رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأنبا مرقس لـ«الدستور»: مهلة شهر لحل مشكلات الأحوال الشخصية

الأنبا مرقس
الأنبا مرقس

- الرئيس السيسى نجح فى إنجاز العديد من الملفات التى كانت مهمشة قبل توليه السلطة، أهمها ملف المواطنة، ولترسيخ تلك المفاهيم سعى لتأسيس كاتدرائية العاصمة الإدارية الجديدة، وبناء كنائس بالمدن الجديدة.
كما نجح أيضًا فى رفع مكانة مصر بين دول العالم، وتعديل مسار اقتصادها وتنميتها فى كل المجالات، واهتم بالمجال الصحى من خلال حملة «١٠٠ مليون صحة» لعلاج مرضى فيروس سى وعلاج سرطان الثدى للسيدات، كما كانت له مبادرات فى إجراء العمليات الطبية الخاصة لمرضى العيون مجانًا، إضافة إلى إنجاز نظام التأمين الصحى الشامل.

■ بداية.. ماذا عن آخر أعمال المجالس الإكليريكية؟
- كان هناك لقاء منذ وقت قريب مع كهنة المجالس الإكليريكية بالوجه البحرى، يتخطى عددهم الـ٤٠ كاهنًا من مختلف الإيبارشيات، وتم تفعيل مجموعات عمل لحل مشكلات متضررى الأحوال الشخصية بهذه الإيبارشيات بشكل أسرع.
ونحاول فى الوقت الحالى تسهيل الإجراءات التى من شأنها حل مشكلات المتضررين، ووضعنا آليات سريعة للتواصل مع أعضاء المجالس الإكليريكية لسرعة حل هذه المشكلات.
■ ما المدة التى تستغرقها المجالس لحل هذه المشكلات؟
- ٣٠ يومًا.. جميع أعضاء المجالس الإكليريكية المختلفة بإيبارشيات محافظات وجه بحرى اتفقوا على بحث ملفات المتضررين فى مدة أقصاها شهر كامل، سواء بقبول الملف أو رفضه أو محاولة حل المشكلات من خلال مختصين من الكهنة والقانونيين والأطباء النفسيين، أو الوصول لقرار بطلان الزواج إذا لزم الأمر فى بعض الحالات التى يستحيل معها استكمال الحياة الزوجية، ولا يتم اتخاذ هذا القرار إلا بعد بحث طويل.
■ ما آليات العمل التى يتم اعتمادها للحل؟
- هناك عدة خطوات تتخذها المجالس الإكليريكية كآليات عمل خلال بحثها ملفات المتضررين، من بينها ألا يتم اتخاذ أى قرار بشأن أى ملف إلا بوجود المجلس المختص الذى بحث المشكلة، ولا يجوز إصدار أى قرار يخص هؤلاء المتضررين إلا من خلال أعضاء المجلس الذين تسلموا الملف، وجميع المجالس ملتزمة تمامًا بالكتاب المقدس، وبلائحة ٢٠١٦ الصادرة عن المجمع المقدس برئاسة البابا تواضروس الثانى التى وسعت من أسباب الانفصال.
■ هل يتم اللجوء للانفصال الكنسى كحل للمشكلات المستعصية؟
- إطلاقًا.. المجالس الإكليريكية ترى أن انفصال الزوجين آخر حل، وهناك مراحل عدة قبل هذه الخطوة، تتمثل فى محاولات الصلح والعلاج النفسى والعضوى وطرح المشكلة على مختصين بمجال المشورة الأسرية فى بعض الأحيان.
وهناك بعض الحالات التى حصلت على أحكام طلاق مدنى من القضاء، وبفضل تدخل أعضاء المجالس الإكليريكية تم الصلح، ولم يصلا إلى الطلاق الكنسى الذى يعد آخر الخطوات، ويحدث فقط فى أصعب المشكلات، وهناك حالة كان الزوجان فيها منفصلين منذ نحو ٧ سنوات، وحاولنا الصلح بينهما، وبالفعل عادا لحياتهما الزوجية الطبيعية بعد إصرارهما لسنوات على الانفصال، وهذا هو الدور الحقيقى للمجالس الإكليريكية.
■ ماذا عن حصاد فترة رئاستك المجالس التى امتدت عامين؟
- منذ أعاد البابا تواضروس الثانى تشكيل المجالس الإكليريكية بوجه بحرى والإسكندرية درسنا نحو ٥٠٠ ملف من متضررى الأحوال الشخصية بمحافظات وجه بحرى، و٩٨٪ من هذه الحالات تم اتخاذ قرار فورى بحلها، وبعض الحالات الأخرى التى لا تتخطى نسبتها الـ٢٪ تم عرض ملفاتها على أطباء نفسيين ومختصين قانونين لمناقشة الحلول القانونية.
■ هل يعطل عدم إصدار قانون الأحوال الشخصية الموحد حتى الآن عمل المجالس الإكليريكية؟
- بالتأكيد.. التباطؤ فى إصدار القانون يعطل فى كثير من الأحيان عمل المجالس الإكليريكية بمختلف الإيبارشيات، سواء بالقاهرة أو وجه بحرى أو محافظات وجه قبلى.
■ هل هناك نية للإسراع فى إصداره بالاتفاق بين الكنائس الثلاث؟
- تحدثت فى هذا الأمر مع البابا تواضروس الثانى والأنبا بولا مطران طنطا، بصفتى مسئولًا أمام الله عن مشكلات متضررى الأحوال الشخصية الأقباط بالمجالس الإكليريكية لإيبارشيات وجه بحرى والإسكندرية، فى محاولة لمعرفة أسباب تعطل إصدار القانون، خاصة أن هناك طائفة من الكنائس هى المتسببة فى تأخر إنجازه، وتم حثها على الإسراع فى تقديم ملاحظاتها على القانون، لتقديمه لوزارة العدل والبرلمان فى أقرب وقت.
■ ما مستجدات ملف تقنين الكنائس بإيبارشية شبرا الخيمة؟
- لجنة تقنين أوضاع الكنائس تواصل عملها فى مختلف الإيبارشيات، لكنها لم تنته من تقنين أوضاع إيبارشية شبرا الخيمة.
واللجنة تركز عملها على الكنائس التى بنيت بالفعل، لكن لم يصدر بشأنها ترخيص، وهناك صعوبة فى إجراءات بناء الكنائس الجديدة، لذلك نناشد المسئولين بالدولة التدخل فى هذا الأمر، خاصة مع تأكدنا من حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على إنهاء هذا الملف، ودعمه مبادئ المواطنة.
وأعتقد أن قانون بناء الكنائس يحتاج إلى إعادة صياغة بنوده، من أجل تسهيل الإجراءات اللازمة لبناء الكنائس الجديدة فى بعض المناطق.
■ بصفتك مسئولًا عن الأقباط العاملين بالسعودية.. كيف تقيم أوضاعهم حاليًا؟
- السعودية تسير على نهج الانفتاح على الآخر وقبوله، وتطبيق مبادئ الدول المدنية، وهذا ما شاهدته عمليًا فى لقاءات الحوارات بين الأديان التى تدعمها وتنظمها السعودية، من خلال منظمة «الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الديانات».
■ أنت ممثل الكنيسة فى لقاءات المنظمة.. ما الهدف من هذه الاجتماعات؟
- جميع هذه اللقاءات تهدف إلى التغيير من شكل ومضمون الخطاب الدينى بالشرق الأوسط ومحاولة تلافى السلبيات التى تدعو إلى العنف فى بعض الأحيان، ولكن الأهم من ذلك هو ممارسة خطاب دينى إيجابى، وهذه رسالتنا فى المسيحية، حيث دعانا السيد المسيح إلى أن نكون أصحاب رسالة سلام فى كل مكان نوجد به، وأعتقد أن هذا ما يجب أن تسعى له جميع الطوائف، علينا أن نقدم المحبة للجميع دون تفرقة بين الأديان.
والتركيز على رسالة المحبة والسلام كقيمة إيجابية سيسهم فى تجنب الخطابات الدينية السلبية، فرسالتنا كقادة دينيين أن نضىء شمعة بدلًا من لعن الظلام.
■ هناك أنباء متداولة عن بناء كنيسة فى المملكة.. ما حقيقة ذلك؟
- الكنيسة لم تطلب هذا الأمر من المسئولين بالمملكة، وإذا طلبنا منهم لن يعارضوا، لكن عدد الأقباط العاملين بالسعودية فى تناقص فى ظل تطبيق نظام «السعودة»، لذا لجأ عدد كبير من العاملين إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، ومن الممكن التفكير فى بناء كنيسة هناك إذا لم يتناقص عدد الأقباط بشكل أكبر.
■ هل هناك نية لدى البابا لزيارة السعودية؟
- تم توجيه دعوة للبابا تواضروس الثانى لزيارة السعودية بالفعل، لكن تفاصيل هذه الزيارة لم تتحدد حتى وقتنا الحالى.
■ ما رأيك فى قراراته بزيادة عدد الإيبارشيات فى مصر وخارجها؟
- البابا له فكر منفتح ويسعى للتوسع من خلال تأسيس إيبارشيات جديدة وسيامة أساقفة وآباء كهنة ورعاة وخدام بهذه الإيبارشيات، فى إطار حرصه على نشر الكرازة والخدمة بالكنيسة القبطية فى مختلف الدول، ولا توجد إيبارشية خالية من الأساقفة سوى إيبارشية المنيا، التى يرأسها حاليًا الأنبا مكاريوس، وسيتم تقسيمها إلى ٣ إيبارشيات فى وقت قريب.
■ ماذا عن أوضاع الكنيسة والخدمة الروحية بها؟
- البابا تواضروس الثانى قائد مستنير وبارع فى إدارة الكنيسة، وله العديد من الإنجازات الكنسية، منها إصدار لوائح تسير على نهجها الكنائس، والتى طورت بشكل كبير شكل الخدمات الروحية، إضافة إلى دوره الكبير فى الحوار بين الكنائس والطوائف المسيحية.
والبابا يسعى إلى الوحدة والتقارب بين الطوائف والكنائس المسيحية، وهناك لجان مختصة بهذا الشأن فى المجمع المقدس، ويتم إجراء الأمر بطريقة عقائدية سليمة تمامًا وفقًا لتعاليم الكتاب المقدس.
■ كيف تقيم الخدمات بالمهجر؟
- خدمة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالمهجر بدأت بشكل منتظم منذ عهد الراحل البابا شنودة الثالث، والآن هى فى مرحلة ازدهار كبير فى عهد البابا تواضروس الثانى، وزاد عدد الإيبارشيات أكثر، ولا توجد إيبارشية خالية من الخدمة سواء فى مصر أو المهجر، وهناك أساقفة كثيرون بالولايات المتحدة الأمريكية ومنتشرون فى عدد من المقاطعات والمدن، وامتدت الخدمات أيضًا لأماكن عدة مثل اليابان وروسيا.
■ هل تتوقع حدوث تغيير فى هيكل المجمع المقدس؟
- البابا تواضروس شخصية تسعى للتغيير دائمًا دون التأثير على هويتنا القبطية الأرثوذكسية، وهناك تغييرات شهدتها لجان الإعلام والعلاقات العامة واللجان الاجتماعية بالمجمع مؤخرًا.
■ هل تطورت علاقة الكنيسة بالإعلام فى عهد البابا تواضروس الثانى؟
- البابا تواضروس الثانى مهتم جدًا بتغيير آلية تعامل الكنيسة مع الإعلام، وبدأ تنفيذ خطة تطوير فى هذا الشأن، من خلال إنشاء المركز الإعلامى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الذى يرأسه القس بولس حليم، المتحدث الإعلامى للكنيسة، وأصبح هذا المركز حلقة وصل بين الكنيسة والإعلام، كما أن الأنبا إرميا يرأس حاليًا لجنة الإعلام بالمجمع المقدس للكنيسة رفقة الأنبا إبرام مطران الفيوم، وهناك تطور ملحوظ فى الإعلام الكنسى، من خلال إطلاق عدة منصات وقنوات إعلامية مختلفة تابعة للكنيسة، وأصبح لها صوت مسموع فى المجتمع المصرى وليس الكنسى فقط.
■ كيف تقيم ظاهرة مناقشة الشباب الأقباط بعض مشكلات الكنيسة على مواقع التواصل الاجتماعى؟
- لكل مقام مقال.. ونحن بصفتنا رعاة الكنائس نقبل أى نقد لنا بهدف البناء ومراعاة مصلحة أبنائنا، ونحن ندعم الحوار والتواصل معهم، ولكن عندما يكون لديك مشكلة مع أبيك لا بد أن تتحدث معه لحلها، ولا تتجه للغريب للحديث عنها، لذلك الحوار هو أفضل لغة لتقديم أى نقد أو حل أى مشكلة.
■ لكن.. كيف تتواصل الكنيسة مع شبابها؟
- هناك قنوات تواصل كثيرة تخلقها الكنيسة للتواصل مع أبنائها الشباب الذين يمثلون مستقبلها، أهمها الاجتماعات الروحية والمؤتمرات الشبابية، وتتولى أسقفية الشباب هذا الأمر، وكل كنيسة تشهد عقد اجتماعات شبابية بهدف الحوار والتواصل مع الشباب بشكل دائم، والكنيسة لديها الكثير من قنواتها التى تخاطب جميع الفئات العمرية وأهمها الشباب والأطفال، مثل القناة الرسمية للكنيسة «مارمرقس»، وكذلك قناة «كوجى» التى تخاطب الأطفال بشكل خاص بهدف تنشئتهم بأسلوب معاصر، يتضمن ترسيخ القيم الأخلاقية.
■ من وجهة نظرك.. ما مواصفات الخطاب الدينى الجيد؟
- يجب أن يركز أتباع الأديان جميعًا على الأفعال والقيم الإيجابية المشتركة، وأن نبتعد عن أى حوار عقدى، لأننا لن نتفق على هذا الشأن، ومن الأفضل أن نركز على توحيد قيمنا المشتركة كالأمانة والمحبة ووجود الله.
■ ماذا عن رؤيتك لمواجهة الفكر المتطرف؟
- مواجهته لا بد أن تتم بالفكر الإيجابى وعبر التركيز على النماذج الإيجابية التى تسعى للتقارب والحوار بين الأديان وتحقيق السلام، ونبذ أى فكر يدعو إلى العنف، ومع كثرة الترويج للنماذج الإيجابية الساعية نحو ترسيخ قيم السماحة والمحبة سيختفى أصحاب الفكر المتطرف والسلبى من مجتمعنا.
■ كيف ترى ظاهرة مشاركة المسلمين فى احتفالات الأقباط؟
- المصريون مشهورون بروحهم الجميلة، ومشاركة الآخرين فى احتفالاتهم المختلفة، وتعتبر مشاركة المسلمين فى احتفالاتنا القبطية أمرًا طبيعيًا يعكس روح المجتمع المصرى، ونرى ذلك بكثافة فى احتفالات صوم العذراء بكنيستها بمسطرد ودير القديس مارجرجس الرزيقات وميت دمسيس، وليس غريبًا أن نجد هذا الاحتفاء من جانب إخوتنا المسلمين، وخير دليل على هذه المحبة، انتشار اسم «مريم» بين المسلمين، كما نجد محطة مترو تحمل اسم القديس مارجرجس.. نحن مجتمع يقدم نموذجًا للتعايش والمحبة.