رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دويتش فيليه: «أبى أحمد» يجسد عقلية الحاكم المستبد

أبى أحمد
أبى أحمد

قالت الشبكة الألمانية دويتش فيليه، إن إثيوبيا باتت الآن في مفترق طرق خطير وواصف إثيوبيا بأنها  في قلب صراع كبير، لافتة إلى أن مشكلة سد النهضة وتبعاته مع مصر والسودان، ومشكلة إقليم تيجراي وأوضاع المدنيين، باتت تغطي على انجازات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، كما أن سمعته العالمية بدأت بالتآكل.

 

وتابعت: أن المراقب للهجة التواصل بين الخارجية الأمريكية والحكومة الإثيوبية يلمح حجم المشاكل في الوقت الحالي بين البلدين، إذ أن العبارات المستخدمة في الخطاب الأخير بين أنتوني بلينكين ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يوم الثلاثاء تكاد تنحصر في: "أدان، وشدد وحث" وغيرها من الكلمات التي توضح رغبة واشنطن في احداث تغيير على أرض الواقع.

 

 وفي ذات السياق فإن أوضاع المدنيين في تيجراي أصبحت أكثر خطورة منذ بدء القتال في نوفمبر حيث شدد بلينكين على أهمية وقف إطلاق النار الثنائي فوراً. 

 

وأدان تدمير الجسور والعقبات التي تواجه العاملين في المجال الإنساني، وحث اتخاذ سلسلة من الخطوات التي حددها مجلس الأمن الدولي.

 

وبالرغم من مناقشة مجلس الأمن الأوضاع في أثيوبيا، إلا أن أديس أبابا ليست ممثلة في مجلس الأمن، إذ تشغل حاليا المقاعد الأفريقية الثلاث كل من تونس والنيجر وكينيا. وكانت تونس قد قدمت مقترحا الأسبوع الماضي بأن يسعى مجلس الأمن الدولي من أجل التوصل إلى اتفاق ملزم بين إثيوبيا والسودان ومصر بشأن تشغيل سد النهضة العملاق خلال ستة أشهر، وبحسب وكالة رويترز فإن البعثة الأثيوبية في الأمم المتحدة تبذل حاليا قصارى جهدها لحشد أغلبية في مجلس الأمن ضد المقترح التونسي.

 

واشتكت مصر والسودان هذا الأسبوع من قرار أديس أبابا الشروع في المرحلة الثانية من تعبئة السدـ، ومن المفترض أن يزود السد الضخم إثيوبيا بما يصل إلى 6000 ميجاواط من الكهرباء، لكن هذه الخطوة تعد مصدر خطر وقلق لمصر والسودان، حيث يعبر نهر النيل ويعتبر شريان الحياة لهما.

 

أما في السودان، الذي يقف في منتصف عملية التنمية السياسية منذ التغيير في السلطة في عام 2019، فقد تأثر بشكل مضاعف من الأزمة في أثيوبيا، فبالاضافة إلى مشكلة مياه النيل التي تمثل أكثر من مجرد استفزاز جيوسياسي، يستضيف السودان أكثر من 46 ألف لاجئ من إقليم تيجراي الإثيوبية في مخيمات اللاجئين.

 

وشكلت الأوضاع هناك نقطة تحول، وخاصة بعد تمكن تحرير شعب تيجراي (TPLF) وقوات دفاع تيجراي (TDF) من إخراج الجيش الأثيوبي من أجزاء كبيرة من المقاطعة، بما في ذلك ميكيلي عاصمة الإقليم. وأعلنت حكومة رئيس الوزراء أحمد آبي وقفا لإطلاق النار من جانب واحد، لكن قادة العالم حذّروا من "حصار" محتمل للمنطقة مع الدمار الذي تعرّضت له الجسور المؤدية إلى تيجراي والقيود المفروضة على الوصول إلى الإقليم.

 

بينما اعلنت جبهة تحرير تيجراي  عن شروط انضمامها لخطة وقف إطلاق النار، بحسب غيتاشيو رضا المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي في حديث لـ DW، ومن أهم هذه الشروط انسحاب جنود إريتريا والميليشيات من الأقليم.

 

وقال رضا: "سنواصل القتال حتى يتم تلبية شروطنا المسبقة" القوات الحكومية "تم القضاء عليها". إنهم يريدون خداع المراقبين بتصويرهم على أنهم تركوا المناطق المنهوبة بسلام. الآن يتعين على الجنود والميليشيات القادمة من أريتيرياالرحيل".

 

من جهته أكد سفير إثيوبيا في برلين مولو سولومون بيزونه لـ DW أن القوات الحكومية الأثيوبية غادرت الإقليم من أجل تحقيق السلام، وبـأن وقف اطلاق النار يأتي من أجل السماح للمساعدات الإنسانية الوصول للإقليم.

 

 وأضاف بأن "الحكومة الإثيوبية وافقت على رحلات جوية إغاثية إلى المنطقة"، بيد أنه وبحسب معلومات حصلت عليها هيئة التحرير الأمهرية في DW  لم يتم حتى الآن تسجيل أي من هذه الرحلات لدى هيئة الطيران.

 

ويعد الوصول إلى تيجراي صعبا للغاية بالنسبة لمنظمات المساعدة الإنسانية، وفي شهر يونيوجفقط قُتل ثلاثة من موظفي منظمة "أطباء بلا حدود". بالإضافة إلى ذلك، تم تدمير العديد من الجسور، فيما حذرت الأمم المتحدة في أوائل يوليوج من أن 400 ألف شخصمعرضون لخطر المجاعة .

 

وفي مقابلة مع DW، نفى سفير أثيوبيا أن الحكومة تستخدم الجوع كسلاح ضد المعارضين. وقال إن "الحكومة تحاول توفير إمدادات الإغاثة، فيما تحاول الجبهة الشعبية لتحرير تيجري عرقلة وصول المساعدات بمهاجمتها قوافل الإغاثة"، بحسب قوله.

 

ومن الصعب التكهن عما إذا كان الصراع سيتوقف قريبا في الإقليم، ويتحقق الاستقرار بحسب الخبير والمحلل في الشأن الأثيوبي بيفكادو هايلو، وقال هايلو في مقابلة مع DW "إن تقدم قوات تحرير تيجراي في الإقليم، زاد من شعورهم بالثقة، وهو ما انعكس ضمن شروطهم القوية التي وضعوها، من أجل الانضمام لوقف إطلاق النار".

 

ولغاية تولي آبي أحمد السلطة في عام 2018، نجح تنظيم تيجراي في فرض نفوذه داخل إثيوبيا، وكون له أعداء، حتى مع دولة إريتريا المجاورة، وبحسب الخبير هايلو فـن التنظيم يؤمن بقدرته على مواجهة أعدائه، لذلك يحاول أن يقوي نفسه، بتكوين المزيد من القوات لمهاجمة جيرانه، لذلك فإن أمر المواجهة بين قوات تيراي والجيش الأثيوبي، قد يكون أمرا لا مفر منه".

 

وأضرت الأزمات المحيطة بتيجراي وسد النهضة بسمعة آبي أحمد في الخارج كصانع سلام مفترض للدولة متعددة الأعراق. 

 

لكن حتى في إثيوبيا نفسها، سرعان ما تبخر التفاؤل، كما يقول بيفكادو هايلو: "لاحظت العديد من المجموعات السياسية أن آبي أحمد الذي كان في أذهانهم، لا يتوافق مع آبي أحمد في الواقع. لقد كان منخرطًا في الحكومة السابقة وكانت له شخصيته الخاصة وطموحات كبيرة. الآن اختلفت الأمور لدى القوى السياسية في إثيوبيا بحسب هايلو إذ أدركت هذه القوى أن آبي أحمد بات يجسد أكثر فأكثر عقلية الحاكم المستبد، وأنه لا يمثلها في الواقع".