رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما هي المهمة التي خلق الله الإنسان من أجلها؟.. على جمعة يجيب

د.على جمعة
د.على جمعة

قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن الله جل الإنسان حارسًا وخليفة في الكون، وجعله مهيمنا على ما فيه من منافع وتسخيرات حتى يظل سيدا وخليفة فلا يُحْتَكَمُ عليه من غير جنسه، وهي مسؤولية يحاسب عليها في الآخرة، ويجازي بمقتضى فعله فيها إن خيرا وصلاحا فخير وإن شرا وفسادا فشر.

 

وتابع: «إعمار الكون والمحافظة على البيئة عملية تقوم على بعدين: البعد الأول يتعلق بالتصورات العقائدية التي ترسم العلاقات بين الإنسان والكون والإله، والبعد الثاني يتعلق بالتصورات الفقهية التي تصدر عنها الأحكام الشرعية والتي تنظم العلاقات بين الإنسان والكون وبين الإنسان والخالق».

 

وأشار: ويعكس هذا المنهج ما جاء في الإسلام من تصورات عقائدية وأحكام فقهية جعلت الإنسان مطالبا وقادرا ومدفوعا إلى المحافظة على بيئته الإنسانية، والمشاركة والتعاون على عدم الإفساد فيها، بل التوضيح للعالمين أن الشرع الإسلامي لم يقف عند حدود المحافظة، بل تعداها إلى التنمية والإصلاح وغير ذلك، لأن الإسلام حض على العمل والتفكر والبحث عن أسرار الكون استدلالا على الوجود الإلهي ووصولا إلى المحبة.

 

وأوضح : فالتصور الذي رسمه الإسلام للسماء والأرض والجماد والنبات والحيوان كان أدعى إلى حصول الاهتمام والرعاية من الإنسان لبقية المخلوقات، بل الرفق والرحمة والمحبة بها، لأن المسلم بحبه لله تَحْصُلُ في قلبه المحبةُ لكل ما خلق الله وأبدع، أما عن الكون، فهو يشارك الإنسان في الطاعة والتسبيح، قال –تعالى-: «وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ» [سورة الأنبياء: آية ٧٩]، وقال –سبحانه-: «وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ» [سورة سبأ: آية ١٠].

 

وأضاف : فنبي الله داوود -عليه السلام- الذي جعله الله خليفة في الأرض وآتاه الحكم والعلم ورزقه الحكمة، وأمره أن يحكم بالحق فَحَكَمَ، كان جزاؤه أن سخر الله له الجماد والحيوان تسخيرا خاصا، فكان إذا سبح داوود -عليه السلام- أجابته الجبال، وكان -عليه السلام- إذا وجد فَتْرة وقلة نشاط أمر الله –تعالى- الجبال فسبحت فيزداد نشاطا واشتياقا. 

 

واختتم قائلا : وقد خاطب الحق -سبحانه وتعالى- كثيرا من المخلوقات غير الإنسان: فأوحى إلى النحل، قال –تعالى-: «وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا» [سورة النحل: آية ٦٨-٦٩]، وأمر سبحانه الأرض والسماء، فقال –تعالى-: «وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي» [سورة هود: آية ٤٤]، وجعل -عز وجل- للأرض والسماء اختيارا، فقال: «ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ» [سورة فصلت: آية ١١]، كما عرض -سبحانه وتعالى- الأمانة على السموات والأرض والجبال، وجعل لهن اختيارا، فرفضن تحمل الأمانة، قال تعالى: «إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا» [سورة الأحزاب: آية ٧٢].