رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أين نحن من السيناريوهات الصعبة ؟!


هِل لدينا جهة ما أو مراكز بحثية متصلة بدوائر صنع القرار تضع سيناريوهات مستقبل مصر والمنطقة كلها وخطط إدارة ومواجهة الأزمات التي نصنعها بأنفسنا أو يدبرها لنا أعدائنا وننفذها نحن، بحسن نية أو سوء نية ، بقصد أو بدون قصد !

باختصار هل نطبق علم إدارة الأزمات عمليا على أرض الواقع ، وعلم المستقبليات في حياتنا العامة ، خاصة المتعلق بمستقبل الوطن وأهله .

ولأن علوم إدارة الأزمات والمستقبليات له أصوله وقواعده الراسخة وخبراءه ومنذ زمن بعيد ، تستفيد منه الدول المتقدمة في وضع أصعب السيناريوهات التي يمكن أن تحدث لها داخليا أو حتى خارجيا بما يهدد أمنها القومي أو مصالحها ،

في أمريكا مثلا تقوم مراكز الأبحاث بوضع سيناريوهات لكل شيء ، ومع كل سيناريو كيفية مواجهته من خلال حزمة من الخطط والحلول والبرامج .

مثلا ماذا يحدث لو سقط نيزك كبير على إحدى المدن ؟

كيف يمكن مواجهة زلزال كبير أو فيضان مدمر أو بركان كاسح ؟

وعلى سبيل المثال هم يضعون سيناريوهات لنا ، ومنذ سنوات طويلة لما نعيشه الآن ، أقصد وصول الإسلاميين للحكم .

كنا حتى إتمام الانتخابات البرلمانية والرئاسية يستبعد البعض هيمنة الإسلاميين على مقاليد الأمور في بلادنا حتى فوجئنا جميعا ، ولم تفاجئ واشنطن ومراكزها البحثية ، فقد أعدت العدة منذ سنوات من خلال الأبحاث السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأنثروبولوجية ومن خلال فتح قنوات حوار واتصال مرئية وغير مرئية مع دراسات عن طرق تفكير وأساليب وسلوكيات قادة الجماعات الدينية ، حتى إذا صعدوا إلى صدارة المشهد ، تم استدعاء الملفات وال فيلات لكل هذه الاحتمالات والسيناريوهات .

نعم كان البعض منا ومازال محدود الأفق في اتهام أي حوارات أو اتصالات من هذا النوع بالعمالة واتهام أصحابها بالخيانة ، لم ننضج بعد لنصل إلى ما وصل إليه الأمريكان والغرب في توزيع الأدوار والمهام لتصب جميعها في صالح الوطن ، وطنهم هم طبعا وليس وطننا نحن .

مثلا حين يحدث صدام ، أو تعارض في المصالح أو السياسات بينا وبينهم وقد حدث من قبل ولو شكليا بين مبارك وبوش الابن ، ماذا فعلوا ؟

لم تنقطع الاتصالات بل تنوعت بين أقطاب الحزب الديمقراطي والجمهوري مع القيادة السياسية المصرية ,بغض النظر أي منهما كان معارضا أو في السلطة ،

و كان كلا الفريقان يعود للبيت الأبيض بتقرير عما يراه مناسبا للمصلحة الأمريكية العليا

وحتى في الأوقات العادية كنا نرى هؤلاء بل ورؤساء سابقين مثل كارتر وكلينتون وغيرهما يقومون بعمليات وساطة أو استكشاف ميداني ،حين تعجز الإدارة الرسمية ، ولا يتهمهما أحد بالخيانة والعمالة لصالح العرب ضد وطنهم .

لذلك كنت أضحك ومازلت حين يتم وصم بعض رموز المعارضة بالعمالة والخيانة لأنهم قابلوا أو ذهبوا لأمريكا أو غيرها وقابلوا صناع السياسة الأمريكية .

نعم الأمر ليس بحسن النية المفرط ، وهناك محاولات مستمرة لتجنيد العملاء وتدبير المؤامرات وغيرها ،

لكن السؤال هل نقف فقط عند حدود التخوين ؟، وما كنا نوصم به الإسلاميين مثلا بالخيانة قبل قيام الثورة ، يفعله الإسلاميون الآن بالمعارضة حين وصلوا للحكم .

المهم أقول لماذا لا تقوم الأجهزة السيادية عندنا بالاستعانة بالمراكز البحثية لوضع كافة السيناريوهات لمستقبل مصر ؟، ومحاولة وضع إجابات لأصعب الأسئلة وأحلك السيناريوهات سوادا ،فإذا حدثت لقدر الله كنا لها مستعدين وإن لم تحدث لن نخسر شيئا .

ومن هذه الأسئلة الصعبة التي شغلتني الإجابة عليها في الأيام والشهور الماضية على سبيل المثال لا الحصر

ماذا نفعل لو انتشرت الفوضى وموجات العنف إلى درجة تهدد أمن وسلامة الوطن ؟

هل سينزل الجيش وقتها ؟، وإذا نزل كيف سيتم التعامل مع السيناريوهات التي تحاول جرجرته للصدام مع الشعب .

وإذا نزل الجيش هل سنعود للمربع صفر الذي كان في ثورة 23 يوليو حين يكون الحكم للعسكر والاستبعاد للمدنيين ؟

وهل وجود الجيش ضمانة للدولة المدنية من توغل الدولة الدينية ، أم سنكون كحالمين بدولة مدنية ضحية الصراع بين الجيش والتيارات الدينية ؟

هل يكون نزول الجيش سيناريو أمريكي لإغراق الجيش بل ومصر كلها في مستنقع الحرب الأهلية مثل سوريا ؟ وماذا نفعل للخروج من هذا السيناريو لو حدث ؟

ماذا يحدث لو سيطرت الجماعات الجهادية على سيناء ، وهل هناك علاقة بين توقف العمليات هناك الآن وبين الوضع السياسي الحالي ؟

هل استعدت مصر لخريطة الشرق الأوسط الجديد التي يتم تفصيلها في واشنطن وعواصم الغرب ،ونشارك فيها جميعا بقصد أو بدون قصد ، هل سندخلها كدولة واحدة أم مقسمة لدويلات ؟

ماذا نفعل لو وجدنا الاحتياطي النقدي في مصر وصل للصفر ، ووجدنا أنفسنا على حافة الإفلاس ؟

ماذا نفعل من أجل إعادة دوران عجلة الاقتصاد على أسس سليمة ؟

ماذا نفعل لو وصل الليبراليون إلى الحكم ، هل سيقبل الإسلاميون بالديمقراطية ويتحولون إلى خندق المعارضة أم سيصرون على التحول إلى ميليشيات مسلحة أو نزلاء في السجون ؟

ما المشروعات القومية العملاقة التي يمكن أن تأخذنا إلى مصاف الدول المتقدمة ؟

ماذا نفعل لو وجدنا أنفسنا في مواجهة عسكرية مع إسرائيل ؟

هذه بعض الأسئلة والسيناريوهات التي أدعو الله أن يجنبنا ويلاتها إذا حدثت ، أو يكون رحيما و ينقذنا من تحققها ؟

والسؤال الذي بدأت به :-

هِل لدينا جهة ما أو مراكز بحثية متصلة بدوائر صنع القرار تضع سيناريوهات مستقبل مصر والمنطقة كلها وخطط إدارة ومواجهة الأزمات التي نصنعها بأنفسنا أو يدبرها لنا أعدائنا وننفذها نحن، بحسن نية أو سوء نية ، بقصد أو بدون قصد !

Yousrielsaid@yahoo .com