رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حتى ننتصر في حربنا الصعبة


الذين يجهلون أن حربنا ضد الإرهاب، على أرض سيناء، وفى مختلف أرجاء الوطن، معركة ليست بسيطة، أو يسيرة الحسم، سريعة النتائج، لا يدركون حجم الخطر الذى تتعرض له البلاد، ولا طبيعة هذا النوع من الإرهاب «المعولم»، أى الذى يتحرك بتوجيه سياسى، ودعم لوجستى، وتغطية إعلامية، وإمداد مالى، وإسناد بشرى ومادى، من دول وأجهزة مخابرات، وجهات مساندة خارجية، تتعاون وتنسق مع أطراف عميلة وتابعة فى الداخل، على رأسها جماعة الإخوان الإرهابية وتوابعها من تنظيمات الترويع والتكفير، وأن هدفها الرئيسى، وبوضوح: إسقاط الدولة.



ومن هذا المنطلق، فليس مستغربًا استهداف إخوتنا المسيحيين المصريين، فى محاولة بائسة لتكرار ما فعله تنظيم «داعش» الإرهابى بمسيحيى الموصل، وبسائر التكوينات العقائدية والعرقية والتنويعات الثقافية العراقية، وما وقع أيضًا من تصرفات شبيهة فى ليبيا والشام!.

وهنا ينبغى الإشادة بسرعة وصدق تحرك مصر، حكومةً وشعبًا، لاحتواء هذه الأزمة، وإحاطة أهلنا القادمين من العريش بفيض من المحبة والمشاركة والود، حتى يمر هذا الظرف الاستثنائى، ويعودوا إلى بيوتهم معززين، مكرمين، مطمئنين، وهو الأمر الذى لمسناه، من زيارة دعم ومساندة، قامت بها بعض الأحزاب والشخصيات الاشتراكية والوطنية، إلى مواقع تواجدهم بمحافظة الإسماعيلية.

وفى هذا السياق أود الإشارة إلى ثلاث ملاحظات أرجو أن تكون محل اعتبار، لمصلحة الوطن أولاً وأخيراً،

أولاً: إن الضراوة وروح الكراهية والانتقام، والوحشية، التى تعامل بها الإرهابيون مع أهلنا من المصريين المسيحيين، توضح بجلاء أهداف هذه العملية الدنيئة: تفريغ سيناء من أهلها المصريين: مسلمين ومسيحيين، وكسر إرادة الدولة، وانتزاع الهيمنة والسيطرة على هذه البقعة الغالية من أرض الوطن، وهو أمر لا يجب أن يمر مهما كلفنا من ثمن وتضحيات، والرد عليه لا يكون بالخطب والأناشيد، وإنما بخطة منظمة وشاملة، لقطع دابر الإرهاب فى سيناء وباقى محافظات مصر.

وثانياً: إن لإخوتنا المستضافين بالإسماعيلية قلقا بالغا على مستقبلهم، وعلى ما تركوه بالعريش من بيوت وأماكن عمل وأرزاق ومصالح، ويخشون أن تطالها يد الغدر للانتقام منهم، وهو ما يتطلب الطمأنة من المسئولين، والحماية الفعلية من الأجهزة، حتى يعود أصحابها إليها فى القريب، كما يتمنى الجميع.

أما الملحوطة الثالثة، فخاصة بفهم بعض مسئولى الدولة لمعنى الحرب ضد الإرهاب، الذى يُجمع الكل على أن ركيزة الانتصار الأساسى فيها وحدة إرادة الأمة، واجتماع كلمتها، من مختلف الأطياف والاتجاهات الوطنية، لتشكيل ظهير داعم لقواتنا المسلحة وأجهزة الأمن، فى لحظة تخوض مصر فيها حرب وجود ضد عدو شرس وغادر.

ومناسبة هذا الكلام رد الفعل العصبى، وغير السياسى، وهو وصف مهذب ودبلوماسى، للسيد محافظ الإسماعيلية، على وجود وفد من أحزاب وطنية جاءت للمساندة واقتسام الهم وقت المحنة!.

فبدلاً من الترحيب بمواطنين مصريين، من أحزاب سياسية علنية ومعروفة، حضروا بغير هدف سوى التضامن الصادق مع إخوتهم المنكوبين، فإذا به ينفتح فى وصلة تَهَجُّم غريبة، وبصوت مرتفع غير لائق، رافضًا وجودهم، مُدعيًا أنه لا مكان لأحزاب المعارضة فى المحافظة، وكأنها ملكية خاصة، متجاهلًا أن الدستور، الذى يحكمه ويحكمنا، ينص فى مادته الخامسة، على أن نظامنا السياسى، «يقوم على أساس التعددية السياسية والحزبية»!.

ومن المؤسف أن نكون اليوم فى حاجة للتأكيد على أن المعارضين لبعض سياسات الحكومة ليسوا أعداء، وأن غياب البُعد السياسى الرشيد عن فهم المسئولين، كارثة كبرى، تترك الحكومة والنظام، وحدهما فى عراء موحش، يواجهان عدوا لا يرحم، دون ظهير شعبى أو دعم سياسى، وهو أمر بالغ الخطر يا سيادة المحافظ!.