رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كذبة جمال مبارك



على طريقة «كبدى عليه» و«قلب أمه»، حنّ بعض المصريين لجمال مبارك، وبدأوا يدعون إلى عودته للحياة السياسية، مستغلين تبعات الأزمة الاقتصادية التى كان «جيمى» سببًا رئيسيًا فيها. ومن هؤلاء الداعين من يفعل ذلك بدافع حقيقى ينم عن طيبة قلب متناهية تصل إلى حد السذاجة، وهؤلاء قلة، أما الغالبية فلهم فى «الجيمى» الحبيب مآرب أخرى.

«جيمى» المظلوم الذى راح منه الكرسى «عنوة» أخذه العسكر «كما يسمونهم» فحزنت ماما وخُلع بابا وكُسر قلب الولد «الشيطان» فى الحكم بعدما فشل -على ما يبدو- فى أن يصبح بطلا رياضياً أو لاعب كرة شهيرا، فقرب إليه هو وشقيقه الأكبر لاعبى كرة القدم، ومنهم «أبوتريكة»، الذى أعاد مشهد عزاء علاء مبارك فى والده، ذكرى تلك الأيام.. أيام التفاهة.
تستحق «أيام الجيمى» وصف التفاهة باقتدار، تفاهة مورست بدقة متناهية، يتباكى عليها أنصاره اليوم، فالتفاهة كانت هى حقاً الإنجاز الحقيقى والأوحد لجيمى وأعوانه وكانت عنوان زمانهم الكبير.. تذكروا معى بعض الأغانى والبرامج والكثير من الكائنات التى طفحت على السطح فى ذلك العهد البائد البائس.
هل تذكرون برنامج «لعبة الحياة»؟ فالحياة كانت بالفعل لعبة فى يد الجيمى وجماعته.. هل تذكرون برنامج «البيت بيتك» للراشى «محمود بركة»؟ هل تذكرون متى بدأت نجومية رامز جلال الطاغية؟ وتفشت ظاهرة إبراهيم سعيد؟ فالبيت كان بيت الجيمى وأصحابه لا بيتك أيها المواطن.. هل تذكرون أغنية «والله وعملوها الرجالة» التى كانت النشيد الوطنى للجيمى ووطنه.. وطنه هو لا نحن.. والتى عبرت بصدق عن تلك المرحلة الهزيلة من تاريخ البلاد.. فى حين عاشت وللآن أغنية «أحلف بسماها وبترابها» فى فترة حكم ناصر.. زمن الستينيات الذهبى و«التصنيع التقيل».
هكذا كان شكل وروح الوطن فى عهد جمال مبارك، وهكذا كان النشيد وتلك كانت أغانيه وهؤلاء كانوا رجاله.. تذكروا معى هذا الكوبليه: «ورفعوا راس مصر بلدنا».. والسؤال: متى وأين رُفع الرأس؟.. فى مباريات الكرة؟ الإجابة: نعم.
إنجاز آخر يحسب لـ«جيمى»، فقد صنع لنا معجزته: «الأولتراس»، الوحش المشوه، العفريت الذى لم يعد قادرا على صرفه، بعد أن انقلب عليه وعلينا جميعا، وصار عدواً له بعدما كان حبيب الأمس، الذى يُستخدم عند اللزوم كسكين يجرح بها من يشاء، ويختلق بها الأزمات وقت اللزوم، حتى لو وصل الأمر إلى أزمة مع دولة عربية شقيقة.
إذن، فيمكــن إيجــاز إنجازات «الجيمى» فى الآتى: الكرة ثم الكرة ثم الكرة، ثم الأولتراس و«عركاته المشهودة»: «عركة الخرطوم» و«عركة الجزائر» و«شركات الاتصالات والتكنولوجيا» وطبعا إمبراطورية «الحديد» مع أصدقائه عز ونظيف وغيرهما من ناهبى الأراضى والخيرات، ممن سمموا الأرض والسماد وسرطنوا البذور وحقنوا الدجاج بالهرمونات، وطبعا وكى لا ننسى من الإنجازات أيضاً «شباب الإخوان» وآمالهم فى الرئيس المدنى ابن العز فخاطبوه بجملتهم الطنانة الشهيرة: «اسمع منا ولا تسمع عنا» ولذلك يدين علاء وجمال للشاب الاخوانى أبوتريكة بالكثير.. فكرموه بزيارة يمكن وصفها بالبلدى: «اتعمل معاه أحلى واجب».
«والله وعملوها الرجالة ورفعوا راس مصر بلدنا».. ماذا فعل حقًّا هؤلاء «الرجالة»؟ وكيف رفعوا رأس الوطن؟ الإجابة: لا يهم.
أما عن هؤلاء المناضلين.. مناضلى اليوم.. فيستحقون ما قاله عم «نجم» فى أمثالهم بالأمس.. ونعيده عليهم اليوم وغداً قائلين لهم: «يا مناضلين آخر زمن فى العوامات».
مناضلون آخر زمن يطالبون بعودة الجيمى وعركاته المشهودة، ويرون فيه وفيها صالح الوطن. يريدون عودة معارك الملاعب وأغانيهم التافهة وانتصاراتهم الكارتونية وفسادهم وتوحشهم الرأسمالى اللاإنسانى ليطفح علينا بقاذوراته من جديد.
هؤلاء هم عار المناضلين اليوم، ممن يتمنون عودة الفساد، ويبصقون على شهداء الثورة ومصابيها، وكأن الثورة -ومن ضحى فيها- مجرد جملة اعتراضية ما بين حكم الرجل المريض ثم حكم ابنه.. وكأن ثورة لم تقم وأرواحا لم تزهق وأعينا لم تفقع.
هذا النوع من النضال يوجه السهام السامة ضد المؤسسة العسكرية التى دعمت الثورة ضد جماعات التهليب والتهريب والاستسهال والتربح، وهم بنضالهم -غير المنزه- يشعلون أكثر وأكثر حماسة ولهيب «مهاويس السيسى» كما يسمونهم باعتباره من ساند ودعم الثورة المصرية: ثورة يناير التى أطاحت بالجيمى وأحلامه وأحلام أمه قبل أن تطيح بأبيه، وثورة ٣٠ يونيو التى أطاحت بالإخوان، فأصدر مرسوماً بتجريم الإساءة للثورتين.. فلتحيا الثورة إذن.. اليوم والأمس وغداً.
كلمة أخيرة للاعقى أحذية الجيمى وعصابته: لنا جيش يحمى البلاد فى الداخل والخارج .. فبيادة «عبد الودود» المرابض على الحدود وفى بنزينة «وطنية» أطهر من أطهركم.