رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صلاح الراوي: الهزة العالمية التي أحدثها كورونا ستظهر في الكتابة

صلاح الراوي
صلاح الراوي

من المؤكد أن العالم ما بعد وباء كورونا لن يعود كما كان قبله، وربما سيأتي اليوم الذي يؤرخ فيه بــ "الكورونا" وربما قيل الوقائع الفلانية حدثت قبل أو بعد الكورونا. وبعيدا عن روايات أو عالم الــ"ديستوبيا" استطلعت "الدستور" آراء العديد من الكتاب والمثقفين حول هذا الفيروس القاتل، وكيف يتخيل الكتاب شكل العالم ما بعد الكورونا؟ وما التأثير الذي سيتركه علي الأدب، عليهم شخصيا، وهل سيفرض هذا الوباء نفسه علي الكتابة فيما بعد، أو حتي تداعياته والتأثير الذي تركه علي العالم كما نعرفه؟ كل هذه الأسئلة وغيرها.. في محاولة لاستشراف عالم الغد.

يقول الشاعر "صلاح الراوي": استنفدت الديسوتوبيا الجزء الأكبر من تصوير الخراب والواقع المرير المتخيل وجاء الكورونا ليصادق على كثير مما صورته وبشرت به ( أو أنذرت ) روايات الديسوتوبيا وتجلياتها من أفلام سينمائية وغيرها.

الأعمال الفنية غالبا ما تقوم بتفريغ الشحنة الإنفعالية ( ربما يصدق هنا تقنين أرسطو للمعضلة الأفلاطونية نظرية المحاكاة وفكرة التطهير كأحد وظائف الفن أو وظيفته الأساسية عند أصحاب هذه النظرية أى التطهير بإثارة كل من شعور الشفقة وشعور الخوف ).

أعتقد أن الهزة العالمية التى أحدثها فيروس كورونا ستنعكس بالضروة فى أبداعات الكتاب فالفن فى جوهرة موازاة رمزية للواقع الذى عاشه العالم طوال الأسابيع الماضية وما يتبعها من أحداث عميقة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ( الأبنية الثلاثة المتجادلة وفق نظرية الإنعكاس الماركسية فى الفن ) سيكون لهذا الحدث الكبير والمفاجى أثار ممتدة لأجيال من حياة الناس.. وأرى أن الآثار النفسية العميقة التى ستلحق بالوجدان الجمعى وبالكتّاب ضمنا ستلعب دورا كبيرا فى معالجات الكتاب لإبداعاتهم الأدبية ولو لفترة ليست بالقصيرة إلى أن تظهر تيارات جديدة تسعى للتمرد على هذه الروح شبه السوداوية لترسم صورة جديدة لحياة على هذا الكوكب.

تابع "الراوي":بطبيعة الحال ليس من المنطقى ( أو العلمى ) أن نرى المتغير ( العامل ) النفسى هو المتغير الوحيد بل سيكون للتحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أدوارا جوهرية فى تكوين رؤية الكتاب للعالم ( الواقع بجملته ) والرؤية الكلية للعالم هى التى تقود إلى تكوين النظريات العامة وما يتجلى عنها من فاعليات فلسفية وثقافية وفنية ومنها الأدب بطبيعة الحال.

بالنسبة لى: منذ الآن وأنا أرصد وأتأمل الكثير من الظواهر ومنها العدمية التى تصدر عنها بعض المجتمعات والأفراد وخاصة فى هذا الاختبار الوجودى العميق والحاد.. بطبيعة الحال سيجرى عقلى غير قليل من المراجعات التى لم تتوقف أصلا كمثقف وكاتب فضلا عن كونى باحث فى مجال الثقافة الشعبية منشغل بتفاعلات الوجود وجدل الإنسان مع هذا الوجود.
اعتقد أنه حتى المفردات ( الموضوعات واللغة ) سيلحقها قدر من التغيّر الذى يمكن توقعه ولكن لا يمكن فى زَخْم الآنى من الأحداث رسم حدوده بجلاء.