رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تنوير العقول».. كيف استطاعت الدولة محو الأمية في 6 محافظات خلال 18 شهرًا؟

فصل للأميات
فصل للأميات

وضعت الحكومة في حسبانها ظل التحول الرقمي والتقدم التكنولوجي المتسارع لمواكبة العالم، تنمية المواطن المصري وتأهيله لهذا التقدم، حيث سعت من خلال التوسع في المعاهد والكليات التكنولوجية خلق شباب قادر على المنافسة العالمية.

 وانتبهت لوجود نسبة كبيرة من المواطنين تخلفوا عن قطار التعليم، فسعت من خلال المبادرات الحكومية والمجتمعية لمحو أمية ملايين المواطنين اللذين حالت ظروفهم والعادات والتقاليد لإتمام تعليمهم.

وقالت الدكتورة لبنى محمد، من محافظة الفيوم، التي بدأت من الأمية وحتى حصولها على الدكتوراه بمرتبة الشرف مع التوصية بطباعة وتبادل الرسالة لتميزها، إن الظروف العائلية أحالت دون إلتحاقها بالتعليم؛ نظرًا العادات والتقاليد التي تمنع تعليم البنات، فكان حلمها دخول كلية الاثار ومع ذلك لم تستسلم لبنى لهذا الوضع كثيرًا.

وفي الثانية عشر من عمرها، قررت "لبنى" التعلم ومحو أميتها وتحقيق حلمها فأبلغت أسرتها بهذا القرار حيث لم يستطع أحد يقف في وجه هذا الإصرار والتحدي على إستكمال الدراسة فالتحقت بفصول محو الأمية لمدة سنة من خلال حلقات تعليم الكبار بالقرية خلال ثلاثة شهور فقط.

خلال عام واحد فقط استطاعت الحصول على شهادة محو الأمية وهي تعادل شهادة الابندائية ولكنها لم تقف عند هذا الحد من الطموح فقررت الإلتحاق بالإعدادية، وكانت من المتفوقين دراسيًا، وحصلت شهادة الثانوية العامة بتفوق.

والتحقت بكلية الآثار، وخلال الأربع سنوات كان التقدير امتياز، ومع مرور السنوات وتوسع الأفاق كبر الحلم مع لبنى لتحاول الالتحاق بسلك التدريس، لتلتحق بالدراسات العليا في عام ٢٠١٧، وتحصل على الماجستير بتقدير امتياز ومن بعدها الدكتوراه، والحصول عليها بمرتبة الشرف مع التوصية بطباعتها والتبادل بين الجامعات لأهميتها.

اهتمام كبير بتغيير شكل مصر

وفي ذات السياق، قال الدكتور عاشور عامري، رئيس الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، أن الهيئة طُلب منها محو أمية المحافظات الحدودية خلال عامين فقط وفق رؤية القيادة السياسية المصرية التي تولي اهتماما كبيرًا، بتغيير شكل مصر وبناء جمهورية جديدة يحظى فيها المواطن المصرية بحياة كريمة خالية من الفقر والجهل والمرض، وهو كان بمثابة تحدي لنا في تحقيق هذا الهدف خلال المدة المطلوبة وبالفعل عملنا على تحقيق هذا الهدف بالتعاون مع المحافظات الحدودية وعددهم ٦ محافظات.

ولفت إلى أن الهيئة وفق تعليمات القيادة السياسية نركز بشكل كبير على قرى “حياة كريمة” ورفع مستواها الثقافي والوعي، وهناك 6 محافظات حدودية تم وضع العديد من الحوافز المادية والمعنوية للمدرسين والمواطنين لتشجيعهم على الالتحاق بفصول محو الأمية؛ كذلك تم تكثيف جهود الهيئة مع الجامعات لتشجيع الطلاب الجامعيين بالمشاركة في المبادرة بمحو أمية المواطنين لإعلان مصر خالية من الأمية بحلول عام ٢٠٣٠.

وعن خطة الهيئة لتحقيق ذلك، أكد رئيس الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، أن لديهم خطة استراتيجية لإعلان مصر خالية من الأمية قبل عام 2030، وتكثيف الجهود في المناطق التي بها نسبة سكان كبيرة، بعد حصر الأميين في هذه المناطق بمعاونة كل أجهزة الدولة والوزارات، حيث نعمل على دمجهم في فصول محو الأمية.

انخفاض الأمية بنسبة 6.9%

فيما كشف جهاز التعبئة العامة والإحصاء، خلال آخر مؤشر لحالة الأمية في مصر خلال الفترة (2017- 2019)، والتي بلغت حوالى 25% من السكان في مصر (10 سنوات فأكثر) أميون عام 2017.

انخفض معدل الأمية من 39.4% عام 1996 إلى 29.7% عام 2006، ثم 25.8% عام 2017، وطبقًا لبيانات الهيئة العامة لتعليم الكبار، فإن نسبة الأمية انخفضت إلى 24.6% في يوليو 2019.

وترتفع الأمية بين الإناث عن الذكور، وبلغت اعدادهم 10.6 مليون نسمة بمعدل 30.8%، مقابل7.8 مليون نسمة للذكور بمعدل 21.1%، وارتفعت معدلات الأمية في الريف مقارنة بالحضر بمعدل 32.2% مقابل 17.7% بالحضر وفقا لتعداد السكان عام 2017.

وكشف جهاز التعبئة العامة والإحصاء في تقريره الى انخفاض  معدلات الأمية بين الشباب (15-24 سنة) مقارنة بكبار السن (60 سنة فأكثر)، حيث بلغ 6.9% للشباب مقابل 63.4% لكبار السن وفقا لتعداد السكان عام 2017.

فيما سجـلت محافظة المنيا أعلـى معدل للأمية بنسبة بلغت 37.2%؛ وسجلت محافظة البحر الأحمر أقل معدلات للأمية بنسبة بلغت 12%، و5.69٪ من إجمالى الأميين لديهم صعوبة (إعاقة)، وبشكل عام ترتفع النسبة قليلا لدى الذكور عن الإناث، و 3% من الأميين يستخدمون الحاسب الآلى والإنترنت.

محو أمية 500 ألف أمي

وشرح رئيس الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، أن هذه الإستراتيجية تسعى الهيئة من خلالها لمحو أمية 500 ألف أمى دارس فى فصول محو الأمية خلال العام المالى الجارى وهو ما تم تحقيقه العام الماضي وإستكمالاً لهذا الهدف تتمحور استراتيجية من خلال عملية شاملة وتشاركية تضمنت عقد مشاورات مع 80 دولة من الدول الأعضاء، والجهات الشريكة، وتنظيم اجتماع للخبراء، حول أربع مجالات عمل استراتيجية ذات أولوية، وهي رصد التقدم المحرز وتقييم مهارات الإلمام بالقراءة والكتابة وبرامج محو الأمية.                          

ولفت إلى أن الهيئة لاقت إشادة كبيرة من اليونسكو بسبب ما بذلته من مجهود حيث استطاعت الهيئة محو أمية قرابة 16 ألف أمى خلال أزمة كورونا الأولى و30 ألفًا في الدورة الحالية من خلال التكنولوجيا.

 ونوه بأن هناك 16 مليون أمي فى مصر، وهو رقم كبير سببه وجود مشكلات سابقة، أهمها التسرب من التعليم، والعادات والتقاليد التى تدعو لعدم تعليم الإناث، بالإضافة لعدد من المشكلات بالمناطقة الفقيرة والنائية، ولكن الدولة وضعت خطة كبيرة لحل المشكلة من الجذور.
واستكمل “العمري”، أن الهيئة بدأت في تحويل المناهج إلى إلكترونية، من خلال منصة للدارسين لسهولة التواصل مع المعلمين، وهو كان تحدي كبير يواجة الهيئة لعدم قدرة بعض الدارسين على التعامل التكنولوجي، وهو ما تم التغلب عليه من خلال سماح الهيئة لأحد أفراد عائلة الأمي بمساعدته في المنزل أثناء الدراسة، حتى يجيد التعامل مع التكنولوجيا فيما بعد، مشيرا إلى أن هناك تواصلا بين المعلم و5 دارسين على أقصى تقدير لتوعيتهم بخطورة فيروس كورونا وشرح المناهج.