رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكراه.. صلاح جاهين وسعاد حسني من منهما الفراشة؟

سعاد حسني
سعاد حسني

علاقة صداقة وبنوة ربطت الفنانة الراحلة سعاد حسني بصلاح جاهين الذي تحل ذكرى رحيله يوم 21 أبريل المقبل، كانت تعتبره بمثابة الأب الروحي والمستشار الفني لكل أعمالها الذي حققا مشوارا فنيا حافلا بالنجاح والتوفيق.

بدأ اللقاء الأول بين الثنائي في موسكو عام 1972، حينما ذهبت سعاد مع المخرج يوسف شاهين لزيارة جاهين في المستشفى الذي كان يعالج فيها هناك، وأصبح الثنائي مثال للصداقة والترابط القوى، وبعد العودة إلى مصر قدما معًا أفلاما ناجحة، منها "خلي بالك من زوزو، أميرة حبي أنا، شفيقة ومتولي، مسلسل هي وهو، وأغنية صباح الخير يا مولاتي".

والمدهش أن سعاد أصرت على تسجيل أشعار جاهين بصوتها لحساب هيئة الإذاعة البريطانية bbc، وأرسلتها لإذاعة الشرق الأوسط كهدية تذاع في شهر رمضان الكريم، وفي نفس الوقت لتغطية نفقات علاجها في لندن بعدما وافقت الحكومة المصرية على قرار علاجها على نفقة الدولة.

زوزو

وتحكي سعاد حسني في حوار تليفزيوني لها عن شخصية "زوزو"، فتقول إن هذه الشخصية من نسج خيال صلاح جاهين، وأنه كان يتخيلها بوضوح ويتخيل ردود أفعالها -حيث كانت طبيعية- وأنها تجسد شخصية الفتاة البسيطة الطموحة، العاشقة، أبية النفس، والتي تتميز بالجرأة والصلابة، وأنه استطاع أن يولف هذه الصفات معًا ببساطة، وهذا هو سر استحسان الناس لتلك الشخصية.

وعندما عاد جاهين إلى المرض مرة أخرى، ونقل إلى المستشفى ليتلقى العلاج اللازم، رافقته سعاد حسني وقررت البقاء بجانبه حتى يخرج من المستشفى، ولكنه فارق الحياة في 21 أبريل 1986، حينها شعرت سعاد باليتم إذ قالت: "الآن مات والدي ورفيق مشواري الفني وصديقي الغالي" ودخلت سعاد في حالة اكتئاب بعد وفاة جاهين، وقررت البقاء في المنزل حتى تدهورت حالتها الصحية، وأجبرها الأطباء على تناول المهدئات والعقاقير المضادة للاكتئاب حتى تتحسن حالتها النفسية، لإمكان علاجها طبيا.

زي الفراشة

وبعد سنوات طويلة من العزلة ورفض المشاركة في البرامج التليفزيونية والأحاديث الصحفية، وافقت سعاد حسني على المشاركة في الاحتفالية الضخمة التي أعدتها شبكة ART لذكرى صلاح جاهين، كانت المنصة حافلة بوجود كل من: أحمد فؤاد نجم، محمد فاضل، مصطفى حسين، إبراهيم رجب، بهاء جاهين، منى قلعان زوجة جاهين، وكان أول ما فعلته سعاد هو تحيتهم على إقامة الاحتفالية ثم تحدثت عن صلاح جاهين قائلة: "كنت عايزة أقول على المرحوم صلاح أنه كان فراشة زي الفراشة بالضبط، هل تصدقوا إنه هو اللى كان بيوريني الحركة الراقصة تبقى إزاي، يعني كان بيقف على طراطيف صوابعه وهو كان مليان جدا ويحرك إيديه ويحرك جسمه زى الفراشة، كان بيورينا إزاى نقدر نحس بالحركة، وإن الرقصة تعبير كامل عن أحاسيس معينة، فإذا كان بيورينا الحركة فما بالك بالحوار بتاع الفيلم أو الأغنية أو المشهد، ده غير الجانب الإنساني اللى مش ممكن الواحد يقوله، أقول إيه، إنه حلم من الأحلام لأن صلاح جاهين حقيقي حلم، طيف، وأنا في الحقيقة زعلانة جدا إن هو ماكانش بيقول لنا أحزانه، كان بيخبي علينا ويكتم في قلبه بعض الأحزان، يمكن لو كان قال لنا ما أعرفش قطعا كنا هنقدر نعمل حاجة لكنه مكنش بيحب يوري حزنه لحد أبدا أبدا، وأنا زعلانة إنه هو قال قصيدة بتقول "اتكلموا.. اتكلموا"، كان بيقولنا اتكلموا لكن هو مكانش بيتكلم عن حزنه".

أما عن سر ارتباط صوت سعاد حسني بكلمات صلاح جاهين، فتقول سعاد ردا على سؤال صفاء أبو السعود: "والله الأستاذ صلاح أي حد فى الدنيا يقول كلمة من كلماته هتكون حلوة وهتكون رائعة بصراحة وحتى لو رجعنا شوية وشفنا كل أعماله، بالأحضان والله زمان يا سلاحي للسيدة أم كلثوم، يعني إحنا كنا لينا الشرف إننا قابلناه وخدنا حاجة من أعماله، أنا طبعا باحسب إن هو بيعبر عني فعلا، يعنى كل حاجة كنت باحس أنى أقولها، أى كلام عن المرأة أو الحياة أو الظلم أو الفن، أي شئ ألاقيه هو زي لسان حالي، أنا طبعا ببقى وياه أثناء ما بيكتب أغنية أو فيلم كنت بابقى قاعدة قدام مدرسة كبيرة قوي.. هاقول إيه يعنى".

ربنا

تحدثت سعاد كذلك في تلك الندوة عن تأثرها بأغنية "ربنا" لصلاح جاهين فقالت: "على كل حال أنا كنت أحب أني أقرأ أخر أغنية هو كتبها وهى كانت يعني برضه علشان سامية اللى كانت صغننة شوية ساعتها وياريت تسمحوا لى أقرأها، بسم الله الرحمن الرحيم، على فكرة هو كان كاتب الأغنية دي للأطفال، لكنها ممكن تكون برضه للكبار ولكل الناس واسم الأغنية "ربنا".

وبدأت سعاد قرأتها الساحرة للأغنية التي كانت أخر ما كتب صلاح جاهين قبل وفاته، ولدت فكرة القصيدة في رأس جاهين حين استوقفه ابنته سامية جاهين ذات السنوات الخمس بسؤال بسيط للغاية وهو: "بابا يعني إيه ربنا؟"، حينها قرر جاهين أن يجيب السؤال بقصيدة لم يكن يعلم أنه سوف يلاقي ربه بعد كتابتها، وكأنه كان يستعد لذلك اللقاء دون أن يقصد.

تمنت سامية جاهين أن تغنيها سعاد وطلبت منها ذلك لم يخرج ذلك المشروع للنور، وتكرر ذلك حين حاولت الفنانة آمال ماهر تقديمها بتوجيه من الفنان عمار الشريعي عام 2008، لكنها لم تظهر أيضا، أما عن كلمات القصيدة الأخيرة لجاهين فتقول:

"مين اللي كوّر الكرة الأرضية\ مين اللي دوّرها كده بحنية\ مين اللي في الفضا الكبير علّقها\ ما تقعش منها أي نقطة ميه\ مين اللي عمل البنى آدمين\ مفكرين ومبدعين\ مين اللي إدانا عقول وقلوب\ وشفايف تسأل هو مين؟\ مين اللى دايمًا صاحي واخد باله\ وكلنا بنحبه جلّ جلاله".