رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مهمة صعبة.. تحديات الحكومة الإسرائيلية الجديدة

مهمة صعبة
مهمة صعبة

بعد الإطاحة برئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، أطول رؤساء الوزراء الإسرائيليين بقاءً فى منصبه، لا تبدو الساحة ممهدة أمام «حكومة التغيير» الجديدة، فى ظل تربص المعارضة، بقيادة «نتنياهو» نفسه، بالإضافة إلى طبيعة تشكيلها الذى تكون من ائتلاف يضم ٦١ نائبًا فى الكنيست من ٨ أحزاب مختلفة، ما يسمح بإسقاطها حال توقف نائب واحد عن دعمها. وفى ظل التوقعات بمزيد من المساومات والمزايدات بين أعضائها المنتمين إلى تيارات اليمين واليسار والوسط، تواجه «حكومة التغيير» تحديات صعبة فى أكثر من ملف، على رأسها المطالب العربية والتعامل مع «حماس» واعتراض الأحزاب الدينية على قانون التجنيد، بالإضافة إلى مشكلات خاصة بالمستوطنين تفنَن «نتنياهو» فى خلقها قبل ترك منصبه. فى السطور التالية، تستعرض «الدستور» تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بالإضافة إلى أبرز التحديات التى ستواجهها فى الأيام الأولى من توليها مهام عملها.

 تتكون من ائتلاف متناقض لأحزاب اليمين والوسط واليسار.. رئاستها بالتناوب.. وبها وزير عربى واحد 

يتشكل الائتلاف الحكومى الداعم لـ«حكومة التغيير» من ٢٥ نائبًا من أحزاب الوسط، و١٩ نائبًا من اليمين، و١٣ نائبًا من اليسار، بالإضافة إلى ٤ نواب عرب، تم الاتفاق بينهم جميعًا على الإطاحة ببنيامين نتنياهو، على أن يتولى نفتالى بينيت، رئيس حزب «يمينا»، رئاسة الحكومة لمدة عامين، حتى عام ٢٠٢٣، قبل أن يترك منصبه ليائير لابيد، ليستكمل مدة الحكومة حتى عام ٢٠٢٥، على أن يتولى الأخير طيلة العامين المقبلين منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية.

وتضم الحكومة الجديدة ٢٧ وزيرًا، بينهم أكبر عدد من الوزيرات فى حكومة واحدة منذ إعلان دولة إسرائيل فى عام ١٩٤٨، بعدد ٩ وزيرات.

وتضم «حكومة التغيير» من حزب «يمينا» كلًا من: نفتالى بينيت رئيس الوزراء، وأييلت شاكيد وزيرة الداخلية، ومتان كهانا وزير الشئون الدينية. كما تضم من حزب «أمل جديد» كلًا من: جدعون ساعر وزير العدل، ويفعات شاشا بيتون وزيرة التربية والتعليم، ويوعز هندل وزير الاتصالات، وزئيف إلكين وزير البناء والإسكان وشئون القدس. ومن حزب «إسرائيل بيتنا»: أفيجدور ليبرمان وزير المال، وعوديد فورير وزير الزراعة والمناطق القروية وتطوير النقب، والدرزى حمد عمار وزير فى وزارة المال.

ومن حزب «هناك مستقبل»: يائير لابيد رئيس الحكومة البديل ووزير الخارجية، وميراف كوهين وزيرة المساواة الاجتماعية، ويوئيل رزبوزوف وزير السياحة؛ وإليعازر شتيرن وزير شئون الاستخبارات، وكارين إلهرار وزيرة الطاقة، وأورنا بربيباى وزيرة الاقتصاد، ومائير كوهين وزير الشئون الاجتماعية.

ومن حزب «أزرق أبيض»: بينى جانتس وزير الجيش، وبنينا تمانو شطا وزيرة الاستيعاب والهجرة، وحيلى تروبر وزير الثقافة والرياضة، وأوريت فركش هكوهين وزيرة العلوم.

ومن حزب «العمل»: ميراف ميخائيلى وزيرة المواصلات، وعومر بارليف وزير الأمن الداخلى، ونحمان شاى وزير شئون الشتات. ومن حزب «ميرتس»: نيتسان هوروفيتس وزير الصحة، وتمار زندبرج وزيرة حماية البيئة؛ والعربى عيساوى فريج وزير التعاون الإقليمى.

أمامها ٦ ملفات ساخنة أبرزها المطالب العربية والبؤر الاستيطانية وقانون التجنيد الإلزامى

يدرك كثيرون أن عددًا من القنابل الموقوتة والتحديات الصعبة تنتظر «حكومة التغيير»، وتجعل من الصعب استمرارها لحين إتمام مدتها بعد ٤ سنوات.

أولى هذه القنابل الموقوتة وضعها بنيامين نتنياهو بنفسه فى طريق الحكومة الجديدة، وتتعلق بـ«مسيرة الأعلام» الاستفزازية فى القدس، التى حصل بموجبها عدد من اليهود المتشددين والمستوطنين على موافقة الشرطة الإسرائيلية على تنظيم مسيرة احتفالية بالأعلام الإسرائيلية قرب منطقة باب العامود فى القدس المحتلة، ما أدى لاحتكاكات بين اليهود والعرب وعودة التوتر إلى محيط المجلس الأقصى.

واشتبكت الشرطة الإسرائيلية، الثلاثاء الماضى، مع متظاهرين فلسطينيين احتجوا على المسيرة فى القدس، ما أسفر عن إصابة عدد منهم، إلى جانب إخلاء الشرطة محيط باب العامود قبيل وصول المسيرة، ما دفع الفلسطينيين للإعلان عن تنظيم «يوم غضب» فى الضفة وغزة ردًا على المسيرة الاستفزازية، ما ينذر بعودة التوتر بين الجانبين بعد أسابيع من الهدوء النسبى، فى أعقاب التوصل لوقف إطلاق النار بوساطة مصرية الشهر الماضى، إثر ١١ يومًا من التصعيد.

أما القنبلة الثانية، فوضعها «نتنياهو» بقراره تأجيل إخلاء بؤرة استيطانية عشوائية، أقيمت دون ترخيص بالقرب من مدينة نابلس فى الضفة الغربية، وتضم ٥٠ عائلة من المستوطنين، إلى الأسبوع الأول من تولى الحكومة الجديدة، ما يسمح بتورط الحكومة الجديدة فى نزاع مع اليهود المتشددين «الحريديم»، حلفاء «نتنياهو»، والمستوطنين فى الضفة.

وشن رؤساء الأحزاب الدينية المتشددة هجومًا حادًا على رئيس الحكومة الجديدة ووصفوه بأنه «شرير ووغد»، ودعا آرييه أدرعى، رئيس حزب «شاس»، إلى إنقاذ إسرائيل والدفاع عن «الحريديم»، واعدًا باحتجاجات تهز الأرض والسماء، على حد قوله.

كما أعلن قادة اليهود المتشددون عن بقائهم موالين لـ«نتنياهو» ورفضهم الانضمام إلى «حكومة التغيير»، داعين غيرهم من «الحريديم» لعدم التعاون مع الحكومة الجديدة.

فيما تتمثل القنبلة الثالثة، المقرر أن تواجهها الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فى قانون التجنيد الإلزامى، خاصة بعدما صرح وزير الجيش الإسرائيلى، بينى جانتس، بأن تمريره سيكون من أهداف الحكومة الجديدة، وبأنه سيلزم كل مواطن بالمساهمة بنشاط ما من أجل الدولة والمجتمع، سواء كان يهوديًا علمانيًا أو متدينًا أو عربيًا. 

ومن شأن هذا القانون أن يفجر الأوضاع مجددًا بين المتدينين والعلمانيين فى إسرائيل، خاصة أن اليهود المتدينين يرفضون التجنيد فى الجيش الإسرائيلى.

وتتمثل القنبلة الرابعة فى مشكلة الميزاينة، خاصة أن أحد بنود الاتفاق بين «بينيت» و«لابيد» تضمن بندًا يسمح لـ«بينيت» بأن يُسقط الحكومة حال عدم تمرير ميزانية عامة لمدة سنتين من الكنيست، وذلك خلال ١٤٥ يومًا من تشكيلها، مع البقاء فى منصبه رئيسًا لحكومة انتقالية. 

وتتعلق القنبلة الخامسة باحتمالات خرق اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس» الفلسطينية فى قطاع غزة، وفى حال تجدد القتال، سيكون من الصعب على منصور عباس، رئيس «القائمة العربية الموحدة»، الداعم لـ«حكومة التغيير»، البقاء على موقفه.

وإلى جانب ذلك، تواجه الحكومة الجديدة قنبلة سادسة، تتمثل فى مطالب العرب منها، ففى حين يرى البعض أن على العرب أن يكتفوا بشكر «حكومة التغيير» على تواجدهم لأول مرة داخل الحكومة الإسرائيلية، إلا أن آخرين يرون أن عرب الداخل سيتطلعون لمزيد من المكاسب، خاصة فى ملف المساواة والتصدى للتمييز، ما ينذر بمشكلات خطيرة، خاصة مع الأحزاب اليمينية المنضمة للحكومة، إلى جانب تواجد شخصيات من أمثال «بينيت» و«ساعر» و«ليبرمان» فيها، وهم معروفون بمواقفهم العدائية تجاه العرب.