رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ننشر تفاصيل فصل من «الكتاب هو الحل» لـ محمد سيد ريان

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

ضمن أبرز الإصدارات الجديدة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، يأتي الكتاب الجديد لمحمد سيد ريان، الباحث في مجال الثقافة الرقمية والسياسات الثقافية بعنوان "الكتاب هو الحل.. المشكلات الراهنة وطريق الخلاص في 50 كتاباً وكتاباً"، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

يقدم الكتاب 50 حل لــ 50 مشكلة في 50 كتاب؛ ومن أبرز القضايا التي يناقشها الكتاب ما يعانيه مجتمعنا المصري والعربي من الوقوع في فخ الأفكار المستهلكة والقديمة واستسهال الحلول السطحية دون البحث عن حلول جذرية خارج الصندوق، وعلى الرغم من شيوع الوسائط الإلكترونية الاجتماعية إلا أننا نفتقد ثقافة المبادرة وتبني فكرة جديدة أو رؤية مختلفة  لشخص ما لمواجهة أسلوب أو طريقة أو مشكلة أو قصور في أحد مناحي الحياة .

ويذكر الكاتب في مقدمته للكتاب أن القراءة هي المستقبل وطريق الخلاص، وهي الأمن الثقافي للأسرة، وأساس النهضة الحديثة للمجتمع، والثورة السياسية بدون تغيير ثقافي لافائدة منها . كما أشار المؤلف إلي أن الكتاب هو مساهمة لوضع شباب ورجال ونساء عصرنا علي طريق المعرفة، ففي حالة التخلف الحضاري سنخرج من القطار السريع للمعرفة وعند العودة لن نجد مكاننا لأن هناك من ينتظرون أن تترك لهم هذا المكان، وأننا لو نظرنا في الواقع المعاش  للبحث عن أسباب ما وصلنا إليه من صراعات سياسية وفكرية بين أفراد الوطن الواحد ، فلن نجد سبباً رئيسياً سوى التعصب بمختلف أشكاله .
كما يناقش الكتاب مهمة المثقف والمفكر والاديب والفنان الحقيقية وهي نقد المجتمع ومحاولته بشتى الطرق طرح رؤي بديلة للطريق السائد، وزرع أفكار التغيير الحقيقي اللازم للعبور لمستقبل أفضل .
ويعمل مؤلف الكتاب منذ فترة طويلة على مشروع ثقافي يستهدف التسويق الثقافي باستخدام أدوات القوى الناعمة المصرية وإبراز دورها الهام والضروري لمواجهة مشكلات العصر الحالي.

 قال “ريان" لـ"الدستور"، إن الكتاب هو مساهمة لوضع شباب ورجال ونساء عصرنا على طريق المعرفة، ففي حالة التخلف الحضاري سنخرج من القطار السريع للمعرفة وعند العودة لن نجد مكاننا لأن هناك من ينتظرون أن تترك لهم هذا المكان، ويناقش الكتاب مهمة المثقف والمفكر والأديب والفنان الحقيقية وهي نقد المجتمع ومحاولته بشتى الطرق طرح رؤى بديلة للطريق السائد، وزرع أفكار التغيير الحقيقي اللازم للعبور لمستقبل أفضل.

 

تنشر “الدستور” فصل من "الكتاب هو الحل" لمحمد سيد ريان، بعنوان "اللقاء بين ابن رشد وابن عربي!" 
 
يعد نصر حامد أبو زيد واحد من أبرز من خاضوا معركة تجديد الخطاب الديني مع جماعات الإسلام السياسي والتطرف الديني ،  لقد وضع ابو زيد يديه علي النقطة الأساسية للتراجع والتدهور الذي أصاب أمتنا العربية الإسلامية وهي الخطاب الديني  وقال عنه " إن هذا الخطاب لا يتحمل أي خلاف جذري، وان اتسع صدره لبعض الخلافات الجزئية،وكيف يحتمل الاختلاف الجذري وهو يزعم امتلاكه للحقيقة الشاملة المطلقة؟".
وفي كتابه " هكذا تكلم ابن عربي " يؤكد  أبوزيد أن التجربة الصوفية في التراث الإسلامي، في جانب منها على الأقل، ثورة ضد المؤسسة الدينية التي حولت الدين إلي مؤسسة سياسية اجتماعية مهمتها الأساسية الحفاظ على الأوضاع السائدة ومساندتها من خلال آليات إنتاج معرفية ثابتة يقف على رأسها الإجماع ويليه القياس. وإذا كانت مصادر المعرفة - وهي القرآن الكريم والسنة النبوية - مصادر لا خلاف عليها بين المتصوفة والفقهاء والمتكلمين المسلمين فإن الخلاف بين الاتجاهات الثلاث يتمثل في ترتيب آليات استنباط المعرفة وإنتاجها من هذه المصادر ، ففي حين يركز المتكلمون علي أهمية العقل علي خلاف بينهم في ترتيب العلاقة بينه وبين النقل، يضع الفقهاء العقل في درجة أدني من درجة الإجماع، ولا مجال عند المتكلمين والفقهاء للتجربة الروحية، وهي محور الخلاف بين المتصوفة وغيرهم،  إذ يعتبر المتصوفة أن التجرية الروحية الشخصية الذاتية هي أساس المعرفة الدينية، وفي حين ينشغل المتكلمون والفقهاء بقضايا سياسية واجتماعية وينخرطون في إطار إنتاج معرفة مؤسسية، يلوذ المتصوفة بتجاربهم الروحية التي تحاول استعادة تجربة النبوة ذاتها في إطار تأويلي للشريعة النبوية .
وحول مفهوم العودة للدين .. وأي دين ؟! يذكر الكاتب أنه في تعريف الدين يتم التركيز غالباً علي مفهوم "النظام " أو  " النسق " أي علي البعد الجمعي للدين ؛ فيهتم الفلاسفة ورجال اللاهوت بمسائل العقائد والوجود بوصفها انساقاً معرفية أو بوصفها قضايا إيمانية ، ويكون تركيز الفقهاء بصفة خاصة علي الدين بوصفه نسقاً من الأوامر  والنواهي يتحقق بخلاص الإنسان فرداً كان او جماعة ، أما علماء الاجتماع والأنثروبولوجي فيهتمون بالدين بوصفه ظاهرة إجتماعية إنسانية ، أما الدين بوصفه تجربة روحية ذاتية فهو التصور الذي يمثل بؤرة إهتمام كل الروحانيين في كل الأديان والثقافات . 
وفي سياق حديث أبوزيد ودفاعه عن أبن عربي يتحدث عن مفهوم الكفر  عند الشيخ الأكبر وهي نقطة خلافية وأساسية  فيذكر ان الكفر بمعنى عدم الإعتراف بوجود إله للعالم هو شيئ لا وجود له عند ابن عربي ؛ إذ أن العالم  عنده كله من أعلاه إلي أدناه بمستوياته ومراتبه المختلفة من أرواح وعقول وأجسام فلكية وعناصر طبيعية ، ليست سوى مظاهر للحقيقة الإلهية ، وتكمن القضية في ان كل البشر قد أقروا بالربوبية ولكن الفارق بين الموحد والمشرك، يكمن في أن المشرك أضاف لله شريكاً في ربوبيته بينما الموحد آمن بإله واحد لا شريك له ، فوفقاً لكلام ابن عربي أن أي إنسان لابد أن يكون مؤمناً بشيء ما ، بقيمة ما ، أو بمذهب فكري ما ، وهذا الإيمان بموضوع أو فكرة أو مذهب أو مبدأ ليس في باطنه العميق إلا إيماناً بتجلي الحقيقة الإلهية . 
ومن أهم فصول الكتاب حديث المؤلف عن لقاء ابن عربي مع ابن رشد مما كان له تأثير كبير  عليه فقد كان ابن رشد صديقاً لأبيه والتقي به الفتي ابن عربي في ريعان الشباب ويذكر ابن عربي انه دخل بقرطبة علي قاضيها ابن رشد ، وكان يرغب في لقائه لما سمعه وبلغه ما فتح الله عليه به في خلوته  ، كما يذكر  ان آخر ما شاهده ابن عربي في الأندلس قبل رحيله النهائي الذي الذي لم يعد منه أبداً إلى الأندلس، هو جنازة الفيلسوف قاضي قرطبة " ابن رشد " سنة 595 وبعدها قرر ابن عربي الرحيل من الأندلس بلا عودة !.
ويوضح المؤلف في فقرة هامة بالكتاب ما حدث لابن رشد حيث " لم تهدأ سيطرة الفقهاء في عهد الموحدين، إذ كان مناخ الصراع العسكري الديني يدفع بالتوتر في أفق الحياة الدينية والإجتماعية والسياسية إلى أقصاه، وفي ظل هذا المناخ المتوتر تسيطر عادة نزعة التمسك بالشكليات الدينية تعبيرا عن مفاهيم الهوية في مواجهة التهديد بالقضاء عليها من قبل أعداء خارجيين يرفعون شعارات دينية بدورهم ، نحن نعرف مثلا أن مأساة ابن رشد ومحنته المعرفية تسبب فيها حاجة الخليفة لفرض ضرائب جديدة لتغطية تكاليف الحروب. ولما كان من شأن العامة المستضعفين اجتماعيا واقتصاديا أن تحركهم مثل هذه الأعباء إلى انتفاضات وثورات، فقد كان الحكام دائما في حاجة إلى الفقهاء والوعاظ في المساجد ليمتصوا أي احتمال لثورة العامة ضد الأعباء الجديدة. ومن المنطقي في مثل هذا السياق أن يكون للفقهاء بدورهم شروطا على الحاكم لضبط السلوك الديني الذي غالبا ، ما يتهمون الفلاسفة والمتكلمين والصوفية بإفساده " .
ويعد مشهد لقاء ابن عربي بابن رشد من أهم المحطات التي شهدتها العلاقة بين الفلسفة والتصوف ، حيث شهدت في كثير من الأحيان فشل ذريع ، ولكن نشهد في هذا اللقاء تقارباً ملحوظاً وتفهماً لمختلف الأطياف الفكرية . 
ويظل هذا اللقاء كذلك درس بليغ في فساد السلطة الدينية وتتكرر مشاهده كثيراً على مدار التاريخ الإسلامي وعاني منه ابن عربي نفسه بعد ذلك، ولا زلنا حتى يومنا هذا نعاني توابعه.