رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة حديثة تجيب: هل أصبح السمك مدمنًا على تناول المخدرات؟

السمك
السمك

تبدو جملة “إدمان الأسماك على المخدرات" غريبة عند سماعها، ويرجع ذلك لأن الأشخاص يتناسون أنه عدد متعاطي المخدرات حول العالم يقدر بنحو 269 ​​مليون شخص  كل عام، ولا يتم ربط تأثيرات هذا الأمر بالبيئة البحرية.


كيف يصبح السمك مدمنا على المخدرات؟ 

 

 تغمر المجاري بالأدوية التي تفرز من جسم الإنسان مع البول، إلى جانب المكونات الكيميائية المتحللة التي لها تأثيرات مماثلة للأدوية نفسها، ولا تقوم محطات معالجة مياه الصرف الصحي بتصفية هذه الأشياء  فهي لم تُصمم من أجل ذلك مطلقًا، وبالنهاية تتدفق الكثير من مياه الصرف الصحي في طريقها إلى الأنهار والمياه الساحلية دون معالجة ولو لمره واحدة.

 

طبقا لموقع الظت bbc  قام باحثون في جمهورية التشيك بالتحقيق في كيفية تأثير الميثامفيتامين وهو نوع من أنواع المنشطات يتناوله الأفراد حول العالم على الأسماك.

 

وفي هذه الدراسة تم  تعريض سمك السلمون لهذا المخدر في خزانات كبيرة على مدار ثمانية أسابيع ثم تم سحب الأسماك  بعد ذلك ووضعهت  في خزانات خالية من المخدرات لمدة 10 أيام، وخلال ذلك الوقت، أختبر الباحثون تفضيل الأسماك للمياه العذبة أو المياه التي تحتوي على الميثامفيتامين وقارنوا استجابة هذه اللأسماك باستجابات الأسماك التي لم تتعرض أبدًا للعقار.

 

كانت النتائج التي توصلوا إليها مثيرة للاهتمام حيث فضلت الأسماك المعرضة للميثامفيتامين الماء الذي يحتوي على العقار، في حين لم يظهر مثل هذا التفضيل للأسماك التي لم تتعرض للمياه التي تحتوي علي المخدر .

 

الأسماك تعاني من أعراض الانسحاب وتغير في كيمياء الدماغ نتيجة للمخدر

 

ووجد الباحثون أيضًا أنه خلال فترة الانسحاب من أخذ المخدر أو المنشط، تقل حركة الأسماك  المعرضة للميثامفيتامين، وطبقا للباحثين ذلك  يعتبر أمراً مثيرا للقلب أو التوتر، ويدعو لإيقاف إدمان المخدرات لدى البشر .

 

كما اختلفت كيمياء دماغ الأسماك المعرضة المخدر وحدثت العديد من التغييرات في المواد الكيميائية في دماغ الأسماك والتي تتوافق مع ما نراه في حالات الإدمان البشري حتى بعد أن تضاءلت التأثيرات السلوكية بعد 10 أيام من الانسحاب، كانت هذه العلامات في الدماغ لا تزال موجودة، ويشير هذا إلى أن التعرض للميثامفيتامين يمكن أن يكون له تأثيرات طويلة الأمد علي الكائنات البحرية مثل البشر.

 

لماذا  يجب أن نهتم إذا أصبح السمك مدمنًا على المخدرات؟

 

-إذا كان سمك السلمون "يستمتع" بالعقاقير، فقد يميل إلى للتغذية من الأنابيب التي يتم تصريف النفايات السائلة بها، ويمكن للأسماك أن تتصرف بشكل  مشابه لما نراه عند البشر الذين يعانون من الإدمان وهذا ما أثبتته العديد من الدراسات الخاصة بالأسماك المختلفة وليس في هذه التجربة الأخيرة فقط.

 

-كنتيجة لإدمان الأسماك للمخدرات يفقد السمك الاهتمام بالأنشطة الأخرى حتى تلك التي عادة ما تكون ذات دوافع عالية، مثل الأكل أو التكاثر، وتبدأ الأسماك في تغيير سلوكها الطبيعي، مما يتسبب في مشاكل في إطعامها وتكاثرها وفي النهاية البقاء على قيد الحياة.

 

- تصبح الأسماك  أقل عرضة للهروب من الحيوانات  المفترسة.

 

-لا يؤثر التعرض للعقاقير على الأسماك نفسها فحسب، بل يؤثر على نسلها ففي الأسماك  يمكن أن يتوارث الإدمان عبر عدة أجيال، ويسبب هذا آثار طويلة الأمد على النظم البيئية، حتى لو تم حل المشكلة الآن. 

 

الأدوية لا تتحلل في أجسامنا بالكامل وتصل إلى محطات معالجة المياه

 

تتعرض الحياة البرية التي تعيش في الأنهار والمياه الساحلية لمزيج من الأدوية، من مسكنات الألم إلى مضادات الاكتئاب، وغيرها مما يتم تصريفه في النفايات السائلة.

 

نظرا لأن لأدوية لا تتحلل بالكامل في أجسامنا وتصل إلى محطات معالجة مياه الصرف الصحي في البراز والبول، ويتم تصريف معظمها بمياه الصرف الصحي السائلة، وبعضها الآخر يدخل الأنهار عن طريق التسرب من مدافن القمامة أو الحقول الزراعية حيث يتم استخدام مياه الصرف الصحي البشري كسماد. 

 

النفايات المائية تغير جنس الأسماك

 

لا تتوقف تأثير النفايات عند ما سبق ذكره فحسب بل ثبت أنه الأسماك المتواجدة في اتجاه مجرى بعض محطات معالجة المياه قد غيرت  جنسها من ذكر إلى أنثى  في غضون أسابيع قليلة، ويرجع ذلك للتعرض للمواد الكيميائية المسببة لاضطراب الهرمونات الموجودة في حبوب منع الحمل.

 

وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن مضادات الاكتئاب التي تتسرب أيضا في المجاري ومياه الصرف يمكن أن تسبب مجموعة واسعة من التغيرات السلوكية في الكائنات المائية مثل العدوانية والجرأة المتزايدة .

 

معالجة مياه الصرف الصحي قد يكون مكلفا

 

وفي الختام لا شك أن إدمان المخدرات هو مصدر قلق صحي عالمي ويمكن أن يدمر المجتمعات، ومعالجة عواقبه البيئية ستكون باهظة الثمن، وقدرت إحدى الدراسات أن ترقية محطات معالجة مياه الصرف الصحي في ويلز إنجلترا ستكلف أكثر من 50 مليار دولار أي 36 مليار جنيه إسترليني حتى يتمكنوا من إزالة هذه المواد الكيميائية.