رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عن حركة حماس .. وتهديدها


بالنظر لمجمل سياسات حركة حماس سواء على الساحة الفلسطينية، أو فيما يتعلق بأسلوب علاقاتها وتوجهاتها تجاه العلاقة مع الجانب المصرى، يتضح بروز العديد من المصالح المتعارضة بين مصر وحماس خلال الفترة الأخيرة، بالشكل الذى يؤكد أن تعاظم قدرات حركة حماس يمكن اعتباره تهديدًا مباشراً للأمن القومى المصرى إذا ما تعارضت مع المحددات اللازمة لاستقرار البلاد، لاسيما مع استخدام الحركة مبدأى الدين والمقاومة لكسب تعاطف الرأى العام، وإحراج أى قوى (فلسطينية – عربية – إسلامية) تعارض سياساتها.

وبإلقاء الضوء على نقاط التعارض بين سياسات حركة حماس والمصالح المصرية، يتضح مدى التحديات التى تواجهها الدولة وانعكاساتها المباشرة على الأمن القومى المصرى، وهو ما يمكن عرضه من خلال النقاط التالية:

أولا - انقلاب حركة حماس على الشرعية الفلسطينية من خلال سيطرتها على قطاع غزة فى يونيو عام 2006 فاقم من المشكلة الفلسطينية الداخلية، وأضعف الموقف التفاوضى الفلسطينى أمام إسرائيل، فضلا عن نجاح الحركة أحياناً فى استغلال الحصار المفروض على غزة فى إيجاد حالة من التعاطف الشعبى فى بعض أوساط الرأى العام المصرى، واستعدائه حتى ضد المواقف المصرية الرسمية بدعوى مساهمتها فى الأزمة الإنسانية التى يشهدها القطاع نتيجة التزامها باتفاقية المعابر التى تنظم العمل بمعبر رفح.

ثانيًا - تنامى ظاهرة التهريب عبر الأنفاق، لاسيما بعد الانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة عام 2005 بصورة أصبحت تشكل إحدى أبرز المعضلات الرئيسية التى تواجه الأمن القومى المصرى، فقد استغلت المنظمات اليهودية بالخارج مسألة الأنفاق للتشكيك فى النوايا المصرية تجاه إسرائيل، لدرجة وصلت لحد اتهام مصر بالتغاضى المتعمد عن مكافحة عمليات تهريب السلاح إلى قطاع غزة، ونجاح ضغوط اللوبى اليهودى الأمريكى فى دفع الكونجرس لاستقطاع 200 مليون دولار من المعونات الأمريكية لمصر خلال عام 2008، بدعوى تجاهل مصر عددًا من التزاماتها الدولية من بينها إهمال عملية تأمين الحدود مع قطاع غزة والتصدى لظاهرة الأنفاق، فضلا عن سعى الحكومة الإسرائيلية لتحميل مصر المسئولية عن استمرار عمليات تهريب السلاح عبر الأنفاق للتخفيف من الانتقادات الداخلية الموجهة إليها، وقد حرص بعض السياسيين الإسرائيليين المتشددين على استثمار مشكلة الأنفاق للتشكيك فى قدرات مصر فى حماية أمنها القومى لتدعيم وضعيتهم الداخلية لدرجة وصلت لاتهامها بتعمد تهريب السلاح لصالح حماس، لسعيها للإبقاء على التوتر والصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، حفاظًا على دورها الإقليمى، ومنع التطبيع بين إسرائيل والدول العربية.

وقد سعت حماس لتحويل شبه جزيرة سيناء إلى مركز لتجارة الأسلحة غير المشروعة، بالشكل الذى يهدد بصورة مباشرة الأمن القومى المصرى بالنظر للحساسية الاستراتيجية لتلك المنطقة، خاصة مع وجود شبكات منظمة لتنظيم عمليات تهريب الأسلحة لغزة عبر الأنفاق.

وقد استثمر عناصر بعض التنظيمات الدينية المتطرفة الانفاق للانتقال من وإلى قطاع غزة سواء للتخفى عن ملاحقات أجهزة الأمن المصرية، أو لتنفيذ عمليات داخل الأراضى المصرية، خاصة أن المناخ داخل القطاع يعد ملائماً إلى حد ما لممارسة أنشطتها.

ما استجد من فتور العلاقات بين حماس وكل من النظام الإيرانى وحزب الله خلال الفترة الأخيرة على خلفية موقف الأولى من الأزمة السورية وخروج قياداتها من دمشق وإنتقالها للإقامة فى قطر، وبما أثر فى حجم الدعم الإيرانى لحماس مادياً وعسكرياً، مثَّل استمراراً للتحديات التى تواجه الأمن القومى المصرى، الأمر الذى ينعكس سلباً على حالة الاستقرار داخل قطاع غزة كذا الموقف المصرى، لاسيما مع اعتبار مصر الضامن الرئيسى للتهدئة، وفقاً لتفاهمات وقف إطلاق النار بين الحركة وإسرائيل فى نوفمبر عام 2012.

ويبقى سعى النظام الإيرانى لامتلاك أدوات تمكنه من تنفيذ أجندته السياسية فى المنطقة وهو ما يتضح فى الدعم الذى يقدمه لباقى التنظيمات الفلسطينية، والجماعات الجهادية المنتشرة سواء فى القطاع أو شمال سيناء للتأثير فى حالة الاستقرار بتلك المنطقة وإحداث نوع من الإرباك فى العلاقات المصرية الإسرائيلية.

تظل رغبة حماس طوال الوقت فى توظيف الدور المصرى سواء فى اتفاق التهدئة الأخيرة أو فى عملية المصالحة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية دون تقديمها تنازلات جوهرية مع إبداء تحفظها على الإجراءات المصرية المتخذة لغلق الأنفاق الحدودية، فى ظل التأثيرات السلبية لذلك فى اقتصاد القطاع والأموال التى تعود على الحركة سواء لصالح خزينة حكومتها المقالة، أو لقياداتها وعناصرها التى حققت أرباحاً طائلة من وراء هذه التجارة