رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«توك توك» المدرس و «بوكليت» الوزارة


د. حامد عمار.. د. مراد وهبة.. د. سعيد إسماعيل على.. إبراهيم بدران.. د. عبدالمجيد فراج.. د. شبل بدران.. طارق حجى.. د. حسام بدراوى.. د. جمال حمدان.. د. عزة عزت.. د.أحمد عزت عبدالكريم. د. كمال مغيث.. د.محسن خضر.. السيد ياسين.. هم مجموعة أسماء لأعلام (منهم من رحل عن عالمنا ومنهم من لا يزال بيننا يُسهم بفكره وخبراته المعرفية والعلمية والإنسانية والبحثية فى مواقع مختلفة).

أذكرهم هنا دون ترتيب على أى مقياس، وهم البعض القليل من قائمة أسماء رائعة كبيرة كان يمكن ترشيحهم عبر نصف قرن من الزمان للجلوس على مقعد الأستاذ الدكتور طه حسين كوزراء للتعليم، ولكن عبر عصور تعددت فيها نظم الحكم وأهدافها وتوجهاتها كان هناك ذلك الإصرار الغريب على خيارات غريبة وغير مفهومة رغم أن أصحاب تلك الأسماء التى أحببت أن تتصدر مقالى قد قاموا بتشخيص أزمات الواقع التربوى والتعليمى بكل إخلاص ووعى ووطنية وإدراك لأبعاد دور تلك المؤسسة ثقافياً وأمنياً وتربوياً وإنسانياً... هم وضعوا العديد من الوصفات والرؤى والخطط الإصلاحية العاجلة وعلى الأمد الأطول، ولكن كما قال الشاعر لبنى يعرب «لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى».
قال مدرس وطنى مخلص ــ لم يكن من بين خياراته العمل فى مراكز تجارة وبيزنس التعليم ــ على هواء برنامج مسائى للشكوى واللطم اليومى والاستجابة لما يطلبه الباكون على عتبات الليل البهيم.. قال المدرس صارخاً «أنا مدرس من التسعينات يابهوات التنظير اليومى اضطريت أشترى توك توك علشان أشتغل عليه علشان أقدر أعلم وأربى أولادى زيكم، بعد فترة اشتغلتها لا مؤاخذه فى قهوة بلدى لكن نقحت عليه كرامتى بعد اكتشافى إن تلامذتى اختاروا القهوة اللى بيسترزق منها مدرسهم وأنا أقدم القهوة والشاى وأولع الشيشة للعيال، وبعدين إيه الكلام الخايب اللى بيقولوه ضيوفك عن الامتحانات والغش ده، أنا يا (بهوات المساء والسهرة) بأغشش تحت جبروت التهديد فى مدن وقرى فيها مراكز قوى و(البوكليت) مش حل.. هوه مش إنتم برضه ومنكم نواب كنتم فى ثورة يناير العظيمة معانا لما رفعنا شعار (حرية وعدالة اجتماعية وعيش وكرامة إنسانية).. أيون هيه دى الأخرانية الكرامة الإنسانية، هيه بنت الإيه دى».. واتقطعت المكالمة ولا تسألن عن السبب!!.
ويا من تصوّرتم أن الحل فى «بوكليت الوزارة» رفقًا بأحوال مدرس التوك توك وتلميذ المقهى المشاغب الرذيل أهديكم بعض ما قيل فى تقديم كتاب بعنوان «دراسات فى الأخلاق ــ بحث وتحليل لحالات خاصة فى تربية الصبيان «صدر فى يونيو 1931 ــ أى والله يا مُنظرى الفضائيات منذ ما يقارب القرن من أزمان التراجع ــ والمفاجأة أن الكاتب للطالب فى معاهد التربية وتعالوا نشوف مستوى الكاتب، هو «يعقوب فام» أستاذ فى جامعة ييل الأمريكية (جامعة ييل، هى جامعة تأسست عام 1701، تعتبر ثالث أقدم معهد للتعليم العالى فى الولايات المتحدة الأمريكية).. قال إسماعيل محمود القبانى فى تقديمه للكتاب.
يعرض المؤلف فلسفة التربية والتعليم لدينا فيصفها بأنها عتيقة معيبة من أى ناحية نظرنا إليها، وقد كانت سائدة فى البلاد الأخرى، ثم أخذت فى التلاشى، وحلت محلها الآن فلسفة جديدة، هى التى يعتنقها مؤلف هذا الكتاب ويبسطها فيه للمربين المصريين، وجوهر هذه الفلسفة هو أن التربية الخلقية ينبغى أن ترمى إلى تنمية شخصية الطفل، وتقوية إرادته، مع توجيه هذه الإرادة فى الاتجاهات الصالحة، حتى يمكنه أن يستقل يوماً ما عن المربى، ويصبح قادراً على حكم نفسه بنفسه، وهذا لا يمكن الوصول إليه بالإرغام والقمع، لأن الإرادة إنما تقوم على الدوافع النفسية الداخلية، والإرغام لا يتصل إلا بالفعل الخارجى.
فقد تستطيع المدرسة بما لها من السلطة، وباستعمال التخويف والعقاب، أن تخضع التلميذ لإرادتها، وتحمله على تنفيذ ما تريد منه تنفيذه، ولكن هذا الخضوع قد يخفى تحته براكين ثائرة تنتظر الانفجار، لأن رغبات التلميذ الأصلية لا تزال باقية كما هى، فالفعل إن لم يصادف فى نفس التلميذ رضا، فلا يمكن أن يلتئم فى مجموعة الدوافع النفسية التى تنبنى عليها إرادته، ومن العبث القول بأن تكرار فعل ما تحت تأثير الخوف يحول هذا الفعل إلى عادة ثابتة، فهذا يتنافى مع علم النفس الحديث، إذ إن من شروط تكوين العادات أن تصحب المران عليها لذة نفسية.. وللموضوع بقية.