رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل هى مظاهرة لنبذ العنف أم لتأجيجه؟


ولذا فقد وجدنا مليونية الجمعة حفلة لإرسال رسائل الترهيب للجميع ولا نعلم ونحن نتساءل بنية خالصة، فما علاقة نبذ العنف برسائل عاصم عبد الماجد التى يرسلها طول الوقت لـ 30/6

العنف بشكل عام هو سلوك مستهجن ومرفوض فهو أقرب للسلوك الحيوانى منه إلى السلوك الإنسانى والتعامل بأسلوب العنف هو رجوع إلى العصرالبدائى لإنسان الغابة الذى كان يدافع عن حياته وعن بقائه فى مواجهة من هو أقوى وأكثر عنفًا، ومع التطور الإنسانى أصبح الحوار وتبادل الرأى والرأى الآخر بديلاً لهذا العنف، كما أن العنف هو سلوك وثقافة وتربية يراد بها الحصول على ما ليس حقًا فإذا كان طريق الحق هو الحوار فطريق اللا حق دائمًا هو العنف.. والجمعة الماضية كانت هناك مليونية قد أطلقوا عليها نبذ العنف وقد قام بها التيار الإسلامى بكل مشتقاته فى ميدان رابعة العدوية فهل فعلاً كانت هذه المليونية تهدف إلى نبذ العنف أم كانت لتأجيجه وتجذره وتصعيده وتكريسه؟

لا شك لا يوجد إنسان سوى يحب وطنه وينتمى إليه ويسعى إلى تقدمه ويحترم تاريخه ويفخر بحضارته يمكن أن يتبنى العنف أو يسعى إليه أو يمارسه فى إطار ما يسمى بالخلاف السياسي، حيث إن السياسة هى رؤية وبرامج وخطط يتاح لها الصراع السياسى السلمى لكسب ثقة الجماهير بالحوار والحوار وحده لا بالعنف، ولا يوجد ما يسمى بالإقناع بالعنف فالإقناع دائمًا بالحوار وحرية الرأي، ولكن المسمى الحقيقى للحوار أو الإقناع بالعنف هو الإرهاب والترهيب والتخويف والتفزيع وهذا كله لا يجلب حوارًا ولا يحدث إقناعًا ولكن يأتى برد أكثر عنفًا حتى لو بعد حين فيدخل الوطن وندخل معه فى دائرة العنف الجهنمية التى لا تنتهى والتى سيدفع ثمنها الجميع بلا استثناء وبالطبع فمن المعروف أن هذه المليونية قد تمت فى مواجهة مظاهرة 30/6 والتى تهدف إلى سحب الثقة من مرسى عن طريق انتخابات رئاسية مبكرة بعد فشله وجماعته فى إدارة شئون الوطن فشلاً ذريعًا.

وبعد اختطافهم الثورة وتحويلها إلى ثورة مضادة لا تهدف إلا للاستيلاء على الوطن ومقدراته إلى الأبد بحجة وزعم وادعاء إقامة النموذج الإسلامى لتطبيق شرع الله ؤإقامة دولة الإسلام مستغلين تخبط المجلس العسكرى بعد سقوط مبارك وتشرذم القوى السياسية التى تم احتواؤها باسم الثورة فكان اختيار مرسى ضد شفيق بالديمقراطية التى يعتبرونها كفرًا بواحًا والصندوق الذى يتعاملون معه كأنه غزوة حربية تأكيدًا لثقافة العنف التى تربوا عليها ولا يعرفون سواها، فكانت مليونية نبذ العنف صورة مثالية لاستعراض القوة والقدرة والإمكانية المتاحة لهم لإحداث العنف وممارسات الإرهاب وبث الخوف لدى جماهير الشعب المصرى الرافض لفشل مرسى وجماعته والتى تجسدت فى هذه التوقيعات غير المسبوقة على استمارات تمرد والإصرار على استرداد الثورة التى اختطفت فى الوقت الذى أعلنت فيه تمرد وكل القوى الوطنية ورجل الشارع العادى والرافض لمرسى السلمية ونبذ العنف لأن الجميع يعلم أن السلمية هى الطريق السحرى الذى أسقط مبارك، وهو الطريق نفسه الذى يلتزم به الجميع للتعبير عن الرأى السياسى وما المطالبة بالانتخابات المبكرة من أكثر من خمسة عشر مليونًا غير الطريق السلمى والديمقراطى والدستورى بروح الدستور قبل نصوصه والذى لا علاقة له بالإرهاب والعنف، ولكن من شب على شىء شاب عليه، من مارس العنف ويؤمن به ويتصور أن الجميع مثله لأنه لا يجيد الحوار.

ولذا فقد وجدنا مليونية الجمعة حفلة لإرسال رسائل الترهيب للجميع ولا نعلم ونحن نتساءل بنية خالصة، فما علاقة نبذ العنف برسائل عاصم عبد الماجد التى يرسلها طول الوقت لـ 30/6 فيوم الأربعاء الماضى فى المنيا وفى مؤتمر باسم «مصر الثورة برؤية إسلامية» قال إنى أرى رءوسا قد أينعت وحان وقت قطافها وقتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار، كما هدد بالتدخل لمنع المتظاهرين بالقوة إذا ما خرجوا عن السلمية، وواصل تحذيراته مؤكدًا أن من وصفهم بالسفهاء والمغفلين سيدفعون البلاد لمرحلة شديدة الخطورة ثم قال لقد وجهت النصح للكنيسة بمنع شباب المسيحيين من النزول للشارع منعًا للحشد الطائفى لأن هذا ليس رأيًا سياسيًا مادام ضد المرجعية الإسلامية، وقال إن الدين لا يمكن بالخطب بل بالقوة، وهنا أين نبذ العنف؟ هل من يريد أن يحصد رءوس البشر حتى المخالفين له نبذ عنف؟، هل منع المظاهرات بالقوة نبذ عنف؟ هل وصف المختلفين معه بالسفهاء والمغفلين دعوة للسلام، وإيه حكاية الأقباط يا سيد عاصم، وما علاقة نزولهم ونزول المصريين بدون تحديد هوية دينية لرفض سياسة الإخوان ولفشل مرسى بالمرجعية الإسلامية؟ وهل هذا يعنى إذا كنتم تطرحون المرجعية الإسلامية وهذا حقكم أن من يخالفكم ويطرح مرجعية أخرى يصبح ضد الإسلام؟ وهل هذا يعنى سلب المواطنة والحقوق فى ممارسة العمل السياسى والتعبير عن الرأى للأقباط لأنكم تزينون برامجكم بمسمى المرجعية؟

وهل رؤيتكم السياسية هى الإسلام ومن يخالفها يخالف الإسلام؟ وما معنى الشرعية بالصندوق التى تتشدقون بها والتى أوصلت مرسى؟ هل هى لمرة واحدة والله يرحمها؟

وهل هذا يعنى أن الصندوق إذا لم يأت بكم مرة أخرى يكون ذلك ضد الإسلام ويتهد المعبد على اللى فيه؟ وهل الدين يمكن بالقوة على طول الخط وأين الحكمة واللين والموعظة الحسنة؟ وهل حديث الثائر المغوار حجازى بأنه سيرش بالدم من يرش مرسى بالماء فهل هذا سلوك سلمي، وما حكاية الدم الدم، فالبلتاجى يوم الجمعة الماضية، قال سنحافظ على مرسى بدمائنا؟ هو مرسى ولا كرسى السلطة التى جاءت صدفة ولا تريدون التنازل عنه؟ هذا يا سادة لا علاقة له بنبذ العنف وكفى لعبًا بالألفاظ وكفى لعبًا بالعواطف الدينية وكفى إثارة للشباب المسلم المصرى النقى باسم الدين وكأن الدين فى خطر، الإسلام ليس فى خطر ومصر لن تكون غير إسلامية بالواقع والتاريخ ولكنه إسلاممن؟ إسلامكم الذى يرفض الآخر ولا يعرف الحوار بالحسنى، أم الإسلام الصحيح الذى ضمن سلامة الأقباط أربعة عشر قرنًا.

الإسلام الصحيح الذى يقبل الآخر ولا يرفضه، الإسلام الذى يقول لكم دينكم ولى دين الإسلام الذى يؤمن بأن الإيمان والكفر حرية للإنسان وهبها الله إياه فنحن أبناء الحضارة الإسلامية السمحة المحبة، إسلام الأزهر الوسطى فلا مرسى أميرًا للمؤمنين وبرنامجه الفنكوش هو الإسلام.

لكن من حق الجميع القبول أو الرفض لمرسى ولبرنامجه دون إقحام الإسلام فالإسلام أكبر من استغلاله لمنفعة أو لمصلحة، وليعلم الجميع أن العنف هو الحريق الذى لن يبقى ولن يذر، وأن مصر فى خطر وأن الاستقطاب الحادث لن يفيد أحدًا والقضية ليست إسقاط مرسى بقدر ما هى كيف نخرج جميعًا من والخروج من هذا المأزق يكون بالحوار الحقيقى والمشاركة للجميع والصدق والوفاء بالوعد والأهم هو أن يؤمن الجميع أن مصر لكل المصريين وليست لمرسى وحده ولا للإخوان بذاتهم ولا للتيار الإسلامى فقط. حمى الله مصر من الجميع

■ كاتب سياسى وبرلمانى سابق