رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"فتوى الأزهر" تكشف حكم الشرع فى استهلاك المياه دون احتياج

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ردت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، في سؤال ورد إليها لمعرفة حكم الشرع في إسراف المياه تقول: تترك أمي أختي الصغيرة أحيانًَا تلعب في المياه، سواء داخل الحمام أو خارجه، مما قد يؤدي إلى إهدار الماء، وقد أخبرتُها بأن ذلك يخالف الشرع فنهرتني قائلة: بأننا ندفع ثمن ما نستهلكه من المياه فلا توجد حرمة؟

وأجابت لجنة الفتوى بالأزهر قائلة: جزاك الله خيرا أيها الابن الكريم على هذه النصيحة الغالية التي تظهر التزامك بتعاليم الدين ومساهمتك في النهوض بأهلك ووطنك وأمتك، ولا شك أن ما تفعله الوالدة يعد إسرافا وتبذيرًا نهى عنه الشرع الحكيم في أكثر من موضع.

واستشهدت فتوى الأزهر بقوله تعالى: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)، وقد فسر ابن عباس رضي الله عنهما: التبذير بأنه: الإنفاق في غير حق.

وأضافت: لا شك أن استخدام المياه على سبيل الترفيه بهذه الطريقة إنفاق له على غير الحق فيندرج تحت وصف التبذير، قال مجاهد: لو أنفق إنسان ماله كله في الحق لم يكن مبذرًا، ولو أنفق مدًا في غير حق كان مبذرًا، ومنه أيضًا قوله تعالى: (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).

وأضافت الفتوى أن الآيات نبهت إلى أن الله تعالى لا يحب المعتدين في كل الصور والمظاهر، والاعتداء هو تجاوز الحد، ومنه استخدام المياه دون الحد الذى تحتاجون إليه. أما الإسراف فقد عرفه ابن عابدين بكونه صرف الشيء فيما ينبغي زائدًا على ما ينبغي.

وتابعت: من السنة النبوية: ما روى الإمام أحمد وابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم: مر بسعد وهو يتوضأ فقال: ما هذا السرف يا سعد؟ قال: أفي الوضوء سرف؟ قال: نعم، وإن كنت على نهر جارٍ.

ولفتت فتوي الأزهر إلى أن السّرف هو: تجاوز الحد في الشيء والغلو فيه، ولقد أجمع أهل العلم على النهي عن الإسراف في الماء، قال النووي في شرح مسلم: وأجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو كان على شاطئ البحر. وقال ابن أبي زيد القيرواني: والسرف منه (الماء) غلو وبدعة.

وأردفت: كما يكفى في بيان خطورة الإسراف أن الشرع الحكيم منعه حتى لو كان في الإنفاق، حتى لا يؤدى إلى الفقر والحاجة، فقال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا)، والإسراف في المياه في الشرب والري والترفيه وغيرها من الاستخدامات يترتب عليه من المفاسد ما لا يمكن خفاؤه على الفرد والأمة.

وأكدت على أن ما تفعله الأم من تركها للصغير يلعب في المياه لتسليته بها يعد إسرافا وتبذيرًا نهى عنهما الشرع الحكيم، وتأثم الأم بما تفعل؛ لأنه صرف له على غير حق، حتى لو كانت تدفع ثمنه، فهل يشترى القادر طعاما ويرميه أو يتركه يتلف بحجة أنه يملك ثمنه بينما يحتاج الفقراء إليه، وإنما الجائز لها أن تستخدم ما يكفى حوائجكم دون زيادة عليها.

وأوضحت فتوي الأزهر أن الإثم يشمل الإسراف في استخدام المياه في كل وجه من الوجوه، وفى كل المجالات المنزلية والزراعية والصناعية، حتى وإن كان قادرا على دفع قيمة ما يستخدمه، لحاجة غيره له، وأن الحاجة للماء ليست حالية فقط بل تتعلق بما يحتاجه المجتمع فى المستقبل والأجيال القادمة، وأنه يجب الاقتصاد فيها والمحافظة عليها، وكل مؤمن مؤتمن مسئول عما استخلفه الله عليه من النعم.