رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضوء من الإسماعيلية «1»


تحركت قضية «هروب سجناء وادى النطرون» المنظورة أمام محكمة الإسماعيلية والتى يرأس دائرتها المستشار خالد محجوب فى بداية قدرية غريبة، فعقب هروب أعداد تجاوزت العشرة آلاف سجين مع أيام الثورة الأولى قامت وزارة الداخلية كإجراء طبيعى

بتوزيع نشرات بحث على جميع المحافظات للقبض على الهاربين وإعادتهم إلى السجن لاستكمال مدد العقوبة، وتم حينها القبض على أحد الأشخاص يحمل اسماً رباعياً مدوناً بكشوف الهاربين وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بعرضه على محكمة الإسماعيلية لفحص واقعة هروبه وتوقيع العقوبة التى تراها المحكمة جراء هذا الفعل.

أثناء فحص القضية تبين أن هذا الشخص ليس هو الشخص المدون اسمه بكشوف الهاربين رغم تطابق الاسم الرباعى ومحل الإقامة، وكان من الممكن أن يمر الأمر عند هذا الحد ولكن أراد الله أن تكون القضية قد تحركت فى إجراءاتها من حيث استدعاء شهود من العاملين بالسجن والإدلاء بأقوالهم لتفنيد أحداث يوم الهروب .. وهنا بالضبط انفتحت طاقة الجحيم على هذا الموضوع الشائك الذى حمل كثيرا من الخلط والتشويش طوال الحديث عن الثورة، كان هناك جدل واسع ما بين وجهتين إحداهما تؤكد أن فتح السجون جاء بناء على ترتيب من وزارة الداخلية وسط خطة لضرب الثورة فى أيامها الأولى وبين أخرى تؤكد تعرض السجون لهجوم مسلح ومنظم للإفراج عن سجناء بعينهم وتم تهريب باقى السجناء للتعمية على من تم تهريبهم.

قدر الله لهذه القضية هيئة محكمة لم تترك كلمة قيلت أمامها إلا وحققت فيها وفى شواهدها وإثباتها وهو ماجعل القضية بالفعل تدخل إلى حقل الألغام الذى عجز الكثيرون عن الخوض فيه، فكان أول ما طرح أمامها أن هناك معركة مسلحة جرت وقائعها على أسوار السجن الخارجية وداخل ساحاته ما بين طرفين طرف يقتحم وطرف يدافع عن السجن بحكم وظيفته فى تأمين السجن، وأن هناك من الشواهد والوقائع المثبتة على الأرض ما لا يمكن تجاوزه، وكانت بالفعل تلك المقولة هى مفتاح كهف الأسرار الذى انفتح أمام المحكمة فقد كان من المنطقى أن تضع على عاتقها إثبات تلك الواقعة قبل المضى قدما فى القضية.

وجدت المحكمة أمامها حجماً كبيراً من التلفيات فى أسوار السجن ومنشآته الداخلية من عنابر ومبان ومكاتب إدارية، ووجدت كما هائلا من ذخيرة الشرطة تم استهلاكها فى هذا اليوم لدرجة الوصول إلى نفاذها بالكامل من قوة شرطة تقدر بكتيبة كامله «كتيبة تأمين سجن وادى النطرون» وهى ذخيرة تقدر بآلاف الطلقات، وأخطر ما قدم للمحكمة كان سقوط قتلى جراء أحداث اليوم ما بين سجناء وأفراد حراسة وعاملين داخل السجن.

ووفق النظام الإدارى أثبت ذلك فى محاضر رسمية متفرقة فى حينه لم يتم التحقيق فيها وتم الاكتفاء بمجرد إثبات الوقائع وحفظت هذه المحاضر لسبب غير مفهوم، كان تحقيق هذه الواقعة بهذه الأدلة أمام المحكمة هى طوفان الأسرار الذى اكتسح أمامه كل الأكاذيب وكل ماتم غلقه ودفنه عمدا.. وللحديث بقية.

■ كاتب