رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيسة البعثة الإيطالية للآثار: المصريون محظوظون بالفراعنة و«صلاح» (حوار)

الدكتورة باتريتسيا
الدكتورة باتريتسيا

الدكتورة باتريتسيا: اكتشفنا 300 مقبرة.. ونتوق للعودة قريبًا

التعاون المصري الإيطالي قوية للغاية.. والأثريون المصريون رائعون

المصريون محظوظون بامتلاكهم آثار الفراعنة واللاعب محمد صلاح

«صلاح» سفير رائع لبلدكم.. شخصية سحرية أسطورية لمصر الحديثة



قبل 35 عامًا، وطأت قدميها أرض مصر للمرة الأولى، قادمة من إيطاليا بحثًا عن أسرار الفراعنة، لتُعزز بها مهامها الدراسية في مشروع تخرجها الذي كان يدور حول هذا الشأن، غير أن رحلتها لم تكن الأخيرة، وباتت عاشقة لـ"أم الدنيا"، ثم واحدة من علماء المصريات المُنقبين عن أسرار الأجداد، لتترأس البعثة الإيطالية في مصر.

اختصت الدكتورة باتريتسيا بياتشينتني، أستاذ المصريات في جامعة ميلانو الحكومية للدراسات بإيطاليا، "الدستور" بهذا الحوار، الذي أجريناه معها عبر تطبيق المحادثات عن بُعد "ZOOM"، وترجمه الباحث المصري في الشأن الإيطالي أسامة فوزي، والذي كشفت فيه آخر تطورات البعثة الإيطالية للتنقيب عن الآثار في مصر، وما توصلت إليه من نتائج باكتشاف 300 مقبرة.

وجاء نص الحوار على النحو التالي:

في البداية حدثينا عن زياراتك لمصر


تیت إلى مصر لأول مرة عندما كنت أعِدّ بحث تخرجي عام 1985، ومنذ ذلك
الحین كنت آتي إلى مصر دائمًا مرات عدیدة كل عام، وفي عام 1990 قمت بأعمال حفر عن الآثار لفترة بالفیوم، وحالیًا منذ عام 2018 نحن لدینا بعثة في التنقیب والحفر عن الآثار، وھي بعثة أعمال حفر مشتركة بین جامعة میلانو للدراسات، ووزارة الآثار المصریة، في أسوان بموقع بمنطقة مقابر مدفونة حول ضریح الأغاخان.

وما الذي أثمرت عنه هذه الحفريات؟


ھي أعمال حفر مھمة للغایة، فقد اكتشفنا أكثر من 300 مقبرة، وتتواجد العدید من المقابر تحت الرمال في ھذه المنطقة، وتجري الحفريات بالتعاون مع الزملاء المصریین الأثریین، وقمنا نحن الإیطالیون والمصریون الأثریون سویًا بحفر مقبرة وأطلقنا علیھا رقم 26، وجدنا مفاجأة عظیمة، ھي مقبرة من الحقبتین بدایة من عصر البطالمة حتى عصر الرومان، ووجدنا نحو 35 من المومیاوات داخلها، بالإضافة إلى العدید من القطع الأثریة غایة في الجمال، خاصة اللفائف المحیطة بالمومیاوات (غطاء المومیاوات المعروف بالكارتوناج) من مادة الكتان، فھي غایة في الروعة وذات تصمیم دیكوري ملون رائع، وجیدة الحفظ إلى حد ما.

اثنتین من المومیاوات بحالة جیدة الحفظ موضوعین فوق بعضھما البعض، اعتقدنا أنھا تخص أم وطفلھا، والأیام القادمة سوف تشھد حضور آخر لبعثتنا لنقوم بتحلیلھما بالتعاون مع الفريق المصري، من أجل التأكد أن المومياوتين يخصان أم وطفلھا أم لا، وجدنا كذلك قطع أثریة عدیدة أذكر منھا على سبیل المثال لا الحصر تمثال من الخشب صغیر الحجم ملون الشكل جمیل جدًا كان یمثل الطائر "با" ھو نوع من الصقور ملون بشكل كامل وكان بمثابة "روح المتوفي"، وجرى حفظ التمثال مع جمیع القطع الأثریة المكتشفة بمخازن التفتیش الأثري بمحافظة أسوان.

أُرید أن أقول إن التعاون المصري الإیطالي قوي للغایة، وأن أعمال الحفر یتم إدارتها من جانبي ومن جانب مدیر منطقة آثار أسوان، عبدالمنعم سعید.. نحنُ نعمل بالطبع مع خبراء مصریین وشباب مصرى متخصص في الآثار یمتازون بالمھارة العالیة، وھذا التعاون المشترك لفریقى العمل یطلق عليه "إیميوا" EMIWA اختصارًا إلى البعثة المصریة الإیطالیة بغرب أسوان.

وكيف ينظر المجتمع الإيطالي للآثار المصرية؟

كما قلت مسبقًا فأنا جئت إلى مصر عندما كنت في أوائل العشرینیات من عمري؛ ومنذ ذلك الحین عشقت الأثار المصریة القدیمة، وعندما كنت صغیرة في عمر الإثنى عشر ربيعًا، كانت لدي الرغبة في تعلم اللغة الھیروغلیفیة، والدراسة حول الأھرامات، كنت محظوظة بالسماح لي بالمجیء (بالزیارة - بالرؤیة)، فأنا عشت أیضًا بالقاھرة عامًا واحدًا، فمشاعري تتسم بعشق الآثار المصریة القدیمة بشكل خاص وبمصر بشكل عام، لا یمكننى الاستغناء عنھا، یُقال بأننى إیطالیة ومصریة أیضُا بمعنى أنني أوصفھا بأنھا بلد عظیم للغایة لیس فقط بسبب طبیعة آثارھا الساحرة، ولكن كذلك بعلاقتي مع أشخاص مصریین، ومع أماكن المواقع الأثرية، وساكني القرى والمدن جمیعھا، إننى أوصفھا بأنھا علاقات ممتازة.

إنني نقلت ھذه المشاعر لطلابي حیث أقوم بالتدریس كل عام لما یقرب من مائة وخمسین طالبًا بجمیع مراحل التعلیم الجامعیة من بدایتھا حتى مرحلة الدكتوراه، حاولت أن أنقل لھم رؤیتى ومشاعري تجاه مصر، لیس فقط نقل طبیعة الآثار القدیمة المصریة، ولكن أقوم بنقل صورة لھم عن مصر الحدیثة، لأن سكانها أناس رائعون للغاية، ولدي صداقات كثیرة معهم، وتعاون وثیق سواء أشخاص في مجال عملي في الحفر الأثري أو أشخاص تعاملت معھم في المتاحف، فتعاملت لسنوات عدیدة معھم بالمتحف المصرى بالقاھرة، وهي علاقات وتعاون یوصف بالصداقة العظیمة، وأقمت معھم معرضین في 2008، أحدهما تكريمًا لعالم المصريات الراحل فیكتور لوريت، ومعرض آخر حول تاریخ المتحف المصري، التعاون مع أفراد المتحف أمر رائع للغایة.

إذًا فإن مشاعري أكثر من إیجابیة، وقبل قليل كنا نُفكر في وصول بعثتنا القادمة إلى مصر، ونتمنى أن تنتھي جائحة كورونا التي غزت العالم قریبًا، ونتمنى بعدھا أن نعود مجددًا لمصر، وأسعدني خبر فتح الطيران والفنادق بشكل حذِر، نتمنى العودة في أقرب وقت ممكن.

وهل ترى الدكتورة باتریتسیا أفكارًا أفضل للترويج للآثار المصرية في الخارج؟


حسنًا، أنا أرى دائمًا أن القطع الأثریة المصرية یجب أن تظل بمصر، ھذا أعتبره مھمًا للغایة، ویجب أن ننتبه جمیعًا لھذا، أي حمایة الآثار كلھا، حقیقي أنه هناك العدید من القطع خرجت من مصر مسبقًا تجاه متاحف العالم، وھذا قد ساعد في زيادة المعرفة بالآثار المصریة، فأرى الاستمرار في عمل المعارض الأثریة بالخارج لشرح وفھم القیمة العظیمة للآثار، أكرر أن الآثار المصریة یجب أن تبقى في مصر وإذا ما ذهبت للخارج للمعارض فتكون لفترات قصیرة ومحددة.

على سبیل المثال، نحنُ في مدینة میلانو في عام 2017 قمنا بمعرض رائع عن الفرعون أمنحتب الثاني، وأحضرنا من المتحف المصري بالقاھرة عشر قطع أثریة، كان ھذا تعاون قوي ومثمر بین وزارة الآثار المصریة وجامعة میلانو، كان المعرض لفترة قصیرة شھرین أو ثلاثة فقط، في ھذا المعرض الإیطالیون والأوروبیون تمكنوا من رؤیة القطع الأثریة حیث لم یتمكنوا من المجیء لمصر لرؤیتھا مسبقًا، أنا أرى أن الطریقة الفضلى لنشر وتعارف الآثار المصریة ھي أیضًا النشر في الصحف وعلى شاشات التلفاز، بجانب تنظیم المعارض، الآثار ھي موروث مصر، ویجب أن نثمنھا بقدر الإمكان في الخارج؛ ولكن عن طریق إقامة معارض ونقاشات ومؤتمرات وإعطاء دروس، فأنا أشرح لتلامیذي وأجعلھم یشاھدون الصور والأفلام القصیرة، وأحكي لھم خبراتي بمصر؛ وتاریخ مصر العتیق، والحدیث كذلك.

يجب أن تبقى الآثار في مصر بالمتاحف الرائعة، فیوجد المتحف المصري بالقاھرة، وأحكي لطلابي بأنه خیالي، ولكن بعد مدة قریبة سیتم فتح المتحف المصري الكبیر، وتوجد متاحف عدیدة بالمحافظات، فإننى أقوم بتعریف المتاحف لطلابي كمتحف بورسعید والمنیا وأسوان والأقصر، إنھا بلد غني بالمتاحف، في مصر المتاحف لھا قیمة عظیمة، فزملائي عملوا كثیرًا ومتحمسین.
رأیي أن الآثار یجب أن تبقى بمصر، لا یمكن أن أُعطى رأیي صراحة لأنه لیس من اختصاصي، فھذه فقط رؤیة لي، فالمعارض مھمة ولكن یجب أن تكون قصیرة المدة.

أخيرًا.. كيف غيّر اللاعب المصري محمد صلاح في درجة اهتمام الإيطاليين بمصر؟

بالطبع ھذه الشخصیة من الشخصیات السحریة الأسطوریة لمصر الحدیثة، ألیس كذلك؟ إنه معروف فى كل العالم ولیس في روما فقط، فالآن یلعب في لیفربول، إنه كمتحدث رسمي لمصر أنتم محظوظون بامتلاككم آثار وكذلك شخصیة مثل صلاح، خاصة أنه یلعب فى أوروبا وكرة القدم لھا شھرتھا في ھذه القارة، إنه شخص رائع للغایة لا مثیل له، وأعتبره متحدث رسمي رائع للبلد، كما كان لدیكم متحدثین رسمیین في الماضي كأمثال المطربة أم كلثوم، فھذه الشخصیات تعطي لكم الفخر.

أكون سعیدة عندما أصل لمصر وأرى في الطرق من المطار حتى وسط البلد (بالقاهرة) صور اللاعب على اللافتات في طرق كثیرة، صلاح ھو سفیر لمصر في كل العالم بجانب الآثار.