رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اغتنام الأوقات وأمداح نبوية في الليلة الرقمية 55 للطريقة البودشيشية

القادرية البودشيشية
القادرية البودشيشية

كعادتها لم تخلف مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية المغربية، ومعها مؤسسة الملتقى الموعد مع المتابعين لفعاليات ليالي الوصال الرقمية بتنظيمهما الليلة الرقمية الخامسة والخمسين، والتي بثت عبر المنصات الرقمية الرسمية لمؤسسة الملتقى.

توزع برنامج هذا السمر العلمي والروحي بين المداخلات العلمية والوصلات الإنشادية، وشهادات حية لمريدي الطريقة من خارج المغرب، الذين  أبرزوا من خلالها الأثر الايجابي للطريقة على حياتهم وتربيتهم، من بينها شهادة كل من أحمد شامي وعمر ديغون من مدينة بروكسيل.

افتتحت الليلة الرقمية بآيات بينات من الذكر الحكيم بصوت المقرئ حكيم عبد الرحيم من السودان،  ليفسح المجال أمام أولى المداخلات العلمية، التي كانت للدكتور محمد مصطفى عزام استاذ التعليم العالي ، بين من خلالها أن علماء الشريعة ركزوا على  المقاصد الضرورية فالمقاصد الحاجية ثم المقاصد التحسينية، مشيرا إلى أن هذه المقاصد الضرورية هي خمس :حفظ النفس، حفظ الدين، حفظ العقل ، حفظ النسل ثم حفظ المال، مؤكدا على أن حقيقة العبودية هي الرجوع في كل شيء الى الله عز وجل على حد الاضطرار، و أن الاضطرار مجلبة الإخلاص والإخلاص سر الإجابة .

لتتلوها المداخلة العلمية الثانية للدكتور لحسن الخاوي عضو المجلس العلمي لتزنيت، الذي تناول موضوع "اغتنام الأوقات للتعرض للنفحات"، انطلاقا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  ( إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أبدًا )،مؤكدا أن التعرض لنفحات الله هو التعرض لعطاءات الله العظيمة.

فيما المداخلة العلمية الثالثة فكانت للدكتور محمد باحطاط  ،استاذ بجامعة سان تيتيان بفرنسا، حول الحكم العطائية، لتعقبها المداخلة العلمية الرابعة، للدكتورة أسماء المصمودي الباحثة بمركز دراس بن اسماعيل لتقريب العقيدة والمذهب والسلوك بالرابطة المحمدية للعلماء بفاس، حول موضوع: "مقومات الصحبة وشروط سلامتها في السلوك الروحي"، استعرضت الشروط التي يجب أن تتحقق في الشيخ المربي في التربية الصوفية من خلال العلم وكذا الدعوة بالموعظة الحسنة.

أما المداخلة العلمية الخامسة ، فكانت للدكتور طارق العلمي، باحث  بمركز الامام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية بالرابطة المحمدية للعلماء بوجدة، حول موضوع  " التجربة الصوفية والوراثة الروحية "، أبرز من خلالها أن الولاية الصوفية عملت على مقاربة نموذجية مثلى بكل ابعادها السلوكية والاخلاقية ، مشيرا الى أن الولاية الصوفية يرجع لها الفضل في الافصاح عن الابعاد الروحية للذات المحمدية. 

فيما كانت المداخلة العلمية السادسة للدكتور منير القادري بودشيش، مدير مؤسسة الملتقى ورئيس مركز المركز الأورومتوسطي  لدراسة الإسلام اليوم، والتي حملت عنوان "مكانة الحكمة واثارها في حياة الفرد والمجتمع"، استهلها باستقراء مجموعة من التعاريف التي اعطيت للحكمة سواء عند الغرب أو عند العرب، وأشار الى أن للحكمة مكانة عظيمة في دين الله و حياة الناس،  وأوضح أن الحكمة هي وضع الشيء موضعه وتوفية الأمر حقه، وفي ذات السياق ذكر بما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:( ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صَدْرِهِ، ، فدعا لي وقالَ: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ ) [رواه البخاري]، إضافة الى إيراده لبعض أقوال سلف الأمة، منها قول ابن القيم في مدارج السالكين" والله تعالى أورث الحكمة آدم وبنيه، فالرجل الكامل من له إرث كامل من أبيه، ...، وأكمل الخلق في هذا الإرث الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ...، وأكملهم محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا امتن الله سبحانه وتعالى عليه وعلى أمته بما آتاهم من الحكمة كما قال تعالى: (وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ)[النساء:113].
 

ولفت إلى أن الحكمة من جملة ما أعطاه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ، واستعرض المحاضر مجموعة من فوائدها، وأكد بأن المؤمن الحق مطالب بأن يبحث عن الحكمة؛ ليتعلمها ويُعلِّمها في كل مجالات حياته، داعيا الى اعلاء قيمةَ الحكمة في بيوتنا ومجتمعاتنا، معتبرا أنه من غير المعقول أن يكون لدينا المنهج الإلهيُّ والميراث النبوي، ثم بعد ذلك نكون أبعدَ الناس عن الحكمة قولًا وفعلًا.

ونبه إلى أن الصوفي عند الصوفية هو الحكيم، المتحلي بالحكمة، وأنه من  لم يكن حكيماً فليس له حظٌّ من التصوف، وشدد على أن الصالح العام للمغرب و مستقبل الأمة الإسلامية و البشرية جمعاء، يقتضي أن تتضافر جهود جميع الفاعلين من أجل تحفيز التفكير الجدلي والتكاملي والمرونة المعرفية لدى الشباب وتعليمهم مهارات حياتية قيمة، تكسبهم مزيداً من الحكمة في التعامل مع الحياة واتخاذ القرارات،  و سلط الضوء على حكمة و نفاذ بصيرة امير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، و اهمية المبادرات الملكية و الورشات الكبرى التي أعطى انطلاقتها، والتي من بينها بلورة النموذج التنموي الجديد ، موردا مقتطفا من ماجاء في  خطابه بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب في 20 غشت 2018 .

الفقرة الصحية تناولت "الصحة والروح أي ارتباط"، بين من خلالها المتدخل أن وجود صحة روحية جيدة، يعزز قدرة الإنسان على محاربة السلبيات التي يتعرض لها من خلال بث روح التسامح والخير والثقة بالنفس.

تخللت هذه الليلة العلمية والروحية وصلات من النغم والمديح لمسمعين من داخل المغرب وخارجه، شنفوا مسامع وقلوب المتابعين، ويتعلق الأمر بكل من المنشد  طارق العبيد من مدينة برشلونة، والمنشد حكيم خيزران من المغرب،  ومجموعة من مسمعي الطريقة  بكل من مدن تزنيت، ومكناس ، ومجموعة  الصفا من فرنسا ، والمجوعة الرسمية للطريقة القادرية البودشيشية إضافة الى  برعمات الطريقة بمذاغ.

واختتمت أطوار هذا السمر الروحي بفقرة "من كلام القوم"، خصصها الأستاذ إبراهيم بلمقدم ، باحث مؤطر بمركز أجيال للمواكبة والوقاية والتمنيع بالناظور التابع للرابطة المحمدية للعلماء، للحديث عن " شذرات من كلام  العارف بالله عبد الوهاب الشعراني" من خلال كتاب الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية "، مختتما كلمته برفع الدعاء الصالح البلاد ولملكها ولسائر المسلمين والبشرية جمعاء.