رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أوميكرون» وتأثيره محليًا وعالميًا

الجزء الأول: الوضع عالميًا

فى ثمانى وأربعين ساعة تبدلت معظم الثوابت والتوقعات السابقة، فما بين ٢٥ نوفمبر و٢٨ نوفمبر طرأ الكثير من المستجدات مع اكتشاف متحور جديد لفيروس «كورونا» المسمى «أوميكرون»، بعدما شوهدت استجابة مبالغ فيها بعض الشىء من الحكومات وأسواق السلع والأسهم، يمكن وصفها بالاستجابة «الطائشة» وتحمل فى طياتها كثيرًا من الهلع غير المُبرر.

هذه الاستجابة الطائشة كانت مدفوعة بكثير من الخوف والضبابية التى تكتنف المشهد العالمى، من النفط إلى الغاز الطبيعى إلى السلع والحبوب والخطوط الملاحية، ولا ننسى التجاذبات والتوترات الجيو- سياسية، والتى جعلت العالم يقف على أطراف أنامله متوترًا ومضطربًا لفترة.

الانعكاسات على الأسواق: اصطدمت الأسواق بأخبار المتحور وهى تتحسس طريقها نحو الخروج من أزمة ارتفاع أسعار الطاقة ونقص الإمدادات ومشكلات التوريد والشحن البحرى والتضخم العالمى، فانخفض سعر البرميل بمقدار يتجاوز ١٣٪، أما بالنسبة لأشهر مؤشرات العالم الذى يقيس درجة الخوف والارتباك بالأسواق فارتفع إلى أعلى مستوياته فى عشرة أشهر إلى ٢٨ نقطة، فى حين تراجعت أهم بورصات العالم بنسب تتراوح بين ٢٪ و٥٪ فى ذلك اليوم.

الهلع والإغلاق: مع حالة الهلع المبالغ فيها قبل استيفاء الدراسات الكاملة والعلمية للمتحور الجديد، تبدو «احتمالات» الإغلاق قائمة أمامنا مرة أخرى كما حدث فى ٢٠٢٠، فى ظل إعلان كثير من الدول عن وقف عدد من الرحلات ومنع استقبال المسافرين من عدة دول أخرى وتشديد الإجراءات على السفر والتنقل، وبالتالى فإن الطلب على النفط سوف يتراجع فى حال تم إقرار هذه الإغلاقات مع تراجع الطلب على خدمات السفر، وكذلك على مشتقات الطاقة ومنها وقود الطائرات بالطبع، وهو ما دفع أسهم شركات الطيران والفندقة إلى الانخفاض فى يوم ٢٦ نوفمبر الماضى من ٢٨٨ نقطة إلى ٢٢٠ نقطة، وتمحو كل مكاسبها التى حققتها خلال عام ٢٠٢١.

الجزء الثانى: الوضع محليًا 

لا تزال مصر فى موقف آمن ومستقر، ولكن الأهم أننا نقف من الناحية الاقتصادية فى وضع متوازن بدرجة مطمئنة، من ناحية اقتصاد الناس فالطمأنينة التى نشعر بها تأتى بدافع من امتلاكنا احتياطيًا كبيرًا من السلع والمحاصيل الرئيسية، وهو المخزون الذى لا يزال يقوم بدور كبير فى تفادى الدولة المصرية آثار الأزمة العالمية.

كذلك ورغم ارتفاع أسعار النفط مؤخرًا إلا أنه لا تزال تكلفة إنتاج وتوزيع الوقود محليًا تحت السيطرة ولا حاجة لأى زيادات استثنائية «أعلى من ١٠٪»، فى الاجتماع الدورى المتفق عليه للجنة التسعير التلقائى لأسعار الوقود.

الاقتصاد الكلى: من ناحية الاقتصاد الكلى، فقد استطاع الناتج المحلى المصرى أن يحقق نموًا هو الأعلى منذ ٢٠ عامًا فترة يوليو وأغسطس وسبتمبر ٢٠٢١، وهى نفسها الفترة التى بدأت بها أزمة التضخم والطاقة العالمية، ومع ذلك استطعنا الحفاظ على مسار النمو وتفادى الوقوع فى فخ الانكماش.

اقتصاديات الصحة: من ناحية اقتصاديات الصحة المصرية، فإن البنية التحتية وغرف العمليات وغرف الرعاية المركزة والموارد البشرية والمالية وعملية صرف الرواتب والأجور والمكافآت وكل تروس ماكينة عمل اقتصاديات الصحة المصرية جميعها لا تزال تتسم بالكفاءة والكفاية للتعامل مع الوضع الوبائى فى مصر.

كما أن مصر شهدت قفزة كبيرة فى معدلات تطعيم السكان البالغين، حيث ارتفعت أعداد الملقحين بمقدار ٢٠ مليونًا بين بداية سبتمبر ونهاية نوفمبر، لتصل لإجمالى نحو ٤٠ مليون شخص تلقى جرعة واحدة على الأقل، وأهمية ذلك الاقتصادية تكمن فى أن توزيع اللقاح بتوازن وشمولية وعدالة دون تفرقة وعلى أوسع نطاق يسهم فى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتقديم مصر كبيئة مستقرة جاذبة لعمل الشركات محليًا وإقليميًا وعالميًا، وذلك كله يصب فى مصلحة توفير فرص العمل وانخفاض معدل البطالة وتعزيز توسع الناتج وارتفاع النمو الاقتصادى.