رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"حنا مينة" يقرأ ويكتب فى صالون الحلاقة فظنت والدته أنه مجنون

أرشيفية
أرشيفية

حكى الروائي السوري حنا مينة في كتابه "كيف حملت القلم"، أن الأتراك اغتصبوا لواء إسكندرونة، وعانى العرب مظالم لا حد لها بسببهم، فتشردت عائلته من السويدية إلى الأناضول في "سفربرلك"، وقضى أيامًا صعبة في الحرب العالمية الأولى، بعد أن انضم والده إلى الخدمة العسكرية بغير سلاح، أي للخدمة في شق الطرقات ومد سكك الحديد، وكان في تلك الفترة إذا غربت الشمس، أغلق دكانه لمنع تسرب النور من جهة، والتماسًا للوحدة من جهة أخرى، فيصير الدكان صومعة خاصة له، فيبدأ في كتابة الخطابات ضد فرنسا، أو القصص، ويبقى ساهرًا طوال الليل، إلى أن يعود للبيت ويدخل غرفته، ويتابع نضاله بالجسد والقلم والكتابة.

هذا السلوك دفع أمه إلى الخوف عليه، وكانت عمته تقول لوالدته: "ابنك سيجن يا أم حنا، خذيه إلى الخوري يا أختي، أو الأرشمندريت جبرًا، الذي صلاته تقضي على جميع الأرواح النجسة، وتخرج الشياطين من الأجسام، بالقوة التي أعطاها السيد المسيح لأمثاله من رجال الكهنوت"، فصدقت والدته كلام عمته، وفاتحته في زيارة الأرشمندريت، فرفض مينة.

وزادت عمته في تخويف والدته، فقالت لها: "ما هذا الذي يفعله ابنك يا أم حنا، الشباب يذهبون إلى الكنيسة كل أحد، ولا يفرطون في الصوم الكبير، ويدوامون على الصلاة في الجمعة الحزينة، ويخرجون إلى النزهة، ويتعرفون إلى البنات، ديري رأسك يا حرمة وإلا راحت على الولد، ابنك مسكون يا أم حنا، اكتبي له حجابًا، رقوة، امنعيه بالقوة من القراءة والسهر وحيدًا".