رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ايمان عادل تكتب: خيانة عبلة الرويني لنساء محمود درويش

ايمان عادل
ايمان عادل

لم تتوقف الأصداء حول مقالة الشاعر الكردي سليم بركات والتى نشرت في جريدة القدس العربي بعنوان "محمود درويش وأنا" هذه المقالة التى تبدو وكأنه لدغت الكثيرين وأثارت حفيظتهم، بل وأطلقت مساحات إدانتهم للشاعر الكردي باعتباره الصديق الذى أفشى سر صديقه محمود درويش، بأن له ابنه من امرأة متزوجة، وكالعادة خرجت ردود حادة وانفعالية لكنها كانت كافية لكشف الانحيازات التى تتوارى طوال الوقت خلف قشور صافية ورزينة.

تابعت مقال الكاتبة عبلة الرويني والتى وصفت فيه سليم بركات بأنه صاحب نقيصة، وأنه أفشى سرًا عمره 23 عاما، وكأنها حارسة أمينة لمتطلبات الصداقة الحقة والمضبوطة بقواعد صارمة، وإفشاء السر فيها نوع من النميمة والخيانة، أو كأن الوسط الثقافي طاهرًا من النمائم ذات العيار الثقيل، ولا يقتات عليها طوال الوقت، ولم نسأل أنفسنا السؤال الحق، قبل أن نصبح أوصياء المعبد، متى يصبح السر سرًا أبديًا؟ ومتى يحق للصديق إفشاء سر صديقه؟ وهذا السر لماذا أثار كل هذا الذعر؟

في تقديرى الشخصي أن الدافع الأساسي لإخفاء سر محمود درويش أثناء حياته أنه لا يرغب في الأبوة الجينية، رغم أنه يرحب بالأبوة وسلطتها وسطوتها في صورتها الشاعرية، وقد يشعر بالخفة القصوى حينما يرى نفسه أبًا لسليم بركات وغيره، فهذه الأبوة الشعرية والروحية لن تُثقل روحه بإلزامات الأب الجيني، التى تَسلب، ولا تهب مجدًا وكاريزما مثلما تهب الأبوة الروحية، وكان الرجل واضحًا، وصريحًا، لكن هذا الوضوح لا يعفيه من السقوط في مسألة لن أقول أخلاقية، لكنها إنسانية وحتى مفردة إنسانية هنا ليست الكلمة الدقيقة، فالرجل خان امرأتين "حبيبته وابنته" أكثر مما خان سليم بركات السر، قال إن له ابنة ومتأكد من نسبها ورغم ذلك أنكرها.

واليوم محمود درويش ميتًا، لن تلاحقه إلتزامات الأبوة ولن تزعجه، وبالتالي في تصوري فإن إفشاء السر لن يجعله منبوذًا بين الأموات مثلا، الرجل حقق مجده وانتهى من تشييد صروحه، وأصبح بيننا اليوم كيان معنوي، ورغم ذلك يتعامل البعض وكأن محمود درويش يعيش بيننا ويشعر بالإهانة والخوف والدونية، لذلك فإن السر ليس سرًا أبديًا، خاصة إذا كان يضع على عاتق سليم بركات مسؤولية أخلاقية تجاه الحبيبة والابنة، فلماذا كل هذا الذعر من إفشاء هذه المعلومة إلا إذا كنا حراس صورة محمود درويش باعتباره رمزًا لا يشوبه شائبة.

سليم بركات قد يكون الشاهد الوحيد على نسب ابنة محمود درويش لأبوها، ولا أرغب في تبني وجهة نظر البعض أن سليم بركات قصد تشويه صديقه، بقدر ما أرى أنه رغب في أن يصل صوته لحبيبة محمود درويش إن كانت ترغب في إعلان السر، فها هو سليم بركات شاهدًا، لماذا نرغب في طمس شهود قد تعيد حقوقًا معنوية ومادية لأصحابها ؟ نعم يحق للصديق إفشاء سر صديقه ما دام هذا السر مقرونا بظروف معينة وهي حياة محمود درويش، وفي حال غياب الظرف بغياب صاحبه فإن السر لم يعد سرًا ما دامت هناك أطراف أخرى وقع عليها الظلم.

نفت عبلة الرويني في بداية مقالها أنها لا تدافع عن محمود درويش "المسألة ليست محمود درويش، لا تقديسه ولا إدانته، لا يهم كثيرًا إن كان درويش طيبًا أو كان شريرًا مخادعًا. الحقيقة أولًا، والحقيقة أخيرًا، شرط الأمانة والموضوعية، المسألة هى نقيصة الشاعر السورى الكردى سليم بركات" وفي الحقيقة إن كلام عبلة الرويني متضاربًا خاصة وهي تؤكد على كلمة الحقيقة أولا والحقيقة أخيرا ثم قالت المسألة هي نقيصة سليم بركات؟ يمكنها أن تفسر أكثر لأن السياق مشوه في معناه هل ترغبين في الحقيقة أم في إثبات فعل النقيصة؟ وهذا التضارب يجعلني اسألها واسأل غيرها هل التلويح بنفى أنكم لا تدافعون عن قدسية محمود درويش حقيقي فعلًا؟ من قلب ضمائركم؟

أعلم أنني اقتنصت مقال عبلة الرويني كمثال دون أمثلة أخرى أكثر تلفيقًا، وكان هذا الاختيار قصدي، فأنا لا أفهم لماذا تقف امرأة ضد جنسها طوال الوقت؟ لماذا لا يتسرب لها إحساس امرأة أخرى شعرت بالخذلان وحملت مسؤولية طفلتها وحيدة، ومضت عليها السنون وهي تبتلع سرًا مرًا وحدها، وتشعر أنها أمًا لفقت نسب طفلتها كي لا توصم وحدها في مجتمع ذكوري؟ لماذا تخون عبلة الرويني امرأتين وتخون جنسها كله من أجل إثبات نقيصة شاهد حق؟ هل محمود درويش يستحق منها كل هذه الخيانة؟