رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

د. أسماء مسعد تكتب: الأم اللي ربت

جريدة الدستور

نعيش هذه الأيام حالة من الحب وإظهار الولاء وتقدير ما فعلته الأم على مدار حياتنا بدءا من لحظة الميلاد مرورا بكل النجاحات التي يحققها الفرد أغلبنا إن لم يكن جميعنا يرجع الفضل إلى الأم التي رعت وسهرت وكبرت وعطفت وحضنت وطبطبت وطببت، فكل البنات يدركن عندما يصبحن أمهات كم المشقة والتعب التي لاقته كل الأمهات منذ أن تشعر بآلام الحمل الأولي.

ولكن،،
عندما تظهر قصص وحكايات عن المشقة التي تواجهها أم، لم تحمل بطنها يوما ولكنها أم بالفطرة، فكل الفتيات أمهات منذ الصغر تلعب بعروستها وتمشط شعرها وربما تذهب بها إلي الحمام لكي تقضي حاجتها أو للاستحمام، هكذا الفتيات الصغيرات منذ نعومة أظفارهن أمهات لعرائسهن، وقد تسوقهن الظروف لأن يكن أمهات لاخوتهم الصغار في حال موت الأم أو طلاقها من الأب وربما تقسو الظروف أكثر فتعيش على تربية كل من حولها بدون التفكير في الزواج وتقسو أكثر لتموت أختها وتترك لها أطفالا صغارا لم يعرفوا عن أمهم التي حملت بهم ووضعتهم وارضعتهم سوى صورة، أما الحنان والعطف والتربية فالخالة قد كفت ووفت وكما يقال عن الأرملة التي تركها زوجها ( ترملت على عيالها) هي أيضا ترملت على عيال أختها أو أخيها ترعاهم وتحنو عليهم.

الام اللي ربت

الامومة شعور فطري، وقد كان من الظلم ما واجهته النساء قديما من قانون كفالة اليتيم الذي لم يكن يسمح للعاقر أو التي لم تتزوج بكفالة الطفل في بيتها بسهولة، إلي أن جاء القانون الأخير ليفتح الأبواب لكل من يريد تربية طفل يتيم لينال الثواب ويحافظ أيضا على حقوق الطفل في أبويه وفي الحياة الكريمة، لتتوسع الدائرة وتسمح لكل طفل بفرصة في وجود أم ترعاه وتحتضنه وتنتشله من دور الرعاية، التي تراعي فقط عوامل الأمان وتأمين الغذاء الجسدي والملبس ولا تراعي الغذاء الروحي – الدفء والحنان الأسري – ليتاح الفرصة لكل سيدة أم بالفطرة لم يرزقها الله بالاولاد ليكون لديها طفل ترعاه وتمارس امومتها ورعايتها، فتظهر لنا القصص الرائعة التي تخلد في ذكرى ابطالها وذكرى المجتمع.

مهمة المجتمع أن يساعد أفراده على أن يكونوا اسوياء لينتفع بهم ويسمو ويتطور، وكلما نهل هؤلاء من حب ورعاية النساء الأمهات الفاضلات كنا أسعد وأرقى، ولا عجب في شهرة المجتمعات العربية بين الغرب بشدة تقارب أهلها وتكاتفهم وتراحمهم.

لا أريد التحدث من الناحية الدينية أو الشرعية فكل منا في دينه يعرف فضل الأم المقدس، ولا حاجة بنا للتشديد عليه، لكن فضل “الأم اللي ربت” لا يعرفه ولا يدركه إلا من فقد أمه لأسباب مختلفة فاسقطه القدر في أحضان أم تغدق عليه من حبها وحنانها ما يشبعه عن الإحساس بنقص أو حرمان.

فلا تفقدوا الفتيات امومتهن فلربما يكن عون المجتمع في تربية أطفاله المحرومين من أمهاتهم، ساعدوهن على تنمية قدراتهن فلربما قد تعي فتاة جرم ترك وليدها في الشارع أو على أبواب المساجد، أعلم جيداً أن شدة الفقر تدفعهن لترك “ الضنى” لكن المجتمع يدفعهن دفعا بشدته وغلظته وقسوته إلي هكذا أفعال، حتى وإن فعلن غصباً فاتركوا الاخريات لتربية الأطفال، ان فقدت احداهن امومتها وتركت رضيعها وحيداً لابد أن تتلقفه عشرات الأيادي لامهات يسعين من زمن لتغيير قانون الكفالة، فالحمدلله أن جعل لهن مخرجاً وفتح لهن باب بممارسة الأمومة لأطفال في أشد الحاجه لتفريغ شحنات عاطفية مليئة بالحب والرعاية، فكلما شعر الطفل بالأمان والاحتضان أثر ذلك في نفسيته مما يؤثر في شخصيته فيكون فرداً صالحاً لنفسه وللمجتمع.

لذلك هنيئا لكل فتاة وسيدة.، هنيئا لكل أم ترعى طفلاً سواء وضعته أو لم تضعه فهي ( الأم اللي ربت) كل عام وانتن بخير، كل عام واولادكم ينهلون من بحور عطفكن، كل عام وبحوركن لا تنضب.

عيد أم سعيد لكل بنات حواء مهما كان سنها، لديها عروسة من البلاستيك أو القماش أو لديها أطفال يتشبثون بملابسها، عاما سعيدا لنا جميعا.

- مدرس الإذاعة والتليفزيون كلية الإعلام جامعة 6 أكتوبر