رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل التعددية تسبب التطرف أم ثراء المجتمعات؟

جريدة الدستور

قال حمادة إسماعيل شعبان، مدرس اللغة التركية بكلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر، يُرجع بعض المتخصصون الأجانب في حقل الجماعات المتطرفة والإرهابية سهولة استقطاب بعض الشباب للجماعات المتطرفة في بعض الدول الأجنبية إلى التناقض، وعدم الانسجام بين المناخين العلماني والمحافظ.

وأضاف، في تصريحات خاصة لـ"الدستور": أن التلميذ أو طالب الجامعة قد يكون من بيتٍ محافظ لكنه يدرس في مدرسته أو جامعته التي يغلبُ عليها المناخ المنفتح وفقًا لقانون دولته. والحقيقة وإن كنتُ أختلف مع هذا الطرح وأرى أن هناك أسبابًا أخرى للتطرف إلا أنني في الوقت ذاته أرى أنه لابد وأن ننظر إلى هذه النقطة من منظور أوسع كي نُفيد المجتمعات المتعددة العرقيات والقوميات والديانات مثل مجتمعات "آسيا الوسطى".

وأوضح أن بعض الدول يتكون مجتمعها من أكثر من مائة عرقية، مثل دولة كازخستان، والتي يتكون شعبها من 131 عرقية مختلفة (كازخ، روس، أوزبك، تتار، أويغور...إلخ)، إضافة إلى الديانات المختلفة الإسلامية والمسيحية واليهودية، وكذلك المجتمع العراقي الذي هو من حيث تركيبته السكانية يعتبر نموذجا مصغرا لمنطقة الشرق الأوسط، إذ يحوي بداخله جميع العرقيات والمذاهب والأديان التي تُشكل منطقة الشرق الأوسط.

وتابع: يوجد في هذا المجتمع مسلمون ومسيحيون، وسنة وشيعة، وعرب وتركمان وأكراد، الأمر ذاته مع تركيا التي هي وريثة لدولة مترامية الأطراف هى الدولة العثمانية، وتحوي بداخلها تقريبًا جميع الأعراق التي كانت تشكل هذه الدولة، كما تحوي العديد من الأيدولوجيات الفكرية المختلفة (الدينية، العلمانية، القومية...).

وقال أستاذ اللغة التركية: قد تكون التعددية سببًا في ثراء المجتمعات، وقد تكون أيضًا سببًا في ظهور العنف والتطرف فيها. وذلك وفقًا لطبيعة كل مجتمع وكيفية تعامل مؤسساته مع أفراد مجتمعها، ليس هذا فحسب بل الأخطر من ذلك هو أن تصبح هذه الاختلافات عرضة للاستغلال وإحداث اضطرابات وظهور موجات من العنف والعنف المضاد.

وأكد "إسماعيل" أن ما يحدث الآن مع مسلمي بورما في ميانمار من اضطهاد وسفك للدماء ناتج عن عدم قبول التعددية وقبول الآخر، وهو مناخ جيد لظهور العنف والتطرف. وللأسف الشديد قد تنساق بعض الأنظمة إلى الحلول العسكرية فقط في مثل هذه القضايا، وتهمل المعالجات الفكرية فيزداد العنف ويتغذى التطرف، من أجل ذلك يجب حل مثل هذه القضايا في إطار نشر العدل وإعلاء قيمة القواسم المشتركة والتعالي عن النزول إلى عمق المشكلة، وتقديم جميع الأطراف تنازلات من أجل الحفاظ على الوحدة والعيش المشترك.

وأشار إلي أن التاريخ أثبت أن دولًا كبرى تعرضت لهزائم عسكرية في حروب عالمية دمرتها، لكنها استطاعت التعافي، والظهور مرة أخرى كعملاق في جميع الميادين، وعلى رأسها وحدة المجتمع والتعايش، في حين أن هناك دولًا أخرى وقعت أسيرة للعرقية والطائفية والاختلافات الأيدولوجية ولم تستطع النهوض من كبوتها حتى الآن، وكأن الواقع يريد أن يقول إن الهزائم العسكرية أهون بكثير من خسارة الوحدة والتكاتف بين أبناء المجتمع الواحد.