رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المتقاعدون أنت زعيمهم


صدور الحكم التاريخى من المحكمة الإدارية العليا، انطلقت الهتافات بحياة «البدرى فرغلى»، وزينت صورته العديد من الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعى، فقد استطاع هذا المناضل «العجوز» أن يفوز بحكم قضائى بات ونهائى، سيؤدى فى النهاية إلى زيادة معاشات قرابة ثلاثة ملايين مصرى ومصرية، وهو ما يعنى فى النهاية استفادة أكثر من عشرة أو خمسة عشر مليون إنسان هم أسر هؤلاء المتقاعدين.
رغم أننى لم أتشرف بلقائه يومًا، إلا أننى هتفت باسمه فور صدور الحكم، بضم علاوات آخر خمس سنوات بحد أقصى ٨٠ بالمائة، ولا شك أن هناك مئات الآلاف- إن لم يكن ملايين- ممن يشاركوننى هذه المشاعر تجاه هذا الرجل.. الذى يحمل لقب رئيس اتحاد أصحاب المعاشات.
أجمل ما فى الأمر أن نضال البدرى فرغلى لنيل هذا الحق، كان نموذجًا يحتذى به، فهو لم يلجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعى، ليولول على صفحاتها كما يفعل الكثيرون هذه الأيام، لأن الولولة لا تأتى بأى نتيجة، ولم يحاول التظاهر أو حمل اللافتات، بل لجأ إلى حصن المصريين وهو مجلس الدولة، فرفع قضية وظل يتابعها بدأب ويناقشها كلما أتيحت له فرصة فى وسائل الإعلام، فاز بحكم عادل فى أول درجة وعندما استأنفت وزيرة التضامن الاجتماعى الحكم، واصل معركته القانونية بلا كلل حتى صدر الحكم النهائى بتأييد حقوق المتقاعدين.. التى طالب بها «عم بدرى».
أعرف متقاعدين كثيرين لم يتركوا الورقة والقلم منذ صدور هذا الحكم، ولم يتوقفوا عن مناقشة الأمر مع زملائهم، وليس على لسانهم سوى سؤال واحد، وهو «كم سيزيد المعاش بعد تطبيق الحكم؟».
والحقيقة أن هذا الحكم قد أعاد الأمل لمئات الآلاف من أسر المتقاعدين، خاصة «المتقاعدين الجدد» الذين جفت حلوقهم من الشكوى، فالفرق بين آخر راتب والمعاش كبير، وقد يكون مذهلًا وصادمًا، رغم أن الأعباء تزيد فى هذه المرحلة لدى الكثيرين، فبالإضافة إلى المرض وأسعار الدواء، تأتى تكاليف زواج الأبناء، هذا غير الأعباء اليومية، ورغم كل ما ينشر عن معاناة المتقاعدين، لم ير هؤلاء من يستمع إليهم ويأخذ بأيديهم سوى هذا المناضل العجوز الذى أصبح بين يوم وليلة حبيب المتقاعدين ولا أبالغ إن قلت زعيمهم.
ولا أعرف كيف ستتصرف السيدة غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى، وإن كنت أثق فى أنها تحترم أحكام القضاء- كما صرحت- وأنها ستنفذه بطريقة ما، خاصة أن عدم تنفيذ حكم قضائى أمر غير محمود العواقب حتى للوزراء.
ما يهمنى التأكيد عليه هو أن الطريق الذى اتخذه العم بدرى، لنيل الحقوق كان خاليًا من أساليب الإثارة وافتعال المشاكل وادعاء بطولة زائفة، أسوة بما يفعله مناضلو السوشيال ميديا هذه الأيام، وبعضهم يحاول ادعاء البطولة رغم تجاوزه سن التقاعد.
هذا الحكم وهذا النهج يؤكد للمرة المليون، أنه ما ضاع حق وراءه مطالب، خاصة إذا كان دءوبًا ومثابرًا، وأن القضاء المصرى كان وما زال وسيظل، هو الحصن الحصين لكل أصحاب الحقوق، وإن كنا نطالب بتقليص مدد نظر الدعاوى القضائية، إيمانًا منا بأهمية العدالة الناجزة، التى ينادى بها الجميع وعلى رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسى.
لا بديل عن تنفيذ الحكم الذى أعاد الحق لأصحابه، الذين هم فى أمس الحاجة إليه، ولا بديل عن المخلصين الحقيقيين أمثال البدرى فرغلى، ولا حصن لنا فى البلد إلا القانون والقضاء الشامخ.. شاء من شاء وأبى من أبى.