رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«طائر النار» يتوج بمنحة «آفاق».. ومحمد رياض: يمزج بين الاستقصاء والسرد

الشاعر محمد رياض
الشاعر محمد رياض

أعلن الصندوق العربي للثقافة والفنون، عن فوز مشروع "طائر النار" للشاعر المصري محمد رياض، بمنحة "آفاق" للكتابات الإبداعية والنقدية، ويسعى مشروع "طائر النار" لإعادة بناء سيرة الشاعر الراحل أحمد عبيدة، الذي أشعل النار في نفسه مع كتبه وأوراقه، أغسطس 1974، ولم يعد هناك من أثر يلقي ضوءًا على سيرة حياته القصيرة، ولا مصير أشعاره التي ظن الجميع أنها قد احترقت معه. 

وكانت قصة "طائر النار" حصدت جائزتي الصحافة العربية في دبي، ونقابة الصحفيين المصرية 2018، قبل أن يتوّج المشروع بالمنحة التي تقدم لها 195 مشروعاً من 15 بلداً عربياً، من بينها العراق والأردن والكويت والسودان واليمن. وضمّت لجنة تحكيم الكتابات الإبداعية والنقدية لعام 2021 الشاعرة والمترجمة والكاتبة المصرية ايمان مرسال، الكاتبة والأكاديمية التونسية أميرة غنيم، والكاتب اللبناني هلال شومان. وناقشت اللجنة الطلبات على مدى يومين قبل اختيار 22 مشروعاً للحصول على الدعم.

ويكشف مشروع "طائر النار" جانبا كبيرا من سيرة الشاعر الراحل، في الطفولة والشباب، وكيف شارك كعامل في بناء مشروع السد العالي، وكيف ساهم كمترجم في مفاوضات الكيلو 101 أثناء حرب أكتوبر 1973، فضلا عن قصة اعتقاله ومصادرة أشعاره من قبل نظام الرئيس الراحل، أنور السادات، وتأثير ذلك على قراره بالانتحار، والذي كان إيذانًا بانتحار معنوي لجيل كامل من اليسار المصري، واحتلال الإسلام السياسي المساحة نفسها التي كان يشغلها وسط الجماهير وفي الجامعات المصرية.

الشاعر الراحل أحمد عبيدة

ويمضي المشروع ليكشف عن الحدث الأهم، وهو ظهور أوراق الشاعر أحمد عبيدة، التي ظن الجميع أنه أحرقها، متتبعًا رحلة الأوراق منذ انتحار الشاعر، وكيف كان يجمعها بدأب، ويخفيها بكتمان شديد، ابن أخته، أسامة ياسين، الذي سيصبح بعد ذلك أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ووزيرا للشباب بعد اعتلاء الجماعة منصة الحكم في البلاد، وكيف ظهرت هذه الأوراق من جديد بعد سقوط دولة الإخوان، وإيداع أسامة ياسين سجن العقرب شديد الحراسة، بلا أمل في الخروج للحياة من جديد.

تبدأ أولى مراحل المشروع، بحسب محمد رياض، من قرية الشاعر، حيث كانت بدايته الواعدة، ونهايته المأساوية، أما المرحلة الثانية فهي استطلاع رؤى شهود هذه المرحلة من المثقفين والشعراء والكتاب الذين عاصروا الشاعر ورأوه خلال تجمعاتهم الأدبية، والتي كانت محاطة في هذا الوقت بحيطان من السرية نتيجة الهاجس الأمني لديهم وتغول السلطة في نفس الآن، ثم تأتي مرحلة البحث في أرشيفات الصحف والدوريات الأدبية، في هذا الوقت، وتحديدا عقب رحيل الشاعر في أغسطس 1974، للوقف على كيفية تعاطي الوسط الأدبي والسياسي مع حادث انتحار شاعر من جيل الحرب.

ويتابع شاعر "الخروج في النهار" أن المرحلة الرابعة كانت البحث في أساس الظاهرة نفسها، وهي "الموت المفاجئ" للكثيرين من مبدعي هذا الجيل: أمل دنقل ويحيى الطاهر، والفنان التشكيلي ثروت فخري، ونجيب سرور، وعبد الحكيم قاسم، والناقد أنور المعداوي، وغيرهم ممن غادروا مبكرا جدا، سواء بالانتحار أو بأمراض مستعصية، بدنية ونفسية".

يمزج مشروع "طائر النار" بين البحث الاستقصائي والمعلومات الموثقة والسرد الذاتي والتحليل النقدي وإضاءة المراحل المختلفة، للوصول إلى المعني الحقيقي لحياة الشاعر وموته، وللإجابة عن السؤال الأهم: ما الهدف من إعادة طرحه وإحيائه بعد كل هذه السنوات من الغياب التام عن ساحة الحياة والثقافة.