رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فن الإنصات

الإنصات
الإنصات

يعد الإنصات واحًدا من أهم جوانب التواصل، فالمستمع الجيد لا يستمع فقط لما هو موافق عليه، وإنما يستمع أيضًا لما هو مختلف معه. كما تعد عملية الإنصات من العمليات الصعبة؛ لأنه يتم فيها تحليل وفرز وتصنيف، وحُكْمٌ على ما يتم سماعه من الآخر.

إن الإنصات هو النصف الآخر للتحدث. وإذا توقف الناس عن الإنصات، فلا  فائدة من التحدث، وهذه نقطة لا يقدرها المتحدثون غالبًا.

الانصات الجيد يتطلب تدريبًا. قال الفيلسوف الأمريكي رالف إيمرسون:"ما نثابر على فعله يصبح سهلًا؛ ليس لأن طبيعة المهمة قد تغيرت، وإنما لأن قدرتنا على القيام بها قد زادت".

 

يوضح د. "ديفيد فيسكوت"أهمية الانصات، فيقول:"إليك نصيحة رائعة: استمع للآخرين، هذا كل شيء .. فعندما يتحدث الآخرون، دعهم يعبرون عن أفكارهم، وآرائهم، ولا سيِّما مشاعرهم. لا تكتف بمجرد منحهم فرصة كي يتحدثوا، بل استمع لما يقولون، بانتباه كافٍ، وحاول أن تفهم ما يقولونه".

"استمع فقط؛ إذ ليس لزامًا عليك أن توافق شخصًا آخر، يتحدث عن آرائه ومشاعره، أو أن تعبر عن آرائك أو أحاسيسك. هل يسبب لك هذا الأمر أية مشكلة؟ هل تشعر بحاجتك إلى التعبير عن آرائك، أو مشاعرك وإبرازها للآخرين. لن يسمعك أحد على أية حال ، ولن تنال سوى ضياع فرصتك في التحدث" . 

"استمع دون التربص لفرصة كي تتحدث ، أو تنقض على الشخص الآخر، أو تصحح أخطاءه. إن الحجج والمعلومات التي يأتي بها هذا الشخص الآخر، لا بد أن بها قدرًا من المغالطات والأخطاء، وكذلك أنت".

"استمع في صمت حقيقي، فذلك لن يقتلك. فقط استمع؛ فالجميع يعتقدون أن المستمع الجيد شخص ذكي" . 

"استمع. إنك لست في حاجة لإقناع الآخرين، فقط حاول استيعاب ما يقولونه. وإن لم تستطع، يمكنك حينئذ أن تسأل المتحدث:" هل يمكنك أن تشرح لي هذه النقطة؟" أو:"ماذا تعني بالضبط؟". ولكن لا تطرح رأيك، بينما يتحدث الآخرون.. فقط، دع لهم الفرصة كي يتحدثوا". 

"إن المستمع الجيد يستطيع سماع الأفكار غير الشفهية. لذا، فحينما ينتهي الشخص الآخر من الحديث، اذكر له تلك الفكرة الداخلية، التي راودتك أثناء حديثه. حينئذ سيشعر المتحدث أنك سمعت وفهمت ما يقول، وحينئذ سيصبح الموقف هادئًا؛ لأن الشخص الآخر سينصت إلى ما سمعته .. وهكذا سوف يتلاشى الضغط، وتستطيع الانسجام مع إيقاع الحياة. استمع، فلا شيء يعادل أن تكون مسموعًا .

  • رغم أن الناس يتعلمون الإنصات قبل تعلم التحدث، فإن القليل منهم نسبيًّا من يستطيع الإنصات جيدًا، والقليل جدًّا قد تعلم فن الإنصات.
  • إن الإنصات يمكن أن يكون علاجًا فاعلًا، غير مكلف لكثير من المشكلات والحاجات البشرية، بينما يعد الفشل في الإنصات سببًا رئيسًا في حدوث الأخطاء، وسوء الفهم والصراعات.
  • إن الإنصات قوة جاذبة تجذب الناس نحوك. ولا توجد طريقة مؤكدة، تجعل الناس يحبونك، أكثر من أن تمنحهم الإطراء الناتج عن الاهتمام والتعاطف. والبشر، بوجه عام، يريدون أن يتعاملوا مع شخص يهتم بهم.
  • تذكر أن الشخص الذي تحدثه يكون مهتمًّا بنفسه وحاجاته ومشكلاته ألف مرة، أكثر من اهتمامه بمشكلاتك. إن ألم أسنانه له معنى عنده، أكثر مما تعنيه مجاعة في الهند قتلت مليون شخص. إن المراد هو:"كن مستمعًا جيدًا، وشجِّع الآخرين على التحدث عن أنفسهم".

 

  • لقد وضع ألبرت آينشتاين معادلة النجاح، كما يلي:

س+ ص+ ع= النجاح

وعندما طلب منه أن يستطرد، قال: إن "س" تمثل العمل الجاد، و"ص" تمثل المرح. وعندما سئل عم تمثله "ع"، قال: "هي القدرة على إبقاء فمك مغلقًا". ويمكننا أن نفترض أن الشخص ينصت أفضل، عندما يكون فمه مغلقًا.

  • قال د."بايور": "يمكن أن تكون الكلمات أشياء عديدة.. يمكن أن تكون أسلحة، يمكن أن تكون رسول سلام، يمكن أن تكون مثل اللمسة الرقيقة من اليد الحانية، ويمكن أن تكون قاطعةكالسيف. وإذا قيلت بفظاظة أو بسوء صياغة، فإنها يمكن أن تكون مميتة مثل أي سم".
  • من بين كل مصادر المعلومات التي يمتلكها المدير ... يعد الإنصات أكثرها أهمية، فلا توجد أداة تضارع الإنصات الماهر المتعاطف، فالمدراء يمكنهم أن يزيدوا فعليًّا من نجاحهم– بل ويضاعفوه– عن طريق إمساك ألسنتهم والإنصات بحق.
  • يمكن للإنصات أن يصنع الفارق بين المعرفة والجهل، والعلم والضلال، والمتعة والملل.
  • الإنصات الجيد يتطلب تعاطفًا، وهو ما يعني الاستماع بقصد الفهم.
  • الإنصات المثالي يتم بالعينين والقلب.

            قال "وليام شكسبير": "امنح كل شخص أذنيك كلتيهما، ولكن قليلًا من صوتك.. تقبل نقد كل شخص، ولكن احتفظ بحكمك لنفسك".

  • قال "مارك توين": "لو كان من الطبيعي أن نتكلم أكثر مما نستمع، لكان لدينا فمان وأذن واحدة".

ترى، لماذا يحتاج كل منا إلى من ينصت له؟

  1. يحتاج الناس إلى من ينصت لهم؛ لأن هذا يشعرهم بأهميتهم.
  2. يحتاج الناس إلى من  يفهمهم ويتحقق ذلك، من خلال الانصات لهم.
  3. تزداد حاجة الناس إلى الإنصات لهم، عندما يكونوا مجروحين حقًّا. وعندما تكون لديك رغبة صادقة في الإنصات لهم، سوف تدهش من مدى سرعة انفتاح الناس لك.
  4. عندما تنصت بفاعلية، تمنح الآخرين قدرًا من الراحة النفسية، وتلهمهم الإخلاص الحقيقي.
  5. الإنصات يعكس احترامك للآخرين واهتمامك بهم، لدرجة تجعلك تنصت لهم، وعليك أن تكون متسامحًا نحو وجهات النظر المختلفة وتقدرها.

وكما قال أرسطو: "دعنا نجعل الإنصات الفاعل عادة "أساسية".

في السطور التالية، نقدم لكم الوصايا العشر من أجل الإنصات الفاعل:

  1. توقف عن التحدث! لا يمكنك الإنصات إذا كنت تتحدث.
  2. "امنح كل شخص أذنيك كلتيهما، ولكن قليلًا من صوتك".
  3. يسر الأمر على المتحدث؛ أي ساعده على أن يشعر بالحرية للتحدث، وهذا غالبًا ما يسمى "المحيط المتسامح".
  4. اجعل محدثك يدرك أنك تريد أن تنصت: فلا تقرأ بريدك- مثلاً- بينما يتحدث، أنصت من أجل الفهم بدلًا من الرد.
  5. أبعد المشتتات: لا ترسم أو تنقر على المكتب، أو تخلط الأوراق، وسيكون من الأكثر هدوءًا أن تغلق الباب.
  6. تعاطف مع محدثك: حاول أن تضع نفسك مكانه؛ لكي ترى الأمور من وجهة نظره.
  7. كن صبورًا: امنح محدثك فسحة من الوقت، لا تقاطعه، ولا تكن أول من يتجه إلى الباب أو يمشي بعيدًا.
  8. تمالك أعصابك؛ لأن الشخص الغاضب يفهم دائمًا معنى خاطئًا من الكلمات.
  9. كن متسامحًا في المجادلات والنقد، فهذا يجعل محدثك في وضع دفاعي، ربما "يرفض الحديث" أو يغضب، لا تجادل؛ لأنك  حتى وإن ربحت المجادلة، فقد خسرت محدثك.
  10. اطرح أسئلة: هذا يشجع محدثك، ويظهر أنك تنصت، ويساعد في تطوير نقاط بعد ذلك.
  11. توقف عن التحدث! هذه هي الوصية الأولى والأخيرة؛ لأن كل الوصايا الأخرى تعتمد عليها، فلا يمكنك أبدًا أن تقوم بعملية إنصات جيدة، وأنت تتحدث.