رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى السادس من أكتوبر العاشر من رمضان


صباح الخير يا حمزة.. صباح الخير يا كوكى.. صباح الخير ياليلى.. صباح الخير يا يارا: أنتم هنا اليوم مع حمزة.. شىء جميل أن أراكم معاً اليوم كى أحكى لكم عن انتصار إرادة الجيش والشعب فى 6 أكتوبر 1973 منذ أربعين سنة على العدو الصهيونى الذى احتل أراضى مصرية وسورية وفلسطينية فى يونيو

1967 وكان الشعار المرفوع منذ هزيمة 1967 والتى رفضها الشعب ورفض تنحى الرئيس جمال عبدالناصر وطالبه باستكمال طريقه لبناء جيش قوى لاستعادة الكرامة واستعادة الأرض كان الشعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» وبدأت المعارك الكبرى بعد يونيو بفترة بسيطة ومنها إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات فى أكتوبر 1967 وكانت هناك عدة معارك لاستنزاف وإنهاك جيش العدو الذى أطلق عليه العدو «الجيش الإسرائيلى الذى لا يُقهر» ولكن إرادة الجيش المصرى بجنوده وقادته وإرادة الشعب المصرى الذى ربط الأحزمة على بطونه وتحمل من أجل استعادة الكرامة.

فاكرين يا بنات.. فاكر يا حمزة لما حكيت لكم عن أننى منذ دخولى الجامعة فى 16 أكتوبر 1971 انضممت للحركة الطلابية فى نضالها من أجل استعادة الكرامة ومن أجل الحريات، حيث إنه لم تكن هناك أحزاب تعبر عن التيارات السياسية المصرية وحيث الصحافة مملوكة للدولة وأجهزة الإعلام للدولة لا تعبر إلا عن صوت النظام الحاكم واستمرت تظاهراتنا ومؤتمراتنا فى الجامعة تطالب بإعداد الجيش والشعب لمعركة التحرير الكبرى واسترداد الكرامة.

وفى أول أكتوبر 1973 كنت أصبت بحمى الملاريا ونائمة فى السرير معظم الوقت أعانى من المرض وأتذكر معكم فى الساعة الثانية والنصف عصراً وأنا مستغرقة فى النوم ودرجة حرارتى مرتفعة تقترب من الأربعين درجة صحوت على يد جدكم وهو يهزنى بقوة ويقول بصوت عال «قومى إحنا عبرنا» وأنا بين اليقظة والنوم وكأننى كنت فى نوم عميق لا أدرى أين أنا وماذا يقول ويرد الجد «بقولك قومى عبرنا قناة السويس وحطمنا خط بارليف» قفزت من على السرير بتقول إيه؟ يرد قائلاً اسمعى الراديو نزلت إلى الشارع ومن غير اتفاق وجدتنى أسير قاطعة على أرجلى شارع ناهيا ببولاق الدكرور ثم عبرت المزلقان «مزلقان القطار» إلى اليمين فى شارع السودان ثم إلى شارع التحرير ثم إلى داير الناحية، حيث أصدقائى فى الجامعة كمال خليل والراحل العظيم أحمد شرف ومعنا طالب الهندسة محمد قريش وكمال أبوعيطة جميعاً التقينا على قهوة عم يحيى الراجل السويسى الجدع فى شارع سليمان جوهر وتبادلنا الحديث بكل حماسة ماذا نفعل؟ نعم الواجب علينا الآن المشاركة كيف؟ الرجال الكبار مثل جدكم ذهبوا للتطوع وأخذوا تدريباً مكنهم من الذهاب إلى القنال للمشاركة فى الدفاع عن المدن وحمايتها وحماية منشآتها السويس والإسماعيلية وبورسعيد وكان نصيب جدكم الذهاب إلى مدينة الإسماعيلية أما الباقى من الشباب فذهب للتدريب على أسس الدفاع المدنى للمشاركة فى حماية الأحياء ونحن البنات والسيدات قسمنا أنفسنا إلى مجموعات مجموعة أنا منها ذهبت إلى مستشفى بولاق الدكرور لتلقى التدريب على الإسعافات الأولية ومجموعة أخرى طرقت أبواب المنازل لرفع وعى السيدات بالنسبة لعدم شراء السلع وتخزينها لأن هذا يضر بالبلد ونحن فى حالة حرب ويفتح الباب أمام السوق السوداء وارتفاع الأسعار وانشغلنا جميعاً يا حمزة، كنا كشباب وشابات فى الجامعة قبل 6 أكتوبر نهتف بصوت عال مطالبين بالإقدام على تحرير أرضنا واستقلال إرادتنا وها هو جيش مصر العظيم يحطم أسطورة خطف بارليف الذى كلفه العدو كثيراً وروى عنه الأساطير فى ساعات معدودة، عبر جنودنا قناة السويس إلى البر الشرقى الذى يحتله العدو وحطم خط بارليف وأنزل جنودنا الشرفاء بالعدو الهزيمة وأنزلوا العلم الصهيونى الذى ارتفع ليدنس سماء مصر وارتفع علم مصر عالياً مرفرفاً على أرض مصر معلناً الانتصار على كيان عنصرى احتل أرض فلسطين منذ 1948 وحاربنا واعتدى علينا هو وفرنسا وإنجلترا فى 1956 بعد تأميم قناة السويس، كيان يهدد أمن وطننا العربى ويهدد الأمن القومى المصرى، زرعته إنجلترا قبل غروب الشمس على إمبراطوريتها الاستعمارية، زرعته بوعد بلفور فى 2 نوفمبر 1917 الذى بموجبه تم زرع العدو لشق الوطن العربى وإضعافه وإنهاكه فى حروب واعتداءات من قبل الصهاينة لأن فى اتحاد الأمة العربية قوة لا يستطيع العدو إخضاعها.

شعب مصر العظيم يظهر معدنه الأصيل عند الشدائد ويصبر كثيراً على حاله وعلى الظلم وعلى المعيشة اللا آدمية أحياناً وعلى الفقر وعلى المرض لكنه شعب أصيل يحمل صفات الشهامة والرجولة والكرامة والعزة وعندما استرد كرامته فى 1973 صبر كثيراً حتى وجد أن سياسة الانفتاح الاقتصادى التى انتهجها الرئيس الراحل محمد أنور السادات فتحت الأبواب أمام شريحة طبقية ارتبطت مصالحها وتجارتها مع الدول الرأسمالية الكبرى شريحة لا تعمل على تنمية البلاد، شريحة بدأت تتحكم فى مصادر ثروة البلاد لم تترك إلا الفتات للشعب المصرى فازدادت أحواله فقراً وازدادت الخدمات من مياه وكهرباء وصرف صحى سوءاً وارتفعت الأسعار فانتفض الشعب انتفاضته الكبرى فى 18 و19 يناير 1977، كما حكيت لكم من قبل هذا هو الشعب المصرى الذى احترمه العالم وأحنى رأسه أمام ثورة الشعب فى 25 يناير 2011 والتى استكملها فى 30 يونيو 2013، أربعون عاماً يا حمزة مرت «السادس من أكتوبر 1973» شعارات «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» و«يد تبنى ويد تحمل السلاح» وفى السادس من أكتوبر 2013 «لا صوت يعلو فوق مصلحة الوطن» و«الشعب والشرطة والجيش يد واحدة لمحاربة الإرهاب» وهدم خطة التنظيم الدولى الإرهابى لجماعة الإخوان وخطة الصهاينة والأمريكان لتقسيم الوطن العربى من جديد إلى دويلات وإنهاك المتبقى من جيوشه ليصبح لقمة سائغة فى فم الخونة والأعداء، يقف الشعب ظهيراً قوياً لجيشه لمحاربة الإرهاب ولكن كما قلنا يا حمزة مراراً وتكراراً محاربة الإرهاب تسير جنباً إلى جنب مع العدالة الاجتماعية ومع القصاص العادل لشهداء هذا الوطن وأبنائه الذين سقطوا وسالت دماؤهم من أجل العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

■ ناشطة سياسية