رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كاتب تونسى: انهيار الإخوان بدأ من مصر

الإخوان
الإخوان

قال الكاتب التونسي حكيم مرزوقي، في مقال له عبر صحيفة "العرب البريطانية"، إن المشروع السياسي للإخوان في الحكم سقط تماما، وتابع:  يمكن القول إن نظرية "أستاذية العالم" التي صاغها مؤسس التنظيم حسن البنا تتهاوى،  وليس بإمكان العالم أن يستوعب مثل هذه الأكاذيب أكثر من مئة عام.

 

وقال الكاتب التونسي تعليقا على الاستقالة الجماعية التي تقدم بها عدد كبير من أعضاء حركة النهضة التونسية، إنها بمثابة الزلزال المدوي الذي من شأنه أن يهز الكيان بأسره، وليس مجرد تململ داخلي أو محاولة لضخ دماء جديدة في جسد حركة مشلولة كما يحدث في أي حزب سياسي، حيث جاءت الاستقالات أكثر مما يتوقعها خصوم النهضة أنفسهم.

 

وتابع الكاتب التونسي: أن الأزمة التي حلت بحركة النهضة هي إذن هيكلية، ولا يمكن وصفها إلا بالانهيار الكامل الذي يصعب الترميم أو البناء من بعده، مما يعقد مستقبلها السياسي.

 

وأضاف: الواقع أن هذا التصدع التنظيمي لم يكن مفاجئا لمن راقب وتابع مشاكل الحركة منذ مؤتمرها الأخير، والخلافات التي تسبب فيها زعيم الحركة راشد الغنوشي الذي بدا مترنحا أمام ضربات جاءته من كل حدب وصوب، في الحزب وداخل البرلمان، بالإضافة إلى اهتزاز صورته وتشوهها بعد خمسين عاما من العمل السياسي، اختار على إثرها أن يخرج من الباب الصغير ضاربا بعرض الحائط نصيحة الخصم والحليف على حد سواء.

 

الأمر الآخر هو أن هذا التراجع الذي بلغ درجة التقهقر والانهيار لا يخص "النهضة" في تونس وحدها بل جميع أحزاب وحركات الإسلام السياسي في المنطقة والعالم، فمنذ أيام، وبعد 10 سنوات من قيادته الائتلاف الحكومي، أعلنت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في المغرب استقالة جميع أعضائها وعلى رأسهم الأمين العام سعدالدين العثماني بعد هزيمة انتخابية قاسية بسبب التصويت العقابي والسياق الإقليمي

.

ومنذ سقوط حكم الإخوان في مصر ومحاصرة نشاطاتهم في دول خليجية، بدأت كياناتهم تتهاوى الواحد بعد الآخر، مرورا بالسودان الذي ظل حليفاً لحماس لفترة طويلة في عهد الرئيس عمر البشير، ووصولا إلى ليبيا.

 

 وتابع: قارب الإخوان يغرق برمته، وقراصنته يهربون في اتجاهات عديدة وبتبريرات واهية ومتنوعة كالحديث عن مؤامرات خارجية أو اللجوء إلى مراجعات تعيد تغليف السلوك التكفيري والبحث عن تحالفات غير مقنعة وضخ المزيد من المال السياسي أو الاستنجاد بمنظمات حقوقية عالمية عبر تكرار إسطوانة المظلومية التاريخية.

 

وأوضح أنه الآن وبسقوط المشروع السياسي للإخوان في الحكم، يمكن القول إن نظرية "أستاذية العالم" التي صاغها مؤسس التنظيم حسن البنا عام 1928 تتهاوى، وليس بإمكان العالم أن يستوعب مثل هذه الأكاذيب أكثر من مئة عام. إنه العمر الأقصى لأي نظرية تريد أن تحكم العالم، فما بالك بعقيدة مبنية على السيطرة والإقصاء والتكفير، وتاريخها حافل بالاغتيالات.

 

الحلول المتوقعة التي يمكن أن تلجأ إليها حركة النهضة في تونس بعد هزيمتها المدوية ليست كثيرة، ولا مجدية أو محمودة العواقب، ذلك أنها فقدت “مصداقيتها” على أرض الواقع وخسرت الكثير ممن كانوا يقولون عند أول انتخابات إنها "تخاف ربي" وأعطوها أصواتهم فبادرتهم بالنكران ثم عادت تتملقهم بالوعود وكأنها تشتري أصواتا بدل تلك التي خسرتها.. والنتيجة هي المزيد من الفشل، لكن تعويلها كان دائما على المسألة الإيمانية لدى شعب طيب لكنه ليس مغفلا.

 

أهم هذه الحلول المتوقعة هو أن يشكل المنشقون من حركة النهضة حزبا سياسيا يتودد للرئيس قيس سعيد الذي لا يمتلك حزبا، ويحاول هؤلاء العمل تحت يافطة مموهة، ولكن هل يؤتمن جانبهم بعد الذي وقع؟ فليس كلهم من "التوابين"، ثم من أدراهم أن التونسيين ما زالوا يتمسكون بالأحزاب.. بدليل وقوفهم غير المشروط، فرادى وجماعات، نخبا وشعبيين، إلى جانب رجل بلا حزب؟