رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

4 ملفات على مكتب وزير الأوقاف


إلى الآن مازالت بعض منابر مساجدنا خارج سيطرة «وزارة الأوقاف» التى نثق جميعا فى كونها «مؤسسة وطنية» تعمل على نشر الإسلام الوسطى المعتدل، فنحن جميعًا نستمع يوميًا - وخاصة فى خطبة الجمعة - إلى خطب ما أنزل الله بها من سلطان تحرم ما لم يحرمه الله وتكفر خلق الله، وغيرها من الفتاوى الغريبة عن سماحة ديننا الحنيف.
وهو الأمر الذى يتطلب تجديد الخطاب الدينى الذى شهد فى الآونة الأخيرة دخول مفاهيم تبتعد عن قيم الثقافة الإسلامية أسهمت فى الإضرار به وانصراف قطاع كبير من المواطنين عن «المساجد» لقناعتهم بأن الأفكار التى يتم تداولها على منابر بعض المساجد مغايرة لثقافتنا السمحة التى تدعو لنشر روح المحبة والألفة، وفى المقابل أدت إلى اعتناق قطاع من المواطنين وخاصة من الشباب أفكارًا «متطرفة» فى غياب «الأئمة» أو «الدعاة» الذين يستطيعون تقديم نصائح لهذه الفئة تستند لصحيح الدين.
ويجب أن يكون تدريب الأئمة والدعاة على رأس أولويات وزارة الأوقاف، لأن الداعية أو الإمام بإمكانه تصحيح المفاهيم المغلوطة فى رءوس قطاع أضلته «الفتاوى الغريبة»، واجتذاب من انصرفوا عن «المساجد»، ويجب أن يكون هذا الأمر محددًا بعدة ضوابط أبرزها أن يكون إعداد وتدريب الأئمة والدعاة على منهج «الإسلام الوسطى» بعيدًا عن «التيارات» و«التحزب» و«الأهواء»، وأن يقوم بتدريبهم «دعاة حقيقيون» بعيدًا عن «محبى الظهور» و«أصحاب الحناجر» الذين يهتمون بالحديث «المنمق» على حساب «الفكر المستنير»، وكذلك أن يتم اختيار الأئمة والدعاة الذين سيتم تدريبهم على أسس موضوعية بعيدًا عن «الواسطة» و«المحسوبية». وتجديد الخطاب الدينى لن يتحقق بتدريب الأئمة والدعاة فقط ولكن يجب أن يتم بالتوازى مع تدريبهم على «تنقية كتب التراث»، وتنقية التراث ليست دعوة جديدة، ولم تأت من المستشرقين، وإنما هى دعوة قديمة طالب بها علماء وفقهاء أجلاء ومنهم الراحل الشيخ عبدالمنعم النمر من كبار علماء الأزهر الشريف، الذى دعا إلى ذلك فى مقال بمجلة «العربى» الكويتية عام ١٩٦٩ قائلًا: «تفسير الطبرى يعد من أفضل التفاسير وآثرها لدى الناس.. وقيل عنه إنه لو سافر الإنسان إلى الصين لطلبه لما كان كثيرًا.. وشهد عصر الطبرى شيوع الاعتماد على الرواية وعدم التفسير بالرأى مما فتح الباب واسعًا لدخول حشد هائل من الروايات غير الصحيحة.. وجاء الطبرى فحشدها فى تفسيره وكنا نحب ألا تنقل إلى ما بعد عصره وألا تحويها الكتب حتى تموت بموت من يحملونها ولو تدريجيًا، ولكن وجودها مع ذلك يعطينا جانبًا من صورة الجو الفكرى الذى راجت فيه رواجًا جعل الطبرى وأمثاله يعنون بتدوينها».
وتابع الشيخ النمر بقوله «وإن ذلك يحملنا مسئولية ضخمة هى تجريد هذا التفسير وأمثاله من كل رواية غير صحيحة سواء أكانت إسرائيلية أو موضوعة... وإخراج الكتاب بعد ذلك للناس بريئًا من هذه العيوب ثم جمع كل النسخ الأصلية من الأسواق ووضع ما أمكن منها فى المكتبات العامة ويحظر الاطلاع عليها لغير الخاصة كما يحظر نقل ما لم ينقل منها فى التجريد».
وتنقية كتب التراث يجب أن تتم تحت إشراف «وزارة الأوقاف» ومن خلال أئمة مجددين يدركون متغيرات الزمن وأبعاد الأمن القومى.
أما الملف الرابع الذى يجب أن يكون موجودًا على مكتب وزير الأوقاف الدكتور «محمد مختار جمعة» فهو الإسراع فى تجديد وترميم المساجد المغلقة لأسباب هندسية لأن هناك مساجد مضى على غلقها عشرات الأعوام مما جعل المواطنين يذهبون إلى «الزوايا غير المرخصة» التى تنطلق منها «الفتاوى الشاذة».
إذن تبقى ملفات تجديد الخطاب الدينى وتدريب الدعاة والأئمة وتنقية كتب التراث وفتح المساجد المغلقة على رأس أولويات وزير الأوقاف.