساني»

من جانبه، يرى "سمير" أن مهنته واجب إنساني، إذ أنه يعمل "طيارًا" لإحدى الصيدليات، وساعات استلام عمله ليلًا،  يقول: "يكفي إن ربنا يقدرني أوصل دوا لمريض في البرد ده، ويارب أخد الثواب"، موضحًا أنه يأمل في الثواب من عند الله على نيته الخالصة لخدمة المرضى مهما كانت ظروف الطقس سيئة، إذ يقول: "مرّت عليا أوقات جو صعبة كتير في الشغل ورغم كدة باتحمل كله مرضاة لله قبل ما يكون ده مصدر رزقي".