رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القس يوحنا جابر يكتب: حواء الثانية

جريدة الدستور

إن جاز لنا أن نقوم بعمل "تأمل" قارنَّا فيه بين حواء الأولى وحواء الثانية والتي هي السيدة العذراء- بمناسبة أيام الصوم- نجد ان حواء الأولى والتي هي زوجة أبينا أدم، لم تطع أمر الرب، ووصيته التي قالها لأبينا أدم" وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلًا: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ». (سفر التكوين 2: 16- 17).

فكانت النتائج الطبيعية هي السقوط والخروج من الجنة، ولم يقتصر الأمر على ذلك فقد خُصت بعقوبة وهي أنها تحبل وتلد بالوجع والالم.

وفي المقابل، نجد أن حواء الثانية – وهي السيدة العذراء مريم – قامت بعكس ما صنعت حواء الأولى حيث أنها صدقت بأقوال الملاك غبريال التي نقلها اليها أثناء البشارة بميلاد السيد المسيح، وأمنت بكلام الله، ونفذت ذلك الايمان والتصديق في هيئة طاعة وهو ما مُثبت في (إنجيل لوقا 1: 38) حيث قَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»؛ وكان نتيجة ايمانها وتصديقها وطاعتها تكوين الجنين في بطنها بفعل الروح القدس، ليتجسد الله الكلمة من مريم العذراء؛ لاجل خلاص البشر.

ونستنتج من هذا، أن عدم تصديق كلام الرب، الذي فيه الخير للبشر، يؤدي الى الهلاك والتعب والموت والشقاء، وعلى الصعيد الأخر نجد أن تصديق كلام الرب فيه كل بركة وبه الحياة الابدية.

والسيدة العذراء التي هي السماء الثانية استحقت ان يولد منها المسيح؛ نظرًا لطاعتها وايمانها وتصديقها في كلام الله، وعلى الرغم من كرامتها المهيبة الا أنها اتسمت بالاتضاع الفعلي وهو ما جاء في قولها "هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ"، وعلى الرغم من مكانتها الرفيعة في الايمان المسيح الا ان العذراء كانت في حاجة الى الخلاص، والكتاب المُقدس يثبت ذلك حينما قالت السيدة العذراء تسبحتها الشهيرة: "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي".

فهي مثال للبشرية جمعاء حينما قبلت الله داخلها، من خلال كلمته الواردة في الانجيل، واستحقت ان تتحد بالله وتثبت فيه ويثبت فيها من خلال سر الإفخارستيا، وبالتالي تستحق ان تمتلئ من النعمة كمثال السيدة العذراء، التي قال لها الملاك:"سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ".

القس يوحنا جابر
المنسق الإعلامي لإيبارشية حلوان والمعصرة وراعي كنيسة القديس العظيم الأنبا انطونيوس للاقباط الارثوذكس بحلوان