رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

- الدستور تحتفى بعيد ميلادها الـ76

إسلاميات سعاد حسنى.. رسائل السندريلا إلى الله: سامحنى يا رب.. وكن معى دائمًا

جريدة الدستور


مؤكد أنك انزعجت من العنوان على حبك لـ«سعاد»، ومؤكد أنك ألقيت بهذه الأوراق من بين يديك.. لكن لماذا لا تنتظر قليلًا؟
كان ذلك فى إحدى ليالى لندن الباردة. تمسك «سعاد» بأوراقها وتكتب إلى الله.. ترسل إلى السماء برسائل تطلب الرضا والعفو: «سامحنى يا رب وكن معى دائمًا». كانت «سعاد» تعرف أخطاءها جيدًا: «أخذتنى لذة الحياة وعزة النفس ونشوة الفؤاد». لكنها لا تستحى أن تتحدث إلى أقرب أصدقائها: «أنت عارف عاوزنى أبقى إزاى.. ساعدنى يا رب فيما تختاره لى». وهو لم يخذلها أبدًا، فكان طبيعيًا أن تخاطبه كصديق: «شكرًا لك يا رب». لكن الحياة هى من خذلت «سعاد»، التى احتفلنا أمس بعيد ميلادها الـ٧٦، فماتت أو قل قتلت فى «منفى بعيد» اختارته بعد أن ضاقت بها الحياة بما رحبت. هنا- فى «الدستور»- نُشعل «شمعة» فى حب «سعاد»، ننشر رسائلها إلى الله، ونحاور شقيقتها «جانجاه» عن أسرار «سيدة البهجة».. دمتِ حية وميتة يا سعاد.

الرسالة الأولى
يا رب ارض عنى.. يا رب اعف عنى.. يا رب باركلى فى خطواتى.
يا رب شاركنى أفكارى. يا رب وحد أمنيتى.. يا رب بارك خطواتى.
يا رب سامحنى.. إن كنت نسيت.. وإن كنت أخطأت وإن كنت أذنبت.. وإن كنت أغفلت.. وإن كنت نسيت.. وإن كنت توهمت.. وإن كنت غفوت.. وإن كنت طمعت.. أو أحببت نفسى أكثر من غيرى أو محيت الآخرين من ذاكرتى.. أو أخذتنى لذة الحياة وجمال الدنيا وعزة النفس ونشوة الفؤاد.. سامحنى يا رب وكن معى دائمًا.

الرسالة الثانية
يا رب.. ألهمنى الفعل الإيجابى والإنجاز البصير والرؤية الحسنة والتوفيق والإيجاب والقبول لدى ما توجد عنده مصالحى، يا رب ألهمنى الفعل لا تأجيل أكثر.. يا رب ألهمنى الثقة بالنفس والعزيمة والإيجابية والمرح المحبب إلى النفس واجعل فى وشى القبول للانتهاء من هذه المرحلة الحرجة المقلقة الطويلة كى أنهى مرحلة التحضير وأنتقل إلى مرحلة التنفيذ، اجعل أيامى مبصرة وصائبة وخيرة ومتفائلة ومرحة ومقدامة وواثقة وثابتة!!.. شكرًا لك يا رب.

الرسالة الثالثة
يا رب إنت عارف عاوزنى أبقى إزاى... فى مهنة التمثيل أو زوجة.. ساعدنى يا رب فيما تختاره لى.. فأنت تعلم أنى فى حاجة للمساعدة.. من بكرة بإذن الله أحتاجلك بشدة وأترجاك يا رب أن ترسل الملائكة غدًا فى الصباح ٥١١٩٩٣ حتى أستمر من بعد هذا التاريخ المبارك أن تباركلى فيه وتظل الملائكة معى إلى ما لا نهاية لكى أفتخر بنفسى وأكون كما شئت أنت وما رسمته لى يتضح أمامى حتى أسير عليه وأنا عارفة ما هو دورى فى الحياة أريد أن أرى بوضوح وأن يكون هناك يقين ومعرفة كاملة لما سوف أسير عليه وأن يكون إيمانى بما أفعله قويا وحاسما وقاطعا وألا تزعزعه الخواطر والأفعال الأخرى وأن تكون أفكارى ثابتة. وشكرًا


.. وشقيقتها جانجاه: الله أقرب أصدقائها.. وكانت تناجيه كثيرًا وتتوسل إليه
جددت السيدة جانجاه عبدالمنعم، الأخت غير الشقيقة للفنانة سعاد حسنى، تأكيدها أن الفنانة الراحلة تزوجت من النجم الكبير عبدالحليم حافظ، لمدة ٦ سنوات، بـ«عقدعرفى»، مشيرة إلى أن الانفصال بينهما وقع بسبب «مشكلات سياسية» و«أمور خاصة بالدولة». واتهمت، أخت السندريلا من الأم، السيدة نادية يسرى، بالوقوف وراء مقتل أختها، والعمل على تسهيل دخول القاتلين إلى شقتها بلندن، موضحة أن «السيدة المذكورة لم تكن صديقتها، بل كانت تعمل فى خدمتها، نظرا لحالتها الصحية التى كانت تحتاج إلى رعاية».
■ بداية.. كيف كانت نشأة سعاد حسنى؟
- سعاد كانت أختى من الأم، لكننى كنت أعتبرها أمى الثانية، ومنذ طفولتها كانت موهوبة جدًا وهادئة الطباع، وولدت لعائلة فنية تقيم بحى شعبى هو بولاق أبوالعلا، وكان والدها محمد حسنى يعمل خطاطا ورساما، وهذا ما جعلها قريبة من عالم الفن. وفى سن الرابعة، كانت تغنى فى برنامج الإذاعة الذى كان يقدمه «بابا شارو»، بتشجيع من زوج أختها الشقيقة «كوثر»، أما من اكتشفها كفنانة فهو الكاتب الكبير عبدالرحمن الخميسى، الذى جعلها تشارك فى أول عمل مسرحى لها وهو عرض «هاملت»، كما درّبها على الإلقاء المسرحى.
أما والدى فهو من علمها اللغة العربية، خاصة أنها لم تحصل على أى شهادة تعليمية، ولم تتلق تعليمًا نظاميًا بعد التحاقها بالمجال الفنى.
■ ماذا عن دخولها إلى عالم السينما؟
- بعد نجاحها فى العمل المسرحى مع الكاتب عبدالرحمن الخميسى، قرر الكاتب الكبير أن يكتب فيلم «حسن ونعيمة» من وجهة نظر جديدة، وراهن وقتها على نجاح هذا الفيلم عبر الاستعانة بوجوه جديدة شابة تمثلت فى «سعاد»، ورغم أنه كان أول أعمالها السينمائية فإن موهبتها الطبيعية جعلتها تحقق نجاحًا أشاد به الجميع.
ورغم أن البعض حاول مثلا دفعها تجاه أدوار الإغراء، خاصة فى فترة الستينيات، فإنها كانت ترفض ذلك بشدة، لأنها كانت دوما تسعى لتجسيد الأدوار الاجتماعية التى تحمل هدفًا ورسالة وقصة تفيد المشاهدين.
ونتيجة لهذا التوجه، حصلت على عدد كبير من الجوائز الفنية، من بينها: جائزة أفضل ممثلة من المهرجان القومى الأول للأفلام الروائية عام ١٩٧١، عن دورها فى فيلم «غروب وشروق».
كما حصلت على ٥ جوائز من وزارة الثقافة المصرية، عن أدوارها بأفلام: «الزوجة الثانية»، و«غروب وشروق»، و«أين عقلى»، و«الكرنك»، و«شفيقة ومتولى».
وكذلك ٥ جوائز أفضل ممثلة من جمعية الفيلم المصرى، عن أدوارها فى أفلام: «أين عقلى»، و«الكرنك»، و«شفيقة ومتولى»، و«موعد على العشاء»، و«حب فى الزنزانة».
■ بعيدا عن مسيرتها الفنية.. كيف كانت الحياة الشخصية لسعاد حسنى؟
- كانت إنسانة بسيطة جدًا، و«بيتوتية»، وكانت طباخة ماهرة، وتعشق تجارب طبخ الأكلات الجديدة والغريبة التى تقرأ عنها فى المجلات، وحين كانت تشاهد برامج الطبخ كانت تجرب الوصفات الجديدة علينا. فى المقابل كانت تخشى الكلاب والقطط كثيرًا، لكنها أيضا تملك رأفة كبيرة تجاه جميع الحيوانات، وأذكر ذات مرة أن فأرًا دخل غرفتها فرفضت أن نؤذيه وتركته يتجول بالمنزل يأكل ويشرب دون أن تسمح لنا بقتله، حتى رحل من نفسه.
■ بين حين وآخر تثار قصة علاقة السندريلا بالعندليب الأسمر.. فما الحقيقة وراء هذه العلاقة؟
- «سعاد» تزوجت ٥ مرات، الأولى كانت من العندليب عبدالحليم حافظ، وكان زواجًا عرفيًا، وكانت وقتها فى عمر ١٧ عامًا، واستمر زواجهما قرابة ٦ أعوام، بعد قصة حب طويلة، ثم انفصلا عام ١٩٦٥، بسبب «مشكلات سياسية» و«أمور خاصة بالدولة». بعد طلاقها من «عبدالحليم»، تزوجت من المصور والمخرج صلاح كُريّم، واستمر زواجهما عامين ثم انفصلا عام ١٩٦٨، وبعدها تزوجت المخرج على بدرخان، واستمر ارتباطهما ١١ عامًا، حتى تم الطلاق بينهما عام ١٩٨١. وفى العام نفسه، تزوجت زكى فطين عبدالوهاب، «عشان تغيظ بدرخان وتضايقه»، لذلك لم يستمر هذا الزواج طويلا فانفصلا بعد عدة أشهر. أما آخر زواج لها فكان من المؤلف والسيناريست ماهر عواد، وهو رجل طيب كان عاشقًا لـ«سعاد الإنسانة»، ومقدرًا لحالتها النفسية، وتوفيت وهى فى عصمته.
■ إن كان الزواج بين سعاد وحليم استمر لهذه المدة.. فلماذا تنفى عائلته حدوث مثل هذا الزواج أو امتلاك أى وثائق عنه؟
- هذه النقطة لا تخصنى، فأنا أتفهم اعتراضهم على ذلك، ومحاولتهم الإبقاء على صورة عازب الفن المصرى الأشهر عند جمهوره، لكنى فى المقابل، لا أفهم حتى اليوم ما المشكلة فى أن يتزوج فنان كبير مثل «حليم» بفنانة كبيرة أيضًا مثل «سعاد»؟.
وأطلب من محمد شبانة ابن أخيه أن يسأل الكاتب مفيد فوزى عن حقيقة ما حدث، لأنه كان حاضرًا تفاصيل هذه الزيجة، ومن جهتى أملك مشهدا مُسجلا للفنان الراحل يوسف وهبى، قال فيه إنه كان من شهود عقد القران.
والسؤال الأهم الذى أطرحه: إذا كانت العائلة و«شبانة» نفسه اعترفا قبل ذلك للرأى العام بوجود علاقة حب بين «حليم» و«سعاد»، فما المانع من الاعتراف بأنها كانت فى إطار زواج شرعى؟، ولماذا الإصرار على تشويه سمعة الاثنين بالزعم أنها كانت مجرد علاقة عابرة؟.
■ ذكرت أن سعاد تزوجت ٥ مرات.. فما الحقيقة وراء ادعاءات زواجها من المنتج اللبنانى شريف وحيد؟
- كل كلام هذا المنتج عن علاقته بسعاد أختى، رحما الله، عار تمامًا من الصحة، لأنها كانت متزوجة بالفعل فى الوقت الذى زعم أنه تزوجها فيه، ففى عام ١٩٥٩ كانت متزوجة من المخرج على بدرخان، وأعتقد أنه فعل ذلك من أجل اكتساب الشهرة، وتشويه سمعتها، لا أكثر من ذلك.
■ لماذا لم تنجب السندريلا رغم زواجها أكثر من مرة؟
- «سعاد» لم تكن مصابة بأى أمراض أو مشكلات تمنعها من الإنجاب، كما ادعى البعض عليها، والدليل على ذلك أنها حملت مرتين، من زوجها المخرج على بدرخان، وكانت إحداهما أثناء تصوير فيلم «شفيقة ومتولى»، لكن الحمل لم يكمل ٣ أشهر، وتعرضت بعدها للإجهاض نتيجة إجهادها الشديد، بعد إصرارها على استكمال تصوير الفيلم، ورفض الحصول على فترة راحة من العمل، و«سعاد» كانت تعشق فنها بجنون، وتضع نفسها تحت ضغوط كبيرة أثناء العمل، لذا لم تستطع الإنجاب.
■ من أقرب الأصدقاء لقلبها فى الوسط الفنى؟
- أقربهم كانت الفنانة القديرة نادية لطفى، وطبعا الأستاذ صلاح جاهين، الذى كان الأب الروحى لها.
■ ما حقيقة وجود مشكلات بينها وبين الفنان فريد الأطرش؟
- سعاد حسنى لم تكن يومًا طرفا فى أى مشكلات، ولم تحاول يوما اغتياب أى شخص أو انتقاده، كما أن علاقاتها داخل الوسط الفنى كانت ضعيفة، وكذلك كان ظهورها فى الحفلات والمناسبات الاجتماعية. وحكاية وجود مشكلة بينها وبين «فريد» لم تكن حقيقية، فالمشكلة كانت بين «فريد» و«عبدالحليم»، ولم يكن لها أى دخل فيها.
■ لماذا كانت السندريلا تسافر كثيرا إلى الخارج خاصة فى سنواتها الأخيرة؟
- سفرها فى معظم الأحيان كان لتلقى العلاج، فمثلا، كان سفرها إلى باريس فى أوائل الثمانينيات من أجل إجراء جراحة فى العمود الفقرى، بعد إصابتها أثناء تصوير أحد المشاهد فى فيلم «المتوحشة»، لأنها كانت ترفض استخدام «دوبلير». وعندما مثلت فيلم «الراعى والنساء» عانت كثيرا من الإصابة، ما اضطرها للسفر لباريس أكثر من مرة، واكتشفت إصابتها ببعض المشكلات فى الفقرتين الأولى والثانية. أما عن سفرها بريطانيا، فكان أيضا بعد إصابتها بالتهاب فى العصب السابع، وتدهور حالتها بعد تلقى العلاج الطبيعى بصورة خاطئة، وفى لندن نصحها الأطباء بالاعتماد على العلاج الطبيعى الطويل دون التدخل الجراحى، ما اضطرها للبقاء هناك لـ٤ سنوات، حتى قتلت.
■ لماذا تؤكدين أنها قُتلت ولم تنتحر؟
- لأنه كان من المستحيل أن تنتحر، فهى كانت مؤمنة بالله، وتعتبره أقرب صديق لها، وتثق أنه يساعدها على تجاوز كل الأمور السيئة التى تحدث لها، كما كانت تناجيه كثيرا وتتوسل إليه فى كتاباتها.
كما أننا كنا قد اتفقنا وقتها على عدد من الأمور التى سننفذها معا فور عودتها، ومن بينها إصلاح سيارتها الذى كان سيتكلف ٢٥ ألف جنيه، وكانت تحب هذه السيارة كثيرا وتشعر بشغف شديد تجاه إصلاحها، واتفقت معى أيضا على التجهيز لشراء عدة أمور أخرى، ما يعنى أنها كانت ترتب لحياتها بعد العودة.
■ كيف استقبلتم الإعلان عن حادث وفاتها؟
- لم نصدق ذلك حتى وصول جثمانها، لكننا انهارنا جميعا فور وصوله، وبمجرد الإعلان عن وفاتها، أقسمت على رد حقها، لأنى علمت أنها قتلت ولم تنتحر، وبدأت البحث وراء الحقيقة من أجل اكتشاف من يقف وراء ذلك، ومعاقبة كل من تسبب فى مقتلها، وأعلن قبل ذلك عن اكتئابها من أجل تسهيل جريمته، التى حرمت العالم من فنها الجميل.
■ لماذا اتهمتِ صديقتها نادية يسرى بالتسبب فى مقتلها؟
- نادية يسرى كانت «شغالة» عند «سعاد» ولم تكن ضمن صديقاتها، ووجودها معها أثناء وجودها فى لندن كان لخدمتها، وهى من سهلت لمن قتلوا «سعاد» الدخول إلى غرفتها وقتها.