رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد اتفاق السلام .. لماذا توصف العلاقات بين إسرائيل والمغرب بـ "المعقدة"؟

جريدة الدستور

أعلنت الولايات المتحدة أول أمس الخميس عن اتفاق رابع في غضون أربعة أشهر بين إسرائيل ودولة مسلمة، وهذه المرة مع المغرب، التي تتمتع إسرائيل معها بتاريخ من العلاقات التي توصف بـ"المعقدة".

عُرفت المغرب على مدار العقود بالماضية، بترددها وتأرجحها الدائم نحو إسرائيل، فمع مغادرة فرنسا للمغرب في عام 1956، حدت السلطات المغربية عدد اليهود الذين يمكنهم مغادرتهم وأوقفت الهجرات اليهودية لإسرائيل.

ثم تغيرت القيود بعد وفاة محمد الخامس وتولى ابنه السلطة في عام 1961، في ظل حكم الملك الحسن الثاني، تم التوصل إلى حل وسط يسمح ليهود المغرب بالمغادرة إلى إسرائيل، بسبب الكارثة التي حدثت عام 1961، والتي عرفت باسم كارثة "إيجوز" وهي السفينة التي غرقت وأدت إلى وفاة 44 يهوديًا مغربيًا أثناء محاولتهم الهجرة إلى إسرائيل، وفي حينه جرت مفاوضات سرية بين إسرائيل والمغرب وتم التوصل إلى اتفاق يسمح لليهود بمغادرة البلاد، وكجزء من الاتفاقية، تعهدت إسرائيل بدفع 250 دولارًا للحكومة المغربية عن كل يهودي يغادر البلاد، كما تعهدت إسرائيل بمساعدة المغرب على تحديث آليات الأمن الداخلي. ولاحقاً غادر معظم الجالية اليهودية في المغرب، منهم من هاجر إلى إسرائيل أو إلى أوروبا.

وفي السبعينيات، شارك المغرب بشكل فعال في جهود الوساطة بين إسرائيل ومصر، وكذلك في الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين من أجل السلام. وكجزء من هذا الجهد، فتح المغرب رسميًا أبوابه أمام القادة الإسرائيليين للزيارات السرية.

وبعد مؤتمر مدريد عام 1991، وتوقيع اتفاقات أوسلو عام 1993، فتحت المغرب مكتب تنسيق في إسرائيل عام 1994 وهو ما يعتبر علاقات دبلوماسية على مستوى مكتب التمثيل الدبلوماسي - وهو مستوى يعتبر مرتفعًا نسبيًا، لكنه ليس سفارة؛ فكان لإسرائيل فريق دبلوماسي كامل في الرباط، بما في ذلك رجال الثقافة والعلاقات العامة، وبعد إقامة العلاقات، قام وزراء الخارجية شيمون بيريز وديفيد ليفي وسيلفان شالوم بزيارة المغرب علانية. إلا أن العلاقات المفتوحة قطعت بسرعة كبيرة بعد اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2002 والتي أدت إلى قطع المغرب وتونس العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

 في الوقت نفسه، فإن العلاقات بين المغرب وإسرائيل ظلت قائمة، بسبب مليون إسرائيلي من أصل مغربي، ساهموا بشكل كبير في تعزيز العلاقات مع موطنهم الأصلي، واستمرت السياحة بين الدولتين، ففي عام 2019، حوالي 70 ألف إسرائيلي زاروا المملكة.

أهم اسباب وصف العلاقات بالمعقدة رغم الترابط بسبب يهود المغرب، هو وضع المملكة الديني بصفتها الوصي على الأماكن المقدسة في القدس، حيث تعتبر عائلة الملك من نسل النبي محمد، كما يترأس المغرب لجنة القدس التابعة لمنظمة الدول الإسلامية.

بالنسبة للملك، فإن تقديم اتفاق السلام بأنه المقابل أمام الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، فهو يراهن على أن الحماسة القومية للمغاربة بشأن وضع الصحراء الغربية قد تعتبر أولوية لديهم أكبر من الغضب من التطبيع، خاصة أن اتفاقات السلام تتحدث عن حل الدولتين للفلسطينيين.