رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مخاوف من انتقال الإخوان إلى كابول..

خبراء يكشفون لـ«الدستور» سيناريوهات الأيام المقبلة في أفغانستان

أفغانستان
أفغانستان

بعد إعلان حركة طالبان الأفغانية، في بيان رسمي لها اليوم الأحد، سيطرتها على كل أفغانستان، تواصلت "الدستور" مع خبراء للكشف عن سيناريوهات الفترة المقبلة بالنسبة لأفغانستان وللمنطقة.

 

طالبان استفادت من الانسحاب الأمريكي ومخاوف من انتقال الإخوان إلى كابول

قالت الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية نرمين سعيد كامل، أن حركة طالبان استطاعت أن تستفيد بجدارة من خطة الانسحاب الأمريكية من أفغانستان، ولجأت إلى مبدأ التوسع والانتشار السريع فاستطاعت في أيام السيطرة على كبرى المدن الأفغانية بل والوصول إلى قصر الرئاسة في كابول حيث سقطت اليوم العاصمة الأفغانية في قبضة طالبان.

وأوضحت كامل في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه في هذا الإطار يبرز عدد من السيناريوهات أحلاها مر، سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي ويمكن إجمال هذه السيناريوهات في علاقة أفغانستان بمحيطها الخارجي وهي الزاوية الأهم لتناول سير الأمور في أفغانستان.

السيناريو الأول، وهو بعد سيطرة طالبان على كابول ربما يتحرك عناصر الحركة إلى مدينة " ممر واخان" المجاورة لمقاطعة " تشينج يانج" الصينية وهذه المنطقة تتميز بالوعورة وهو الأمر الذي تتعامل معه طالبان بحرفية.

وأشارت كامل إلى أن كل الطرق ليست معبدة لطالبان فعلى سبيل المثال فإن مدينة مزار شريف تشكل شوكة في حلق الحركة حتى بعد نجاح الحركة في الوصول إليها وفرض السيطرة لأن هناك اختلافات قومية عميقة بين أغلبية السكان في مزار شريف والذين ينتمون إلى القومية الطاجيكية في حين تنتمي طالبان إلى القومية الباشتونية الأمر الذي ينذر بأن تعامل الحركة داخل مزار شريف لن يكون بهذه السلاسة فقد يتحالف السكان المحليون في مزار شريف مع قوميات أخرى مثل الأوزبك والهزارة لإقلاق مضاجع طالبان.

وحول العاصمة "كابول"، قالت كامل "فقد اجتازت طالبان العقبة الكبرى والعالم الآن يجلس ليشاهد تجربة أمريكية أخرى خصوصًا بعد تداول الأنباء عن تسليم السلطة لأحمد جلالي الذي شغل من قبل منصب وزير الداخلية، ومن المتوقع أن سيطرة طالبان على كابول تكتب الفصل الأخير فالبلد الحبيسة في آسيا الوسطى لن تجد لها أحد من الحلفاء بعد سيطرة حركة متطرفة على مقاليد الحكم بل أن الأمور يمكن أن تتطور لإحجام الحكومات الأخرى عن اعتراف بشرعية حكومة طالبان كممثل عن الشعب الأفغاني وهو ما سيؤدي في النهاية إلى عزل 40 مليون أفغاني والعودة بهم لعصور ما قبل الحداثة.

وأوضحت كامل أن سيطرة حركة متطرفة على مقاليد الحكم إضافة إلى رحيل القوات الأجنبية سيفتح شهية باقي التنظيمات المتطرفة في أفغانستان "القاعدة" و"داعش" المتمركز في ولاية خراسان على التوغل في الأراضي الأفغانية والعودة إلى كامل النشاط مرة أخرى.

وحول تنظيم داعش على وجه التحديد، قالت كامل فإن هناك مخاوف من أن تصبح أفغانستان معبرًا للإرهابيين من دول أخرى.

واختتمت كامل تصرحاتها قائلة "الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد تتمثل في أن تصبح أفغانستان الملاذ الأخير لعناصر تنظيم الإخوان وقد طرح خلال أحد الاجتماعات الأخيرة لقيادات التنظيم أن تمثل أفغانستان الوجهة الأخيرة بعد رحيل القوات الأمريكية وسيطرة طالبان على 85% من الأراضي الأفغانية".

نرمين سعيد كامل

 

ثلاثة مسارات محتملة للصراع في أفغانستان بعد سيطرة طالبان

وفى السياق ذاته، أشار الدكتور علي دربج أستاذ العلوم السياسة، إلى أن هناك ثلاثة مسارات محتملة للصراع في افغانستان، عقب سيطرة طالبان.

السيناريو الأول الخنق البطيء، كانت الاستراتيجية الرئيسية لطالبان هي احتلال المناطق الريفية التي يصعب على الحكومة الدفاع عنها، ثم تطويق المدن وزيادة الخوف المحلي والسيطرة على حد سواء، والآن يتم تنفيذ هذه الاستراتيجية على نطاق وطني، مع سيطرة طالبان على المقاطعات بطرق تقطع المدن الكبرى عن بعضها البعض، وتقييد الإيرادات والسلع في العاصمة.

وأشار دربج إلى أن استراتيجية التطويق تهدف إلى استنزاف قوة الحكومة بمرور الوقت والفكرة هي أنه مع وجود ضغط وحرمان كافيين، ستقايض الحكومة طالبان من أجل السلام وتعطي طالبان معظم ما تريد في هذه العملية ومع ان هذا سيكون انتصارًا لطالبان ، لكنه قد يؤدي إلى بعض توازن القوى الذي يمكن للفئات العرقية والسياسية المختلفة قبوله.

السيناريو الثاني نقطة التحول: ويتضمن هذا السيناريو وصول طالبان إلى نقطة تحول نفسيّة حيث يبدو أن انتصارهم النهائي لا مفر منه لكتلة حرجة من القادة السياسيين ووسطاء السلطة الذين يغيرون مواقفهم أو يستسلمون بسرعة لتجنب القتال المكلف أو الاضطهاد في ظل نظام سياسي جديد وقد حدث هذا بالفعل في كثير من الحالات، مع تقارير تفيد عن انقلاب البعض على الدولة الافغانية، واستسلامهم، بشكل يفوق عدد حالات المعارك الضارية، من الناحية التاريخية، هذه هي الطريقة التي تتغير بها السلطة في كثير من الأحيان في أفغانستان ففي عام 1996، سرعان ما أصبح ما بدا وكأنه تقدم ثابت ولكن بطيء لطالبان، بمثابة هزيمة للفصائل الافغانية الاخرى، عندما انهارت دفاعات كابول وتمكنت طالبان من التقدم إلى المدينة في غضون أيام قليلة يبدو هذا السيناريو أكثر احتمالًا في ضوء التطورات السريعة الأخيرة لطالبان ومن شأنه أن يوفر لحركة طالبان أقصى قدر من المكاسب، ومن المرجح أن يؤدي إلى عودة الإمارة التي أعلنوا عنها من جانبهم، أو شيء قريب منها.

السيناريو الثالث وهو القفز من الحضيض، وهو السيناريو الأكثر تفاؤلًا، هو أن الحكومة الأفغانية وائتلاف القادة السياسيين المناهضين لطالبان سوف يحفزهم التهديد الوجودي الذي يشكله تقدم الجماعة، للدولة، وبالتالي سيدفعهم الى الاتحاد في شكل أكثر تنسيقاً وحيوية، ويشكلون جبهة معارضة حماسية.

وتابع دربج "لسوء الحظ فإن كل هذه السيناريوهات لها تكاليف بشرية هائلة على الأفغان ومن غير المرجح أن تؤدي إلى الاستقرار في أي وقت قريب إذا صمدت الحكومة الأفغانية فستظل ضعيفة وهشة، وسيتعين عكس زخم طالبان أو إيقافه لفترة من الوقت قبل أن يتم التفاوض على أي تسوية سياسية جادة".

وأشار دربج إلى أنه طالبان ستواجه تحديات حكم رهيبة أكثر وفي مقدمتها، نفور بعض الجماعات العرقية ، والغالبية العظمى من المواطنين الأفغان من طالبان، إذ انهم لا يريدون العيش تحت حكمهم، وذلك بالنظر إلى الفظائع والسياسات القمعية الأخيرة التي ارتكبتها، علاوة على ذلك افتقار "الحركة" لخطة واضحة أو خبرة في إدارة دولة حديثة، وبالتالي هذا سيحرم طالبان مساعدات كبيرة كانت تنتظرها من المانحين، وينزع عنها الشرعية التي اكتسبتها نتيجة اتفاق السلام مع أمريكا.

واختتم دربج تصريحاته قائلًا: "إن إبطاء زخم حركة طالبان ليس بالمهمة السهلة ولكن لا أحد في المنطقة يريد أن يرى سيطرة طالبان على السلطة أو يستفيد من آثار سقوط كابول حتى لو استغرق الأمر بعض الوقت لإعادة تجميع القوات المناهضة لطالبان، فإن الثورة المضادة تبدو حتمية ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية متوازنة وشاملة".

علي دربج