رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف فسر يوسف إدريس حزنه من تتويج نجيب محفوظ بنوبل؟

يوسف إدريس
يوسف إدريس

"الكاتب حينما يقول رأيه عليه أن يكون صريحا صراحة تامة مع نفسه، فهو لا يستطيع أن يناور أو يداور أو يغلف الحقيقة، فهو يقول الحقيقة ورزقه على الله، أما إذا اعتبرها الناس بعد ذلك معركة فهم أحرار".

هكذا بدأ الأديب يوسف إدريس حديثه في حواره لمجلة "أكتوبر" عام 1989.

وحكى "إدريس" عن معركته مع الشيخ محمد متولي الشعراوي، وقال: "إنها ليست معركة، ولكن مواقف الشيخ الشعراوي العلمية والسياسية خاطئة جدا، وقد نبهت إلى هذا منذ وقت مبكر طالبا منه أن يقصر عمله على شرح القرآن الكريم وعدم التدخل في قضايا علمية خاطئة، فهو مثلا قال حديث "الذبابة"، بحيث إنك تضع الذباب في كوب اللبن فيتطهر وهذا حديث غير علمي ولم يرد له ذكر في الأحاديث الصحيحة المسندة، وقد ناقشت الشعراوي كداعية إسلامي يدعو إلى الإسلام، لم أناقشه كرجل دين".

أما عن فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل، قال "إدريس"، إنه من الصعب أن تمنح الجائزة لكاتبين من مصر في سنوات متقاربة، لذا "أنا حزين لفوز نجيب محفوظ بالجائزة وهو في السابعة والسبعين من عمره، فهو قطعًا كان يستحقها وهو في الخمسين من عمره، وهنا ستكون الفائدة أعم وأشمل وأجدى وأحسن، فهو لا يستطيع أن يسافر أو يستمتع بالأموال التي منحت له، فهي تتويج لكاتب متوج فعلًا".

وأكد "إدريس" أنه لم يهاجم فوز نجيب محفوظ بالجائزة، بل هاجم اللجنة التي خدعته بعد أن اتصلوا به وأخبروه بأنه مرشح للجائزة، ونشروا ذلك في صحف عالمية، مثل النيويورك تايمز، والنيوزويك، والتايمز، وعبر "إدريس" عن استغرابه من أن يرشح كاتب ثم تمنح لكاتب آخر في سرية كاملة، وقال: "إن نجيب محفوظ حين يقول إنه لم يكن يعرف أو يعلم عن الجائزة فهذا غير صحيح".

وعن مسألة موقف نجيب محفوظ من الكتّاب الإسرائيليين، قال "إدريس"، إن نجيب محفوظ كان يستقبل الكتاب الإسرائيليين في الأهرام، وكانت مسألة معروفة لهم، في الوقت الذي كان "إدريس" وبقية الكتاب يرفضون مقابلتهم.

وحكى الأديب الراحل عن الكاتب الإسرائيلي الذي أخفى جنسيته وقال: "لم أقابل في حياتي سوى كاتب واحد فقط، جاء على أنه مراسل الهيرالد تريبيون، واتضح أنه إسرائيلي مزور الجنسية، وقد نشر كلاما سخيفا عن نجيب محفوظ بعد تشبيهه بالموظف ومدح فىّ كثيرًا رغم أني الوحيد الذي رفضت أن أقابله وقابلني في الأسانسير، وهو كتب عن شكلي فلم يكن حديثا معي".

وقال يوسف إدريس، إن نجيب محفوظ لم يقابل الكتاب الإسرائيليين عن خيانة مطلقا، بل كان ينظر إليه بخطورة، لأن له فلسفة وراء هذا فهو رأيه السلام مع إسرائيل خاصة بعد عقد معاهدة السلام.

وعن حصوله على جائزة صدام حسين مناصفة مع الأديب الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا، قال "إدريس":"كان موقفا صعبا جدا، فأنا أعرف الرئيس العراقي صدام حسين منذ زمن طويل وكان محرجا لي أن أرفض الجائزة، لأن الرد على نصف الجائزة هو الرفض بالقطع، المسألة لا تحتمل نصف جائزة، ولهذا كان قرار الرئيس صدام حسين قرارا حكيما جدا عندما قرر ألا يحصل الكاتب المبدع على نصف جائزة"، وأمر الرئيس العراقي بمنح الجائزة كاملة للأديب الراحل.