رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الساقى تصدر رواية "وحى" لـ حبيب عبدالرب سرورى

أرشيفية
أرشيفية

عن دار الساقي للنشر والتوزيع٬ صدرت مؤخرًا أحدث إبداعات الكاتب الروائي حبيب عبدالرب سروري٬ تحت عنوان "وحي".

ومنها نقرأ: "أيْ نَعَم، أضحى كل شيءٍ في حياتنا اليوم رقميًّا، ينسابُ في الألياف الضوئية للإنترنت: الغزل والعشق، الثورات والحروب، الاكتئاب والانتحار، ألْفِيّة ابن مالك والفتاوى "أون لاين"، أوجه القتلى والموتى الذين نضعهم على الشبكات الاجتماعية دون استئذان، وأيامنا التي تسيل بين أصابعنا ونحن نراكم صورَها، ننشرها، نبعثها للأصدقاء، نمسحها، نؤرشفها، نُضِيعها، ننساها... دون أن نحياها بحقٍّ فعلًا".

كل شيء، بما في ذلك الوحي (أقول هذا وقد رمقتُ على شاشة هاتفي الجوّال رسالةً إلكترونيةً طازجة، عنوانها كلمة مغرية غاوية، تجعلني أفزّ فزًّا: "وحي"!

وفق الحلم، يلزمه أن يذبح طفله بالساطور الإبراهيمي، وليس بمسدس، وأن يبيع مسدسه بعد ذلك لِشراء ثمن قبر ابنه، وأن يدفنه بيديه مع الساطور، حينئذ، وحينئذ فقط، ستنتهي الحرب والعنف في هذا العالَم.

انتظرَ نهاية الأذان مباشرة، حربٌ أهليّةٌ جديدة تتفجّر في جوفِه وبين أضلعه، كلّ أفاعي العالَم تلتفّ على بعضها في صدره.

توكّل على الله، بسمَلَ، قرأَ آيات الكرسي والفاتحة، وذبحَ ابنَهُ عند باب الجامع مباشرة، استجابةً لدعوة الله له في الحلم، وقربانًا لتتوقّف الحرب ولينتهي الشر في كلِّ العالَم.

سيكون، أستاذنا، جميلًا الحفرُ في الطبقات الأكثر عمقًا لجيولوجيا علاقتك بالإيمان والوحي، يبدو لي أن هذه العلاقة مفصليّة جدًا، تفرِّق بين نوعين متباعدين من البشر، في قطبين تفصلهما كلّ المسافات.

عندما تؤمن بحقيقةٍ قِيلَ أنها هبطت لإنسان، بواسطة وحي سماوي، فأنت تنظر باتجاهٍ أنبوبيّ، تفكِّر انطلاقًا من مسلّمةٍ غير مبرهنة (قد تكون حقيقة، وقد تكون دجلًا لا غير) وتعيش على نحو مقنَّنٍ وموجَّه، شعارُه: في البدء كان ساعي البريد، تقرير الهدهد، جبريل الذي يهبط من السماء السابعة.

وعندما لا تؤمن إلا بالحقيقةِ النابعة من التفاعل ومرور التيار بين قطبٍ من الأسئلة، وقطبٍ معاكسٍ آخر، الحقيقةِ المبرهنة علميًا (بالتجربة المختبرية أو بالدليل الرياضي، بالكربون 14 أو بحمض الـDNA، بالتحليل اللغوي للنصوص أو بالنقد التاريخي...)، فأنت تنظر وتفكِّر وتعيش في عالَمٍ آخر، في الجهة المعاكسة للعالَم الأول، شعارُه: في البدء كان الثقب الذي يسمح بالرؤية، في البدء كان التساؤل والشك والجدل والبرهان.. أليس كذلك، عزيزي الغالي؟.