رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منبج.. تصنع نهاية أزمة سوريا


قبل أن ينتهي عام 2018 وبعد سبع سنوات من الاغلاق أعلنت أبو ظبى عودة سفارتها للعمل في دمشق وقت إزالة الحواجز فيما أكدت مصادر بحرينية قرب عودة سفارتها للعمل وسط معلومات عن عودة العمل بسفارات أخرى.. تزامن ذلك مع إشارات لعودة سوريا الى الجامعة العربية في القمة القادمة.

أيضا لم يشأ الشهر الأخير من العام الا وتشهد العلاقات المصرية – السورية ملمحا اخر بزيارة على المملوك رئيس جهاز الأمن السورى.. التطورات على المستوى الدبلوماسي تزامن معها تغير مهم في حقيبة الخارجية بالمملكة العربية السعودية بتغيير وزير خارجيتها وتولى الجبير المشهور عنه عداءه للأسد حقيبة وزارية أخرى وتولى إبراهيم العساف وزارة الخارجية.

كل هذه الملامح تشير إلى عودة عربية الى سوريا بعد سنوات سبع شهدت تمويلا من بعض الدول العربية لجبهة النصرة وتنظيمات أخرى عملت على تفتيت سوريا بالإضافة الى تراخى لدول أخرى في تبنى موقف واضح من الصراع السورى فيما اتخذت مصر في عهد الرئيس السيسى موقفا واضحا مؤكدة في تصريحات مسئوليها حرصهم على دولة سوريا وعلى جيشها الوطنى.

الشهر الأخير في العام الماضى شهد أيضا دعوة كردية من قوات " قسد" للجيش السورى للدخول إلى منبج وأعلنت " سانا" انه استجابة لنداء الأهالى في منطقة ( منبج ) تعلن القوات المسلحة السورية عن دخول وحدات من الجيش العربى السورى إلى منبج ورفع العلم السورى عليها.. المعلومات المتوافرة تؤكد وجود وحدات من النخبة في الجيش السورى في أطراف المدينة وان الفرقة الرابعة دبابات تحركت الى هناك.. كما لوحظ نقل دبابات (t72-m1) ومدافع شيلكا التابعة للواء 105 بالحرس الجمهورى في نفس الاتجاه.. وفى نفس الوقت اعلن عن توجه قوات عراقية الى المنطقة.

تركيا صاحبة المصلحة الأولى في الاستيلاء على مناطق الشمال السورى لم تقف مكتوفة الأيدى وبدأت في تحريك دبابات الجيش التركى الأساسية " ليو بارد 2 ايه 4 " لتعبر الحدود السورية في اتجاه منبج.

الموقف في منبج يشير الى قرب مواجهة عسكرية سورية – تركية لأول مرة في الوقت الذى تنسحب فيه القوات الامريكية من المنطقة وتتخلى عن دعم القوات الكردية لتضع الميليشيات الكردية في مواجهة مع الجيش التركى لذا بدأت في حفر انفاق على اطراف المدينة ويتم اضاءتها وتجهيزها لنقل معدات وأفراد واقامت الميليشيات ابراجا للهاون والأسلحة المتوسطة فوق المنازل.. في المقابل تشهد منطقة جرابلس توجه عناصر تابعة لفيلق الشام واليات تابعة للجيش التركى استعداد لمعركة شرق الفرات المنتظرة.

الموقف في منبج أعاد للأذهان تحرير حلب والجنوب السوري ومحافظات أخرى، وأكد للجميع أن الرئيس السورى باق وان العام القادم ربما يشهد عودة سورية الى الجامعة العربية وعودة إلى وجود جيش سورى موحد وغياب لتنظيمات النصرة وداعش وعشرات التنظيمات الأخرى التي تشكلت بعد احداث فبراير ومارس 2011 وبعد رحلة طالت لسبع سنوات شملت مفاوضات عديدة وتحالفات دولية إقليمية وشهدت أيضا محاولات لإعادة رسم خريطة جديدة لسوريا والعراق وربما الحدود التركية.. كما شهدت تمددا إيرانيا تحول الى وجود قوى في سوريا.

السنوات السبع انتهت أيضا بتواجد روسى في سوريا تحول الى قواعد عسكرية وموقف سياسى استطاع فيه بوتين ان يضع قدمه في المنطقة العربية والشرق الأوسط بعد غياب للدور الروسى.. ما قام به الدب الروسى حاول القيام به النظام الإيرانى الذى انطلق من ايران عبر العراق الى سوريا بتشكيلات من الحرس الثورى كان لها دور واضح وقوى في قلب الموازين في سوريا... في الوقت الذى تفرغت فيه أنظمة عربية لمحاولة اسقاط الأسد فأعطت لإيران الفرصة في التواجد القوى والمهم.. وهو ما افاقت منه اليوم لتحاول تحجيم الدور الإيرانى وتقليص وجوده في سوريا لتبدأ مرحلة أخرى من محاولات إعادة ترتيب القوى في سوريا.. تركيا أيضا تحاول الوجود تحت مزاعم نشر وحماية المذهب السنى وتهدف الى خلق محاور ارتكاز في الشمال السورى برغبة أردوغانية في استعادة مجد السلطان العثمانى..
أمريكا وهى تسحب قواتها بقرار من ترامب لا تترك الأمور بعيدة عنها ولكنها تحاول ان تدفع بتركيا الى الساحة في مواجهة عسكرية تتخلص بها تركيا من المضايقات والمليشيات الكردية وأيضا تضع لها قدما في الشمال السورى..
أوربا تنظر في قلق لما يحدث فهى لا تريد حربا جديدة قد تدفع الملايين من اللاجئين السوريين الى حدودها.. منبج اذن تتحول الى كلمة السر ربما لمواجهة عسكرية قد تجر دولا أخرى للتدخل دفاعا عن مصالحها او حماية لها.. وقد تحول المنطقة الى مسرح لبداية حرب كبرى..
في مواجهة كل ذلك يقف بشار الأسد متماسكا وبقوة اكبر وافضل من السابق.. دمشق عادت لها الأضواء.. الجيش السورى يطارد فلول داعش في ريف دمشق.. ويحكم القبضة على درعا والسويداء.. حلب يعود بعض ابنائها من رجال الاعمال لترميم او بناء المصانع سوق الحميدية يعود الى العمل.. ميزانية جديدة تعلن.. السياحة تعود للاذقية.. الجيش السورى يواصل انتصارات جديدة.. المشهد السورى الداخلى يختلف كثيرا عن سنوات سابقة.. والمشهد الخارجي المحيط يختلف.. اذن ماذا يحمل العام الجديد لسوريا هذا ما يفك طلاسمه ما سيحدث في منبج وحولها.