رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عماد عبد الحافظ: «في السجن» خلاصة تجربة خضتها داخل جماعة الإخوان

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

يصدر قريبًا عن دار بوك هاوس للنشر والتوزيع، كتاب جديد للباحث عماد علي عبد الحافظ، تحت عنوان "في السجن عرفت الإخوان". 

وكشف عبد الحافظ لـ"الدستور" عن ملامح الكتاب مشيرًا إلي أن هذا الكتاب هو خلاصة تجربة ذاتية خضتها داخل جماعة الإخوان استمرت نحو خمسة عشر عامًا، بدأتها عندما كنت طالبًا بالجامعة في العام 2002، وانهيتها بالخروج منها في العام 2017 أثناء قضائي لفترة حبس احتياطي على إثر اتهام في إحدى القضايا المتعلقة بالجماعة، وقد خرجت منها بعد حصولي على حكم بالبراءة.

وأوضح عبد الحافظ: وما بين هذين التاريخين يمثل مضمون هذا الكتاب، وقد كانت لطبيعة الفترة التي قضيتها في الجماعة، وطبيعة المستوى التنظيمي الذي كنت فيه والدور الذي كنت أقوم به في الجماعة، وأيضًا للأسباب والسياق الذي تركت الجماعة خلاله، دور في طبيعة الكتاب من حيث فكرته ومضمونه وطريقة تناوله؛ فأولًا من حيث فترة الانتماء للجماعة فقد كان نشاطي يتركز في إطار العمل مع الأطفال والشباب منذ محاولات إدخالهم وضمهم للجماعة، ثم العناية بهم وتلقينهم أفكار الجماعة وغرسها فيهم بناءً على قناعة حينها بصحة تلك الأفكار، ثم العمل في لجنة التربية التي تعتني بأمر التكوين النفسي والفكري لأعضاء الجماعة عمومًا، وثانيًا من حيث سياق الخروج من الجماعة وأسبابه، فإنه كان انشقاقًا فكريًا بناءً على مراجعة فكرية قمت بها داخل السجن.

عبد الحافظ: هذه أسباب انشقاقي عن جماعة الإخوان

وأضاف "عبد الحافظ": ثلاثة أسباب رئيسية ساهمت في انشقاقي عن الإخوان؛ الأول هو أنه خلال فترة السجن كنت أفكر في السبب الذي يجعل الجماعة تسقط هكذا من سدة الحكم إلى قاع السجون؟ أليس أمرًا غريبًا هذا التحول والسقوط المروع! حينها كانت لدى الإخوان رواية وحيدة تفسر ما حدث، وهي أن كل ما يحدث إنما هو نتيجة لصراع الحق مع الباطل، لكن هذه الرواية لم ترق لمجموعة صغيرة داخل السجن كنت واحدًا منهم؛ حينئذٍ قررت أن أخوض رحلة البحث بنفسي واعتمادًا على عقلي لا عقل الجماعة.

ثانيًا الصورة الذهنية لدي عنهم والتي كانت ترسخها الجماعة فينا عن أنها قيادات ربانية ذات قدرات كبيرة للغاية! لأكتشف أنها صورة غير صحيحة بالمرة، وأنها قيادات فارغة عقليًا وروحيًا.

ثالثًا هو أن فترة السجن كانت مناخًا مناسبًا للخلوة الذهنية والتفكير وإعادة النظر في الكثير من الأمور وترتيبها.

وأردف "عبد الحافظ": بناءً على ما تقدم؛ فإن الكتاب جاء مزيجًا بين الرؤية النظرية والعملية، حيث تناولت فيه ما توصلت إليه من أفكار حول أهم العيوب التي وجدتها في الجماعة بعد عملية المراجعة الفكرية التي قمت بها، والتي وجدت أنها عيوب لا تقتصر على بعض الممارسات السياسية والتنظيمية للجماعة، ولكنها عيوب بنيوية تمس الأسس التي تقوم الجماعة عليها ونشأت معها، والتي تجعل من أي محاولة لإصلاحها عملية غير مجدية، لأن الجماعة قد أصابها ما أسميه بـ "عيوب التصنيع"، وعلى ذلك فقد تناولت خمسة من العيوب، وهي، التكوين النفسي والفكري لأفراد الجماعة، ومشروع الجماعة الرئيس وهو الخلافة، وأهم المفاهيم الأساسية لديها وهي الخاصة بمفهوم الدولة والجهاد والتمكين، ومنهج التغيير الذي وضعه البنا وهل هو سلمي متدرج أم أن القوة خيار أساسي فيه، وأخيرًا طبيعة التنظيم الشمولية ذي النزعة السلفية، ثم حاولت في النهاية أن أضع تصورًا لمستقبل الجماعة، وقد نسجت في هذا الثوب العديد من المواقف الشخصية والنماذج الواقعية التي عشتها ورأيتها للتدليل على ما طرحته من أفكار، كما تناولت فترة السجن وأوردت بعض الصور التي رأيتها بداخله عن أوضاع الإخوان وتحدثت عن السياق الذي قررت خلاله تلك الجماعة، ليكون الكتاب في النهاية ملخصًا لرحلة عقل يرصد كيف شكلته الجماعة في البداية، وما هي القناعات التي غرستها بداخله وشكلت صورته الذهنية عن نفسه وعن العالم كما شكلت آلافًا غيره، ثم يرصد كيف تغيرت هذه القناعات وتلك النظرة وما أسبابه، ثم يرصد أخيرًا كيف أصبح وما هي المفاهيم الجديدة التي تكونت لديه بعد أن بحث وفكر بنفسه.

 "في السجن" كتاب يمزج بين الجانبين العملي والنظري

وشدد "عبد الحافظ" قائلًا: “وقد راعيت أن يكون الكتاب مزيجًا بين الجانب النظري والعملي لسببين، فمن ناحية هذه هي طبيعة تجربتي كما ذكرت، ومن ناحية أخرى لأن ذلك يحقق هدفًا مهمًا وهو دعم الجانبين لبعضهما؛ حيث قد يرى القارئ إذا ما اقتصر الكتاب على سرد المواقف فقط أن ذلك ربما يكون تجنيًا على الجماعة، أو مجرد تجربة شخصية لا تمثل إلا صاحبها، ومن ثم لا يمكن تعميمها على جماعة بهذا الحجم وهذا التاريخ، ومن زاوية أخرى قد يرى القارئ كذلك إذا ما اقتصر الكتاب على الجهد النقدي للأفكار أن ذلك قد يعبر عن قراءة غير دقيقة لأدبيات الجماعة وتاريخها ومواقفها، ولذلك فإن المزج بين نقد الأفكار بشكل نظري وبين وضع صور واقعية من خلال التجربة الذاتية يدحض الحجتين السابقتين، فنقد الأفكار والمشروع على المستوى النظري بشكل موضوعي وهادئ يساهم في محاولة إقناع القارئ بأدلة عقلية، كما أن ذكر المواقف الشخصية التي مر بها الكاتب بنفسه يعضد هذا الإقناع ويقويه”.