رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطريق إلى المنصة 1981


استمر الشيخ متولى الشعراوى، قائلاً أمام أعضاء مجلس الشعب المتحمسين: والذى نفسى بيده، لو كان لى من الأمر شىء لحكمت للرجل الذى رفعنا تلك الرفعة، وانتشلنا مما كنا فيه إلى القمة ألا يسأل عما يفعل!

حدثت بعض الوقائع التى أظهرت للرئيس السادات خطورة التيارات الدينية بعد أن بدأت فى الظهور العلنى، والتى ساهمت إلى حد كبير فى غضبه الشديد على تلك التيارات.

الواقعة الأولى.. فى مجلس الشعب

فى 20 مارس 1978 تقدم عضو مجلس الشعب عادل عيد المحسوب على التيار الدينى باستجواب إلى الدكتور محمد متولى الشعراوى وزير الأوقاف فى ذلك الوقت. كان موضوع الاستجواب هو الحالة المتردية للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وقدم بعض المخالفات التى ظهرت بميزانية المجلس، كما تحدث عن مخالفات سكرتير المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. واستمر العضو عادل عيد يتحدث لمدة ساعتين دون مقاطعة، وطالب عضو مجلس الشعب الشيخ متولى الشعراوى بأن يغير المنكر الذى يراه بيده حسب نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عندما جاء الدور على الشيخ محمد متولى الشعراوى ليرد على الاستجواب. تسائل قائلا: «أهنا توجد البطولات؟.. أين كانت البطولات التى كانت تطن بالحديث اليوم على بعض أموال المجلس أو اختصاصاته وقت أن كانت تراق دماء الأبرياء ويعتقل الشرفاء، ويعتدى على العرض دون أن تسمع همسة تنكر منكراً يحدث أمام الناس جميعاً».

كان الشيخ متولى الشعراوى يلمح إلى عهد جمال عبد الناصر، وعندها دوت قاعة مجلس الشعب بتصفيق حاد وهتافات «الله أكبر الله أكبر».. استمر الشيخ متولى الشعراوى، قائلاً أمام أعضاء مجلس الشعب المتحمسين قائلاً: والذى نفسى بيده، لو كان لى من الأمر لحكمت للرجل الذى رفعنا تلك الرفعة، وانتشلنا مما كنا فيه إلى القمة ألا يسأل عما يفعل!

وهاجت قاعة مجلس الشعب بتصفيق حاد وهتافات، وبعد أن أفاقوا من التصفيق تبين لهم خطورة ما قاله الشيخ متولى الشعراوى فى ذروة انفعاله ودفاعه عن الرئيس السادات.

كان أول المعترضين هو الشيخ عاشور عضو مجلس الشعب الذى صاح منفعلاً:

مفيش حد فوق المساءلة، ويجب أن تراعى الله.

رد الشيخ متولى الشعراوى قائلاً: أنا أعرف منك بالله، إن الرجل صاحب هذه الشجاعات يجب أن نقدر له كل قراراته، وكل آرائه تقديراً فى مستوى ما وضعه الله فى أيدى البشر.

فى الجلسة التالية كان الاستجواب عن رغيف العيش قدمه النائب مصطفى كامل مراد لزكريا توفيق عبد الفتاح ـ وزير التموين ـ وفاجأ الوزير المجلس بأن أخرج من حقيبته أرغفة من الخبز الممتازة، وقال للمجلس: هذا هو الخبز الذى تنتجه المخابز.

وهنا صاح الشيخ عاشور: دا مسرح الشعب.

اعترض المهندس سيد مرعى ـ رئيس مجلس الشعب ـ على كلام الشيخ عاشور وطلب منه أن يخرج من القاعة لأجل أن يتعلم الاحترام، وأحاله إلى لجنة القيم بالمجلس،. وهنا هتف الشيخ عاشور: يسقط أنور السادات.

طلب سيد مرعى أن تعقد لجنة القيم فوراً لمحاسبة العضو، وقال: إذا تجرأ أحد الأعضاء واستغل الموقف الديمقراطى الكامل الذى يقفه السيد رئيس الجمهورية بالنسبة للمؤسسات الدستورية، أقول إذا تجرأ عضو واستغل هذا الموقف خارج المؤسسات الديمقراطية، وخارج إطار القوانين واللائحة إنما يكون شاذاً ولا يجوز أبدا أن ينتمى إلى المؤسسات الديموقراطية.

وصفق الأعضاء طويلاً

وفى 27 مارس 1978طالبت لجنة القيم بإسقاط العضوية عن الشيخ عاشور مع تحفظ النائب ممتاز نصار، الذى استنكر ما وقع من العضو. وعندما عرض الموضوع على اللجنة العامة بالمجلس فى الجلسة التى حضرها اللواء ممدوح سالم ـ رئيس الوزراء ـ وافق على إسقاط عضوية الشيخ عاشور 271 عضواً ورفض 16 وانسحب أعضاء حزب الوفد من الجلسة.

الواقعة الثانية فى جامعة الإسكندرية بعد عامين من الأولى.

فى 24 مارس 1980 أعلن الدكتور عبد السلام شلبى ـ عميد كلية العلوم بالإسكندرية ـ فى أحد برامج التليفزيون أن أكثر من ألف طالب من أعضاء الجماعات الإسلامية اقتحموا مكتبه وضربوا سكرتيرته، وطردوها من مكتبها، وحجزوا مدير مكتبه، ودخلوا على العميد فى مكتبه، وكان معه الدكتور إبراهيم الخولى وكيل الكلية، وحدثت مناقشة بين أمير الجماعة، وهو طالب فى كلية الكلية العلوم «نفس الكلية التى يتولى الدكتور عبد السلام شلبى عمادتها» وحدثت مناقشة بين الطالب والعميد، وأثناء المناقشة طلب أمير الجماعة من العميد أن يترك مكتبه، وبالفعل غادر العميد مكتبه وجلس عليه أمير الجماعة باعتبار أن العميد من أعوان الطاغوت، ولا يحق له الجلوس فى هذا المكان، وجلس الطالب فى مكان العميد، وأملى الطالب على العميد الطلبات الآتية:

سحب كل القرارات التى أصدرها العميد ضد الطلبة الذين تجاوزوا الحدود مع أساتذتهم، وهم من أعضاء الجماعات الإسلامية، وكانوا يقومون بتوزيع منشورات، ويكتبون مجلات حائط يهاجمون فيها العميد وإدارة الكلية.

ممنوع إقامة أى حفلات فى الكلية أو عرض أى أفلام سينمائية

السماح للطلاب من أعضاء الجماعات الإسلامية بالدخول للكلية وحضور المحاضرات بالجلباب.

تعضيد العمل الإسلامى وذلك بوقف المحاضرات ساعة الظهر وساعة العصر لإقامة الصلاة.

وبعد أن قرأوا على العميد قراراتهم طلبوا منه أن يوقع عليها لتنفيذها.. ولكن العميد رفض، هددوه بالضرب، ولكنه رفض أيضاً. عرضوا تلك القرارات على وكيل الكلية ولكنه رفض أيضاً.. ثم اتفقوا على أن يلقى وكيل الكلية كلمة فى حشود الطلاب الذين تجمهروا فى فناء الكلية، وبالفعل ألقى وكيل الكلية كلمة، وانصرف الطلاب من الكلية فى الثالثة مساء، وعند انصراف العميد وجد سيارته وقد أفرغت عجلاتها من الهواء وتهشم زجاجها. ووضعوا فى شكمانها الكحول لكى تشتعل عند محاولة تشغيلها. وعاد الرجل إلى منزله فى سيارة أحد الزملاء، كان هذا فى غياب الحرس الجامعى.

■ خبير أمنى