رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر تصنع المستقبل


بعد ٧٢ ساعة يتوجه ملايين المصريين إلى صناديق الانتخابات لاختيار رئيسهم لأربعة أعوام مقبلة.. هذه المرة يتوجه المصريون، ولديهم هدف واحد هو استكمال مسيرة بدأت ووضع حجر أساسها فى مئات المشروعات التى تمتد من حلايب وشلاتين إلى رفح الجديدة، ومن العلمين الجديدة إلى قسطل.. يعبر المصريون، وهم ينطلقون إلى صناديق الانتخابات، رحلة جديدة ليست كسبع رحلات أخرى اجتازها المصريون من ٢٠١١ وحتى الآن.. طوابير الانتخابات تكررت طوال السنوات السبع مرات سبع بنفس عدد السنوات، وكأنها قسمت كذلك انتخابات لكل عام.. وما بين دستور وانتخابات برلمان وانتخابات لرئيسين طال وقوف المصريين فى الطابور.
ولكن هذه المرة هم لا يبحثون عن تعديل دستورى أو ينتخبون برلمانًا يحل أو آخر يستمر أو يبحثون عن الأمل فى رئيس جديد فتكون صدمتهم كارثية، ولكنهم هذه المرة يعرفون من يختارون، هو ليس بجديد عليهم، هو لم يطرح برنامجًا انتخابيًا، ولكنه قدّم إنجازات تقف شامخة فى كل الميادين.. المطلوب إذن هذه المرة هو استكمال مسيرة بدأت فى يونيو ٢٠١٣ عندما خرج ملايين المصريين فى كل الميادين لإنهاء حكم الإخوان ثم خرجوا تفويضًا للجيش والرئيس فى محاربة الإرهاب، وها هم فى هذه المرة سوف يخرجون لاستكمال ما بدأوه.
لم يقل لنا السيسى «سأفعل» إلا مرة واحدة، عندما طلب أن يقف معه الشعب لحفر قناة السويس الجديدة، فخرجت المليارات من جيوب البسطاء قبل الأغنياء لتبلغ ٦٠ مليار جنيه فى ستة أيام، ولتبدأ ملحمة حفر القناة، ولم يمر عام إلا وأنجز السيسى وعده، وعبر سنوات حكمه التى قاربت الأربع سنوات لم يعد السيسى بشىء ولكنه فاجأ الشعب بالآلاف من الكيلومترات من الطرق سواء الصحراوية أو الزراعية أو بشبكة الكبارى والمحاور الجديدة، والأهم أيضًا أنفاق قناة السويس التى ستنقل أبناء الوادى إلى سيناء بعد ابتعاد طال زمنه، ولتبدأ سيناء أيضًا خطة التعمير بعد التطهير.
المصريون سيقفون طوابير أمام صناديق الانتخابات وعيونهم على طوابير أخرى لأشقاء لهم فى سوريا يغادرون مدينتهم فى عفرين هربًا من الاحتلال التركى أو آخرين على حدود العراق أو فى ليبيا.
المصريون يقتطعون ساعات من يوم فى حياتهم ليصنعوا مستقبلهم وعيونهم على إخوة لهم فى أقطار عربية لم تستطع جيوشهم حمايتهم، وحياتهم كاملة تضيع تحت قصف عشوائى أو برصاص إرهابيين.
عظيمات مصر، كما يصفهن الرئيس السيسى، يتجهن إلى صناديق الانتخابات وقلوبهن تمتلئ ألمًا على كل امرأة أو فتاة اغتُصبت فى العراق أوسوريا أو ليبيا.. يقفن فى الطوابير إلى الصناديق يملؤهن الأمل والحمد لله والشكر لجيشهن وقائدهن فهناك من يقفن آلافًا فى طوابير أمام شاحنة للمعونة تحمل وجبة قد يقضين عليها أسبوعًا كاملًا.. أو يأملن فى الحصول على زجاجة دواء وربما اتسع حلمهن ليشمل الأمل فى الفوز بعلبة حليب لرضيع يكاد يموت جوعًا وعطشًا وألمًا.
المصريون يتجهون إلى الصناديق وقد تركوا منازلهم لساعات قليلة آمنة ونفوسهم مطمئنة فالشرطة فى بلادهم قد عادت وأعادت لهم الأمن والأمان وغيرهم فى نفس التوقيت فى دول أخرى يتركون منازلهم لسنوات ربما لن تكون قليلة، فقد ذهب الأمن والأمان عنهم وفقدوا كل شىء فى لحظات أليمة.. المصريون يتجهون إلى الصناديق لساعات ثم يعودون إلى كلياتهم وجامعاتهم ومدارسهم التى علقت الدراسة بها لثلاثة أيام فقط، وهناك حولهم من دُمرت كلياتهم وحُرقت جامعاتهم ونُهبت مدارسهم وتعطلت دراستهم لسبعة أعوام مضت، ولا يعلمون إلى متى يستمر ذلك.
لجان الانتخابات تحيط بها وتؤمنها قوات جيش أصبح العاشر على مستوى العالم يمتلك أحدث الطائرات ويمتلك سادس أسطول بحرى على مستوى العالم يضم حاملتى طائرات ومئات القطع البحرية من غواصات وطوربيدات ومدمرات.. وقوات من أشجع وأفضل قوات الصاعقة والقتال فى العالم.. وحولهم دول تحلم جيوشها بأن تتوحد فقط.
المصريون وهم يتجهون إلى صناديق الانتخابات لاختيار رئيسهم ليس أمامهم برنامج انتخابى مكتوب، ولكن أمامهم برنامج انتخابى ملموس على الأرض، فالمدرسة التى تضم لجان الانتخابات تم تعميرها وتجديدها أو بناؤها.. وسيارة الإسعاف القريبة منهم سيارة حديثة بها أبناء لهم تم تدريبهم وتأهيلهم.. والطرق التى أتوا منها عبر كيلومترات طويلة، منها ما تم تطويره وتجديده ومنها ما تم شقه حديثًا لينتقل المصريون عبر مدنهم بسلاسة وأمان.
يقفون بين جيشهم وشرطتهم وأمامهم قضاتهم، لا مكان لأجنبى ولا مزور ولا موتور ولا حاقد ولا إرهابى يخشونه، فأبناؤهم فى سيناء قد نكفلوا بالإرهابى بقتله وتدمير آلياته أو القبض عليه وسجنه.
يتجهون إلى الصناديق إحساسًا منهم بالمسئولية نحو وطنهم وخجلًا من شهداء قدموا الحياة والدم فداء لهذا الوطن.. إن كل نقطة دم قدمها شهيد يجب أن يخرج أمامها مليون مواطن يجددون البيعة، ويشاركون فى رد الجميل لأبناء مصر الأبطال..
إن كل دمعة سقطت من عين أم شهيد أو أخت أو زوجة شهيد أو أبناء شهيد يجب أن يخرج مقابلها الملايين لمسح هذه الدموع باختيار من سيأخذ بثأر كل الشهداء.. إن الشعب المصرى الذى خرج فى ٣٠ يونيو ليقف فى وجه الإخوان ولم يخشَ إرهابهم ولا سلطتهم ولا عصاباتهم ولا أسلحتهم.. الشباب الذى تحمل التعذيب فى أحداث الاتحادية وفى محطة مترو التحرير على أيدى زبانية الإخوان، هم الأولى اليوم أن يكونوا فى أول الصف فقد ذهب الخوف وجاء وقت العمل والتضحية من أجل الوطن واليوم ليست تضحية.. فساعات خلال يوم واحد تستطيع من خلالها أن تضع لبنة فى بناء مستقبل هذه الأمة.
نحن خلال الساعات المقبلة نصنع تاريخًا آخر ستشارك فى صنعه المرأة المصرية التى خرجت فى يونيو ٢٠١٣، وظلت حتى الآن فى مقدمة الصف.. أم الشهيد التى وقفت لتؤكد أن ابنها حى وأنها على استعداد أن يستشهد شقيقه من أجل الوطن وأنها على استعداد أن تقدم حياتها للوطن فلن تكون أغلى من حياة ابنها.. الأم رابطة الجأش الحامدة لربها الراضية بقضائه الفرحة بأن أحد أبنائها صعد إلى السماء شهيدًا يحمل معه الأمل والرجاء بأن يسود الأمن الوطن وأن ينتصر فى معركة التطهير والتعمير.
فيا شعب مصر العظيم موعدكم الأسبوع المقبل مع الاختيار الأهم ليس رئيس الجمهورية فقط، ولكن لاختيار المستقبل ولإرسال رسالة للعالم كله.. هذه هى مصر المنتصرة والصامدة والرائدة.