رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

7 طرق نبوية لحل المشاكل الزوجية «٢-٢»


مثلما يحدث فى البيوت الآن، اشتكت نساء النبى يومًا من قلة من ضيق النفقة، واجتمعن على ذلك، وضغطن عليه مرة واثنتين وثلاثًا، لما رأينه من كثرة المال وزيادة الغنائم، فأثقلن على النبى، جمعهن وقال لهن: أنا وضعى كذا ولا أقدر على كذا، أدار حوارًا هادئًا معهن، إذ إن الشفافية الأسرية هى أحد مفاتيح حلول المشاكل، لكن لا فائدة، فقرر النبى اعتزال نسائه لمدة شهر فى مزرعة بـ«العوالى»، حتى يعلم كل رجل أنه حين يحتدم الخلاف مع زوجته أن يبتعد عنها حتى تهدأ الأوضاع.
انتشرت شائعة بأن النبى طلق زوجاته، وبعد ٥٠ يومًا على الابتعاد عنهن، نزلت الآية: «يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا».
فمر النبى على زوجاته ويقرأ عليهن الآية، فبدأ بعائشة: يا عائشة إنى أريد أن أعرض عليك أمرًا أحب ألا تعجلى فيه حتى تستشيرى أبويك، قالت: ما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها، فردت عليه: أفيك يا رسول الله أستشير أبواى، بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وقالت له: «أسألك ألا تخبر امرأة من نسائك بالذى قلت». يقول: «لا تسألنى امرأة ألا أخبرتها، إن الله لم يبعثنى معنتا، ولا متعنتا ولكن بعثنى معلمًا ميسرًا».
كما واجه النبى أزمة الشك والغيرة وسوء الظن، مثلما يحدث من بعض النساء مع أزواجهن. تقول السيدة عائشة: «مَّا كَانَتْ لَيْلَتِى، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا، فَجَعَلْتُ دِرْعِى فِى رَأْسِى، وَاخْتَمَرْتُ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ، حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ». فقال لها: «هل ظننت أنى أظلمك بالذهاب فى ليلتك»، قَالَتْ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِى، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِى».
لم يظهر ضجره، أو يبدى تحفزًا تجاه ما فعلته، سألها عما الذى أتى بها خلفه، ناقش مخاوفها، ليؤكد لها أنها غير صحيحة، لكن هناك رجلًا يفرح لذلك، ويعمل على زيادة قلقها.
ويضع النبى قاعدة فى التعامل مع الشك والغيرة «مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ، وَمِنْهَا مَا يَكْرَهُ اللَّهُ، فَأَمَّا مَا يُحِبُّ فَالْغَيْرَةُ فِى الرِّيبَةِ، وَأَمَّا مَا يَكْرَهُ فَالْغَيْرَةُ فِى غَيْرِ رِيبَةٍ»، فهناك غيرة يحبها الله ورسوله، وأخرى يكرهها الله ورسوله.
فالغيرة ساعة القلق، مثلًا: جاءتك معلومات مقلقة، شعرتْ أن هناك تصرفات غير طبيعية، أما الغيرة التى يكرهها، فهى التى بدون سبب، فليس هناك دليل، ولا داع، ولا عبارة، ولا أى شارة، ولا تصرف مقلق، والأمور كلها طبيعية.
من الأزمات التى باتت سببًا فى تهديد العلاقات الزوجية، حتى إنها أصبحت سببًا من ٧٠٪ من حالات الطلاق، هى مشكلة العلاقات الخاصة، لأنه لا أحد يجرؤ فى الحديث عنها، ويتحدث عن أمور أخرى.
القرآن أكثر صراحة لحل المشكلة من جذورها، دون تهميش ولا تضخيم. خولة بنت ثعلبة حصل بينها وبين زوجها أوس بن الصامت أزمة، انفعل عليها وقال لها: أنت علىَّ كظهر أمى، فتنزل سورة المجادلة «الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ»، أى لا تُحرم أيها الزوج امرأة من حقها أبدًا.
وقد كان لهذه السيدة قصة مع عمر بن الخطاب، قالت له: يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميرًا فى سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله فى الرعية، فقال الجارود: قد أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين، فقال عمر: دعها، أما تعرفها، فهذه خولة بنت حكيم، التى سمع الله قولها من فوق سبع سموات، فعمر والله أحق أن يسمع لها.
وكان ذلك سببًا فى تغيير قواعد التجنيد فى الجيش، مراعاة لاحتياجات المرأة من زوجها، سأل ابنته حفصة: يا بنية كم تصبر المرأة عن زوجها، ردت من أربعة أشهر إلى خمسة أشهر، فأمر ألا يغزو واحد أكثر من ٤ أشهر.
وهذه أبرز الأزمات التى واجهها النبى ونواجهها الآن فى بيوتنا:
أزمة عدم الإنجاب.. الحل: املأ فراغ حياة زوجتك.. أوجد لها فرصًا لتحقق ذاتها.
مشكلة الكلام الكثير والقيل والقال.. الحل: ركز على العاطفة ولا تدخل فى المشاكل.
مشكلة انشغال الزوج فى العمل.. الحل: داو ذلك بجودة الوقت.
أزمة وفاة أحد الأبناء.. الحل: الرحمة والحنان والمواساة.
أزمة النفقة.. الحل: الإنفاق عليها.. ومصارحة الزوجة بشفافية.. خذ هدنة دون صراع.
أزمة الشك والغيرة وسوء الظن.. الحل: الصبر وبث الطمأنينة فى قلب الزوجة.
أزمة احتياجات المرأة فى علاقتها الخاصة جدًا مع الرجل.. الحل: إياك أن تحرم زوجتك من حقها.