رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حوارات المنتصرين.. العريف محمد خاطر: المشير طنطاوى قادنا للانتصار فى «المزرعة الصينية»

نصر اكتوبر
نصر اكتوبر

«ظللت أنطق الشهادة وأغمضت عينى لدقيقة كاملة فى انتظار الموت.. لكن الله كتب لى النجاة مرة أخرى، حتى أقاتل مع زملائى فى الحرب».. بهذه الكلمات بدأ البطل عریف مقاتل محمد خاطر محمود حديثه عن الأيام الأولى من حرب أكتوبر ١٩٧٣، التى لا يزال يعيش على ذكراها، ولا ينام الليل إلا فجرًا لأنه يتذكرها بفخر وعزة فى كل ليلة.

وقال «خاطر»، راويًا ما حدث فى هذا الموقف: «أحد زملائنا من مقاتلى الدفاع الجوى أطلق صاروخ (استريلا) روسى مضاد للطائرات، فأصاب طائرة إسرائيلية فانتوم فوق رءوسنا داخل الكتيبة، وكنا ننظر لها فى الأعلى وهى تسقط على رءوسنا، ونحن ننطق الشهادة انتظارًا للموت، لكننا وجدناها تسقط بعيدًا عنا بنحو ٥٠٠ متر».

وكشف عن أنه التحق بالقوات المسلحة فى ٩ ديسمبر ١٩٧٢، بداية من سلاح «المشاة»، ومنه تم إلحاقه بإحدى كتائب «الفرقة ١٦» التابعة للجيش الثانى الميدانى، التى تعد من أشهر الكتائب التى دمرت أكبر عدد من الدبابات الإسرائيلية خلال العمليات الحربية، وتحديدًا ١٤٠ دبابة.

وأضاف أن الإسرائيليين كانوا يطلقون على هذه الكتيبة اسم «آكلة الدبابات» و«عفاريت عبدالجابر»، نسبة إلى قائدها المقدم عبدالجابر أحمد، بعدما بث أبطالها فى قلوبهم الرعب من خلال الرباط فى حفر تحت الأرض، وإطلاق صواريخ «فهد» التى كانت تصطاد دبابات العدو.

وبيّن أنه كان مقاتلًا ضمن أطقم الصواريخ المضادة للدبابات، وهو عبارة عن صاروخ نصف متر يُطلق من صندوق تحكم بحفر برميلية، خلال دقيقتين، سواء صواريخ «فهد» أو «مالوتكا» الروسى، التى كانت لها عامل كبير فى إحراز نصر أكتوبر.

وواصل: «عبرت مع الكتيبة يوم ٦ أكتوبر، تحت قيادة المقدم عبدالجابر أحمد على، والرائد أحمد رزق، والنقيب النعناعى، والنقيب إبراهيم عثمان، ضمن الفرقة ١٦ مشاة میکانيكا، وكنا مشاة مترجلين قطعنا ٧ كم سيرًا على الأقدام، بالتزامن مع عبور الدبابات المصرية إلى عمق القوات الإسرائيلية».

واستكمل: «كان الجو مظلمًا للغاية، مع الانتشار المفتوح للدبابات بشكل عرضى وليس طوليًا، ففوجئنا بدبابة مقبلة علينا من بعيد، وكان الكل يقول إنها مصرية، لكنى انتبهت من لونها إلى أنها إسرائيلية، فقد كانت (كُحلى غامق) فى الظلام، وبمجرد اقترابها استدار برج الدبابة نحونا لاستهدافنا، فأبلغت زميلى وكان اسمه (عبدالحميد)، فوجّه لها ضربة آر بى جى، فطار برج الدبابة من مكانه، ثم قتلنا من لحقناه من الإسرائيليين بداخلها».

كما تذكر مشاركته فى معركة «المزرعة الصينية»، رفقة الكتيبة ١٦ بقيادة المقدم، فى ذلك الوقت، محمد حسين طنطاوى، قائلًا: «المشير طنطاوى كان مقاتلًا شرسًا وعسكريًا من الدرجة الأولى، تمكن من نصب مصيدة للدبابات الإسرائيلية فى معركة صعبة للغاية ودمرها، فحينها كانوا يحاولون صنع ثغرة بقيادة آرئيل شارون، لكنهم فشلوا».

وأضاف: «دفع الإسرائيليون بلواء مظلى من قوات النخبة الإسرائيلية، وكان قتالنا معهم شرسًا للغاية، والمشير طنطاوى أرسل قواتًا من الشرق إلى الغرب، حتى يقاتلوا العدو قتال شوارع بالقنابل وآر بى جى وأسلحة خفيفة»، مشيرًا إلى أن «طنطاوى» كان يبث فيهم روح الاستبسال والقتال والقوة، ودائمًا ما يبشرهم بالنصر، خاصة أن معركة «المزرعة الصينية» استمرت ٤ أيام، حتى فترة وجيزة من إيقاف إطلاق النار من الجانبين.

وإلى جانب «المزرعة الصينية»، شارك «خاطر» فى معركة «نقيشة» جنوب الإسماعيلية، واستمر فى عطائه بالقوات المسلحة حتى عام ١٩٧٦، وحصل على شهادتى تقدير وعبور.

ولم ينس «خاطر» زميلًا مقاتلًا له من صائدى الدبابات، كان اسمه «مخلص» من أسوان، تمكن خلال الحرب من أسر دبابة إسرائيلية، وتحرك بها هو وزميل ثالث تجاه الكتيبة، فهمّ أفراد الكتيبة لاستهدافها لكونها إسرائيلية، لكن فى اللحظة الأخيرة تراجعوا، بعدما رأوا بالنظارات المعظمة زميلهم «مخلص» يؤدى حركات استعراضية على الدبابة، متابعًا: «تلك الدبابة واحدة من القطع التى عُرضت فى معرض (غنائم أكتوبر)، الذى تم تنظيمه بالجزيرة فى القاهرة».

وتذكر كذلك صديقًا له من الإسكندرية اسمه «يوسف»، كان فى كتيبة استطلاع أخرى، ورآه خلال الحرب وقدم له الطعام، ثم عاد إلى كتيبته لاستكمال عمله مع زملائه المقاتلين، وعندما عاد «خاطر» من الحرب إلى الإسكندرية، استقبله الأهالى هناك بترحاب شديد، وسألته أسرة «يوسف» عنه، قائلين إنهم لم يستطيعوا التواصل مع ابنهم ولا يعرفون مصيره، فأكد لهم أنه حى يرزق وأنه رآه وجهًا لوجه، مضيفًا وهو يضحك: «وكأنه مشهد من مسلسل (المال والبنون)».