رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجوع يتصاعد.. والوقت يضيق

الجوع الحاد يتصاعد فى مختلف أنحاء العالم. وبعد رحلة إلى أفغانستان، التى يدعم برنامج الأغذية العالمى حوالى ٢٣ مليون شخص فيها، أكد البرنامج التابع للأمم المتحدة، فى بيان، أصدره أمس الإثنين، أن هناك الآن أكثر من ٤٥ مليونًا، فى ٤٣ دولة «يسيرون نحو حافة المجاعة»، بسبب النزاعات و«كورونا المستجد» وحالات الطوارئ طويلة الأمد و... و... وتغير المناخ.

يحتاج تجنب المجاعة إلى سبعة مليارات دولار سنويًا، لا يمكن تغطيتها من مصادر التمويل التقليدية، التى تجاوزت طاقتها أساسًا، بحسب البيان الذى أشار إلى أن العائلات التى تواجه انعدام الأمن الغذائى الحاد تضطر إلى «اتخاذ خيارات مدمرة»، مثل تزويج الأطفال مبكرًا، أو إخراجهم من المدرسة، أو إطعامهم الجراد أو الأوراق البرية أو الصبار. ونقل البيان، عن تقارير، أن أسرًا فى أفغانستان قامت ببيع بناتها فى محاولة يائسة للبقاء على قيد الحياة، بسبب موجات الجفاف المتعددة، التى تزامنت مع الانهيار الاقتصادى والسياسى والأمنى، فى حين لا يعرف نحو ١٢.٤ مليون شخص فى سوريا من أين ستأتى وجبتهم التالية. كما أشار البيان إلى زيادة الجوع الحاد فى إثيوبيا، وهايتى، والصومال، وأنجولا، وكينيا وبوروندى.

بالتزامن، حذّرت دراسة صدرت على هامش الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، «كوب ٢٦»، التى لا تزال منعقدة فى مدينة جلاسكو البريطانية، من أن الدول الـ٦٥ الأكثر عرضة لتداعيات التغير المناخى فى العالم، ستشهد انخفاضًا فى إجمالى ناتجها المحلى بمعدل ٢٠٪ بحلول سنة ٢٠٥٠، وبنسبة ٦٤٪ سنة ٢١٠٠، إذا ارتفعت درجة حرارة العالم بـ٢.٩ درجة مئوية. وحال تحقق الهدف الأكثر طموحًا لاتفاقية باريس للمناخ، وعدم تجاوزها عتبة الـ١.٥ درجة مئوية، فإن إجمالى الناتج المحلى لهذه الدول سيتراجع بنسبة ١٣٪ بحلول ٢٠٥٠، وبنسبة ٣٣٪ مع نهاية القرن الحالى. 

الدراسة، التى أعدتها منظمة «كرستيان أيد»، أكدت أن أكثر من ثلث دول العالم يحتاج إلى مساعدات عاجلة للتمكن من تعزيز قدرة اقتصاداتها على الصمود وتحمّل موجات الحر والجفاف والفيضانات والعواصف التى فاقمها الاحترار العالمى الشديد والمميت. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مارينا أندريفيتش الأستاذة فى جامعة «هومبولت» الألمانية، التى لعبت دورًا أساسيًا فى إعداد الدراسة، أن «قدرة الدول الواقعة فى جنوب الكرة الأرضية على التنمية بشكل مستدام معرّضة للخطر الشديد». 

أبرز ما استوقفنا فى تلك الدراسة هو إشارتها إلى أن ثمانى دول من العشر الأكثر تضررًا تقع فى قارة إفريقيا، ورجحت الدراسة أن يتضرر ناتجها الإجمالى المحلى بنسبة تتجاوز الـ٧٠٪ بحلول عام ٢١٠٠، حال استمرار السياسات المناخية الحالية، وبنسبة ٤٠٪ لو تم حصر الاحترار العالمى بـ١.٥ درجة مئوية. ما يعيدنا إلى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال قمة جلاسكو، التى دعا فيها إلى ضرورة منح دول القارة معاملة خاصة، نظرًا لوضعها الخاص وحجم التحديات التى تواجهها، ولأنها، برغم عدم مسئوليتها عن أزمة المناخ تواجه التبعات الأكثر سلبية للظاهرة، وما تترتب عليها من آثار اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية. 

الأرقام تقول إن قارة إفريقيا لديها فجوة تمويلية تبلغ ٢.٣ تريليون دولار فى بنيتها التحتية الأساسية. وطبيعى أن يتم البحث عن سبل لسد تلك الفجوة، قبل الحديث عن تحفيز الاستثمارات الخضراء، وتعزيز البنية التحتية منخفضة الكربون فى القطاعات الاستراتيجية، مثل النقل والزراعة والتعدين والتصنيع. 

الوقت المتبقى لمعالجة أزمة التغير المناخى، أو لتفادى المزيد من الكوارث الطبيعية، يضيق. وفى مواجهة الدمار الاقتصادى، بدأ الوقت يضيق، أيضًا، بحسب تعبير رؤساء ٤٠ مؤسسة خيرية تقدم مساعدات للجياع فى الولايات المتحدة، طالبوا الكونجرس بالإسراع فى تبنى خطة الدعم الجديدة، لمساعدة ٢٩ مليونًا من الأمريكيين، قال مكتب الإحصاء الأمريكى، إنهم لا يجدون ما يكفيهم من الطعام فى غالبية أيام الأسبوع. والوضع أكثر سوءًا فى بريطانيا، التى سبق أن دعا عدد من أعضاء مجلس العموم «البرلمان»، منذ سنتين، إلى استحداث وزارة لـ«الجوع»، يكون هدفها مواجهة مشكلة انعدام الأمن الغذائى!