رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اتعودت عليك.. حكاية أغنية شادية للنادي الأهلي

شادية
شادية

توقفت البطولات المحلية لكرة القدم في مصر منذ نكسة 67، ولمدة 6 سنوات لتعود مرة أخرى 1973، وكانت آخر مباراة حصل فيها النادي الأهلي على الكأس عام 66، وبمناسبة العودة فكر مجلس إدارة النادي الأحمر في أن يستهل موسمه الرياضي بإقامة حفل غنائي داخل حديقة النادي يشهده جمهور الأهلاوية، وتنقله الإذاعة والتلفزيون على الهواء.

واهتدى تفكير المجلس إلى الفنانة شادية لإحياء هذا الحفل، والتي رحبت بقوة واعتبرته وسامًا على صدرها، أن تغني لها الجمهور العريض من مشجعي النادي في كل مكان.

وتقديرًا منها رأت أن تمنح النادي لحنًا جديدًا، لملحن مبدع وهو ضابط القوات المسلحة الموهوب موسيقيًا الفنان خالد الأمير، وكانت له عدة ألحان سبقت وهي "وحشني كلامك" غناء مها صبري، وكان للأغنية صيت كبير، فتحدثت شادية مع مأمون الشناوي وطلبت منه الاتصال بالأمير، وكان الشناوي بصحبة كمال الملاخ، والذي أثنى على هذا الاختيار، واتصلا بالأمير وحددا معه موعدًا لمقابلة الفنانة شادية، وتم اللقاء في شقتها بالجيزة بعمارة شفيق أمام حديقة الحيوان، وربحت به كثيرا، وكان الامير سعيدا جدا وهو يلحن لها، وهو الذي يعتبر صوتها من احلى الأصوات التي سمعها، وفي اثناء اللقاء الذي استمر لساعات طلبت من خالد أن يفكر في جملة غنائية تكون مدخلا للاغنية المطلوبة، واهتدى تفكيره غلى كلمة "اتعودت عليك"، ودار نقاش بينهما حول المضمون والمعنى الذي يدور حوله ذا العنوان، وعرضت عليه أن تتصل بالشاعر الذي يكمل لها الأغنية بناء على العنوان، ورحب خالد خاصة عندما عرف منها أن من سيكمل هو الشاعر الغنائي عبد الوهاب محمد.

وتم الاتصال به في نفس الجلسة،وطلبت منه شادية الحضور في وقته وألا يتأخر، ولم تمض نصف ساعة حتى حضر عبد الوهاب محمد، وعرضت عليه شادية تفاصيل الموضوع وأمهلته ثلاثة أيام لكتابة الاغنية.

وفي خلال يومين فقط كان عبد الوهاب محمد قد أنتهى من الأغنية، وحضر إلى منزلها خصيصًا ليسمعها الكلمات، وأعجبت بها شادية إعجابا شديدا، لتتصل شادية بخالد الذي علم منها كل شئ واستلم منها الأغنية، واعتكف في شقته لمدة يومين ليعود إليها وهو يزف نبأ انتهاء اللحن، والذي سجله بصوته على شريط كاسيت.

وفي جلسة مطولة غنت شادية مع خالد الأمير الأغنية بالمذهب والكوبليهات، وكانت في قمة فرحتها.
وفي اليوم التالي استدعت شادية الفنان عبد العظيم حليم قائد فرقتها الموسيقية إلى شقتها ومعه أحد الموسيقيين المتخصصين في كتابة النوتة الموسيقية، وبدأت شادية مع خالد الأمير وكاتب النوتة وعبد العظيم حليم في الغناء والبروفات.

اتعودت عليك يا حبيبي.. اتعودت عليك
وبقيت ملك ايديك يا حبيبي.. وبقيت ملك ايديك
اتعودت الحنان وشعوري بالامان
زي الطير ما اتعود عشه.. اتعودت عليك.

وامتدت السهرة حتى وقت متأخر من الليل، وفي صباح اليوم التالي فوجئت بجرس الهاتف يدق وكان مجلس ادارة النادي الاهلي يريد معرفة موعد الحفل، وأنه لا يمكن فتح باب التذاكر للحفل وإقامته إلا بعد استعدادها التام، وطمأنتهم الفنانة وقلت إنه خلال عشرة ايام سوف يكون كل شئ جاهز تمامًا.

وفي المساء استقلت الفنانة شادية سيارتها إلى معهد الموسيقى العربية ودخلت لتعيد المذهب مرة أخرى وفقًا للنوتةا لموسيقية الموضوعة أمام كل عازف، وفوجئت شادية بشاب وسيم من أعضاء الفرقة يمسك بآلة جديدةويقف ليعزف لها جملة موسيقية في مذهب الأغنية، وحين سألت عن اسمه عرفت أنه محمود ذهني ضابط طيار.

وما ان نشر كمال الملاخ خبر إحياء شادية لحفل النادي الاهلي حتى تدفقت جماهير النادي على شباك بيع التذاكر خلال يومين لتنفذ تمامًا.

وتجلى صوت شادية في البروفات لتكمل الأغنية
انت ما كنتش بالنسبة لي حب الغالي
انت حياتي.. وروحي وعمري.. وكل آمالي
انت سمايا اللي بتحميني
انت النيل اللي بيرويني.. وانا منك وإليك
زي الطير ما اتعود عشه.. اتعودت عليك
آه يا منايا.. يا كل رجايا.. من دنيايا
انت لوحدك.. بين العالم.. عندي كفاية
عالم تاني.. باشوفه ف قربك
دنيا جديدة.. باعيشها ف حبك
زي الطير ما اتعود عشه.. اتعودت عليك.

كانت البروفة النهائية في مسرح الأهلي وتمت بعد وضع النادي كل الترتيبات وأغلقت كل الجوانب المحيطة بالقاعة والمسرح حتى لا يتسلل الجمهور، وحرصًا منها طلبت شادية من صوت القاهرة المسئولة عن تسجيل الإنية تسجيلها في استوديو 46 وتم بالفعل بالإضافة لتسجيل الحفل خارجيا، وتكتمت شادية على الامر ولم تنشر كلمات الاغنية او اي شئ ممكن ان يفسد مفاجأتها.

وطلب بليغ حمدي من شادية أن يسجل لها الإنية من شقتها لتسمعها بعد عودتها، ولم يكن بليغ قد التقى بخالد الأمير من قل ولكنه كان قد سمع بنجاحه مع مها صبري خاصة وأن بليغ سبق وأن لحن لها "ما تزوقيني يا ماما" كلمات عبد الرحمن الخميسي، وطلبت شادية من خالد ايضا ان ينتظرها في شقتها والاستماع الى الاغنية من هناك، وبعد ان بدأ الحفل ووضغط بليغ على زر التسجيل في الريكورد، فوجئ بجرس الباب يدق وبضيف يدخل ليجلس في الصالون، وانتظر الاثنان لا يكلمان بعضما في انتظار ان تنتهي شادية من الغناء والرجوع، إلى أن عادت شادية بعد النجاح الهائل للحفل، واستقبلها بيلغ مهنئأ وسألته عن رأيه في اللحن فأشاد به بليغ وباختيارها، وطلب منها هاتف الملحن ليقوم بتهنئته ايضًا، وانتبهت شادية ان بليغ لم يكتشف شخصية الشاب الموجود في الصالون وغرقت في موجة من الضحك وأشارت إلى الأمير قائلة:"هو ده الملحن خالد الأمير".

وعادت شادية إلى استوديو 46 لاستكمال مونتاج الأغنية مع مهندس الصوت ومعها الموسيقار خالد الأمير، وطلبوا منها إعادة تسجيل الأغنية تنفيذا لشركة صوت القاهرة وتمت طباعة آلاف الاسطوانات لطرحها للبيع، وتمت تسدل الإنية بزاويتين، الاولى بتصفيق الجمهور، والثانية بلا تصفيق ليختار المستمع ما يشاء، وهنا دخل مندوب الشركة وطلب من خالد الأمير أن يوقع على استلام 20 جنيها أجره عن الأغنية، ووقع الأمير، وقام ليسأل عن الطلبات التي شربها ليجدها 25 جنيها، ويدقع الأمير ما أخذه في المقابل ويزيد عليه جنيهات قليلة ويدفع حسابه وهكذا كان أجر الملحن عن الأغنية فيما كانت قيمة ما أخذه عبد الوهاب محمد عن الكلمات هو عشرة جنيهات، وذلك حسبما ذكر الشاعر مصطفى الضمراني في كتابه " حكايات وراء الأغاني.. زمن الفن الجميل".