رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكلب الذى قفز

جريدة الدستور

الكلبُ الذى قفز من نافذتِكَ
ظل يعوى لثوانٍ
ثم صَمَتْ.
ليتكَ ما عرفتَ أباه وأمه
ولا جده وجدته
تلك الكلاب التى ربيتَها
بيدٍ من حديدْ
وقلبٍ من ورقْ
سلسالٌ نبيلٌ.
تتحسرَ على قفزِه!
لِمَ سمحتَ إذن لهاتيك القطط
الشيرازية أن تتراقصَ أمامَه
بميوعة الحسانْ
وسطوةِ النمور؟
أن تتلمظَ طعامَها الشهى
ثم تندسَ فى حضنِكَ
الشمسى؟
لمَ لمْ تحزر أن الكلابَ
تعشقُ وتغيرْ
وقلوبُها عن قِبْلةٍ واحدة
لا تحيدْ؟
لم سمحتَ لببغائكَ الخبيثةِ
أن تزهرَ ألوانًا
استوائية
ونبراتٍ ساخرة
متناسيًا أن بالبيتِ أرواحًا رمادية
وعيونًا كابيةْ
وقلوبًا فتتَها العشقُ والسقمْ
شجعتَ عصافيرك
أن تشدوَ بأغانى الصباحِ
والرياحِ
والجبالْ.
سلحفاءك ببطئها القَرْنى
وسنجابَكَ بسذاجتِه اللئيمةْ
وسُميكاتِك اللامبالية بموات عيونها
نباتاتك تينع خضارًا متحديًا
حتى ديناصوراتك المنقرضة
تركتَها تمرحُ بغلاظةِ
المردةْ
وتهددُ سلامةَ بيتِكَ وبيتِه؟
ألم تعرف أن الكلابَ
تربكُ أرواحَها التغيراتُ
الفجائيةْ
وترهبُها دباتُ الديناصورات؟
وشجعتَ تنانينَكَ الخيالية
تنفثُ حرائقَها
فى أوراقِكَ وذكرياتِك
فينتابَه الجنون
حزنًا وقهرًا.
أيها الأحمق
لا يهمُه ما تسطُر
من أشعار
ولا ما تخطُ من ذكرياتٍ
مختلقةٍ أو حقيقية،
لكن ينتابه الجنون
لخطِكَ المعوجِ يلقمُه
اللهيبُ إلى الفناء.
لم تشاغلت عنه
فتركته يرنو طويلًا لسماء النافذة
بعينيه الحزينتين؟
ألم تكن تعرف أنه ظلك أنت على الأرض؟
والآن ينتابٌكَ الخرس.
وعواؤه الأليم يصاحبُك
ويرافقك،
يهددك
ويهدهدك،
ولا تستريح.