رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد فوده يكتب: كيف فشلت البرامج الترفيهية والمسلسلات ‏الكوميدية فى رمضان؟

محمد فوده
محمد فوده

لم تكن الأعمال الفنية الرمضانية مجرد مسلسلات درامية تتنوع ما بين الاجتماعى والكوميدى والدينى فحسب بل كان من أهم وأبرز ما يميز الشاشة الصغيرة فى الشهر ‏الكريم، تلك البرامج الرمضانية، التى تنوعت بين منوعات ومسابقات وفوازير، وكلها برامج شيقة يحبها الصغار والكبار، على حد سواء.‏

وفجأة تغير الحال، وأصبحت تلك البرامج تعد على أصابع اليد الواحدة رغم كثرة الفضائيات، وهنا أتساءل: «مَن السبب فى هذا الوضع المقلوب؟»، ففى الوقت الذى نرى ‏فيه المسلسلات بهذا العدد الكبير فإننا لا نجد سوى بضعة برامج، أهمها برنامجا «شيخ الحارة» للإعلامية المتميزة بسمة وهبة، و«رامز تحت الصفر» الذى يقدمه ‏رامز جلال. فكما سقطت البرامج فى اختبار رمضان فشلت المسلسلات الكوميدية فى استقطاب المشاهدين ليذهب بحق «زمن الترفيه الجميل».‏


‏«شيخ الحارة» فى صدارة المتميزين.. ورامز يستحق «صفر كبير» على برنامجه ‏المستفز
‏«شيخ الحارة» هو البرنامج الوحيد الذى يمكن أن تكون فيه رائحة «برامج الزمن الجميل» التى كان معظمها يتغلب على الأعمال الدرامية الرمضانية.‏
ربما يكون «شيخ الحارة» برنامجًا عاديًا تستطيع القناة أن تعرضه فى أى شهر من شهور العام، إلا أن ذكاء الإعلامية بسمة وهبة جعل له مذاقًا رمضانيًا يعيد إلى الأذهان تلك النوعية من البرامج ‏التى كانت تجذب المشاهدين فى رمضان أيام الزمن الجميل.‏
فمن خلال الإعداد الجيد والبراعة فى التقديم، أصبح البرنامج رمضانيًا مائة فى المائة، خاصة مع اختيار الضيوف بعناية فائقة، بما يؤكد أننا أمام برنامج متميز يستحق وعن جدارة أن يكون فى ‏صدارة البرامج الرمضانية.‏
الإعلامية بسمة وهبة وصلت إلى هذا المستوى من الروعة فى التقديم والقدرة على جعل المشاهد يستمر فى مشاهدة البرنامج حتى آخر دقيقة، بعد جهد كبير بذلته من خلال الكثير من البرامج ‏المتنوعة التى قدمتها على مدى السنوات الماضية، وأعتقد أنها قد تفوقت على نفسها فى برنامجها الرمضانى «شيخ الحارة».‏
أما الفنان رامز جلال فيبدو أن الله قد جعل له من اسم برنامجه «رامز تحت الصفر» نصيبا، ففى تقديرى البرنامج لا يستحق سوى «الصفر»، فمنذ الحلقة الأولى من عرضه وهو يثير الكثير من ‏ردود الفعل الغاضبة بسبب ما يتضمنه البرنامج من ألفاظ خارجة وخادشة للحياء.‏
ولم يتوقف «رامز» عن استعراض عضلاته على الهواء بتصرفاته المستفزة والأداء التافه و«الاستظراف» و«الاستهبال»، اعتقادًا منه أن تلك الأشياء تجذب المشاهدين وتجعلهم يحرصون على ‏مشاهدته، وحول البرنامج إلى ما يشبه «وصلة ردح» على الهواء مباشرة مع ضيوفه، فى «شو» سطحى وتافه لا يستحق كل هذه الضجة الإعلامية المصاحبة له.‏
ورغم حالة الاستياء من البرنامج وكثرة الانتقادات التى تعرض لها عبر «السوشيال ميديا»، فإنه يصر ويتعمد استفزاز الجمهور يومًا بعد الآخر، وسط حالة من النفور منه ومن طريقته فى التعامل ‏مع ضيوفه، وكأنه يتعمد إهانتهم مقابل تلك المبالغ الكبيرة التى يحصلون عليها نظير مشاركتهم فى البرنامج.‏
اللافت للنظر أن تلك المقالب التى يقدمها رامز جلال فى ضيوفه ليست سوى مشاهد تمثيلية يقوم بها هؤلاء الضيوف، وكل شخص حسب قدراته فى تمثيل مشاهد الخوف والفزع، ليعطى الانطباع ‏للمشاهد أنه فوجئ بهذا المقلب.‏

‏«عزمى وأشجان» ضعيف.. أكرم «مُمل».. وربيع «متألق فى التفاهة»‏
إلى جانب البرامج التليفزيونية، تبرز الأعمال الكوميدية، فى قائمة «الترفيه الرمضانى»، ورغم أهميتها وتاريخ الدراما المصرية الكبير فى مجال الكوميديا، فإن أغلب نجوم هذه الأعمال خيبوا ظن ‏المشاهدين، فى الموسم الجارى.‏
واكتظت الشاشات هذا العام بعدد كبير من الأعمال الكوميدية، وللأسف الشديد نرى الغالبية العظمى منها لا تمت للكوميديا بأى صلة.‏
أول هذه الأعمال هو «عزمى وأشجان»، الذى أرى أنه عمل كوميدى لا يتساوى مع الإمكانيات والقدرات التمثيلية التى يتمتع بها فنان متميز مثل حسن الرداد، وهنا أهمس فى أذنه وأطالبه ‏بضرورة انتقاء الأدوار التى يقدمها فيما بعد حتى يحافظ على نجوميته التى حققها فى أعمال أخرى كانت ناجحة.‏
وأتمنى أن أرى لـ«الرداد»، خلال العام المقبل، أعمالًا أفضل من «عزمى وأشجان» الذى تشاركه بطولته زوجته الفنانة المتألقة إيمى سمير غانم التى استطاعت على مدى سنوات قليلة أن تضع ‏نفسها فى مكانة متميزة بين نجوم الكوميديا الذين يتمتعون بجماهيرية كبيرة.‏
ورغم أن العمل الكوميدى للمطرب سعد الصغير «٣٠ ليلة وليلة» لم يحظ بنسب مشاهدة عالية بين الجمهور فإنه فى تقديرى يستحق أن نلقى عليه الضوء، لأن سعد الصغير حاول أن يجتهد فيه ‏قدر استطاعته، ولكن هذا النجاح له اعتبارات عديدة ويتطلب مواصفات خاصة سواء من حيث المضمون أو الأداء.‏
استوقفنى فى العمل أن «سعد» يقدم موضوعًا تقليديًا لم يعد يجذب المشاهدين، وبالتالى فإن كل ما بذله سعد الصغير قد ضاع أدراج الرياح، ولكن يحسب له فقط أنه قدم شخصية مثيرة للضحك قد ‏تكون غير مقنعة للكثيرين، ولكنه يحسب له الاجتهاد والحرص على تقديم عمل رمضانى كان يعتقد أنه سيكون ناجحا. ‏
الكوميديا التى بالفعل لا أعرف لها أى ملامح ولا أعرف ماذا يريد أن يقول صناعها هى كوميديا «الوصية» التى يقدمها الفنان أكرم حسنى، الذى أراه يكرر نفسه بشكل ممل ومستفز.‏
قصة المسلسل تافهة، والأداء يمكن أن تطلق عليه «سمك لبن تمر هندى» ولا يحترم عقل المشاهد بل إنه أصاب المشاهدين بحالة «زهق» وعدم الرغبة فى الجلوس أمام التليفزيون حتى لا يفاجأوا ‏به مرة أخرى، فـ«أبوحفيظة» أصبح يمثل مصدر إزعاج للمشاهدين.‏
أما العمل الكوميدى الغريب والعجيب «ربع رومى»، فلا أدرى من الذى سمح بعرض عمل على هذا النحو من السطحية وبهذا الشكل التافه؟، فإلى جانب أن القصة غير مقنعة فإننا نفاجأ بأن بطل ‏العمل بيومى فؤاد قد تحول إلى فأر ثم إلى خروف وفجأة إلى أسد.‏
ولذلك أتساءل: «هل معقول أن هذا الموضوع يتم عرضه فى رمضان؟ وهل يمكن أن يصدق المشاهد تلك الخزعبلات التى يقدمها هذا العمل الكوميدى المهلهل؟». وحينما أتناول كوميديا ‏الاستظراف والاستخفاف بالعقول فلا بد أن يأتى فى الصدارة على ربيع، هذا الفنان الذى تألق فى تقديم التفاهة فى أفضل صورها، من خلال مسلسله «سك على اخواتك» فهو عمل ملىء بالألفاظ ‏والعبارات المخلة التى تحمل أكثر من معنى.‏

ثلاثى الأضواء ونيللى وشريهان وفطوطة.. «أحزننا غيابكم»‏
الحال الذى وصلنا إليه فى البرامج الرمضانية والأعمال الكوميدية دفعنى لأن أعود بالذاكرة قليلًا، متناولًا تلك البرامج التى كانت تميز الشاشة فى رمضان، وفى مقدمتها بالطبع فوازير رمضان، ‏التى كانت من البرامج المهمة الجاذبة للمشاهدين.‏
بداية فوازير رمضان كان يقدمها ثلاثى أضواء المسرح جورج سيدهم وسمير غانم والضيف أحمد، وكان يخرجها أحمد سالم، ولأنها كانت جديدة على المشاهد المصرى، حققت شهرة وجماهيرية ‏غير مسبوقة.‏
وشيئًا فشيئًا استطاعت النجمة المحبوبة «نيللى» أن تكسر تلك الجماهيرية وتحقق رقمًا قياسيًا فى نسبة الإقبال والمشاهدة لتحتل الصدارة، بعد أن أفل نجم ثلاثى أضواء المسرح فى السبعينيات.‏
لم تدم نيللى طويلًا، فتربعت النجمة المتألقة شريهان على عرش النجومية وأصبحت الفوازير فى نظر المشاهدين تعنى نيللى وشريهان، ووسط تلك النجومية لنيللى وشريهان استطاع سمير غانم أن ‏يحجز لنفسه مكانًا فى هذا المجال، فقدم فوازير فطوطة الشهيرة التى كانت تسعد المشاهدين صغارًا كانوا أم كبارًا.‏
وظلت الفوازير على هذا النحو من الأهمية، يتناوب على تقديمها نجوم كبار أمثال يحيى الفخرانى وهالة فؤاد وصابرين وسمير صبرى وسماح أنور وجيهان نصر.‏
ولن ننسى تلك الفوازير التى كانت تقدمها الإعلامية نجوى إبراهيم، وأيضا فوازير «عمو فؤاد» التى كانت تجذب الصغار والكبار على حد سواء.‏
ومن أبرز برامج رمضان أيضا كانت برامج المسابقات والتى كانت تُقدم فى إطار من متعة الأداء والتشويق والمفاجآت، ومن أشهرها برامج الإشارة باليد بدون كلام التى قدمها ببراعة الفنانان ‏حسن مصطفى وسمير صبرى، والتى كان يشارك فيها نجوم الفن والرياضة والمشاهير.‏
ما سبق يبعث على الحزن والأسى ويدعو إلى الرثاء على حال الأعمال الرمضانية، فحتى على مستوى الدراما لم نعد نشاهد مسلسلات دينية كما كنا نشاهدها من قبل، وكأن هذا النوع من الأعمال ‏الدرامية أصبح موضة قديمة لم تعد تغرى الجيل الجديد من الفنانين لتقديمها.‏