رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البيروقراطية واغتيال أحلام المواطنين


جميعنا اكتوى بنيران «الروتين الحكومى القاتل» وكم من مشروعات توقفت بسبب «بيروقراطية موظف» .. وخلال العقود الثلاثة الماضية ترسخت مفاهيم «الروتين» داخل مؤسساتنا الحكومية لتتحول إلى «إمبراطورية»، وأصبح تعطيل «مصالح المواطنين» هو القاعدة وتبسيط الإجراءات هو الاستثناء فى «مشهد عبثى» يهدد مصالح الوطن والعباد.

ومنذ سنوات كان شعار البيروقراطية «فوت علينا بكرة يا سيد» ومع تغلغلها تحول شعارها إلى «قد تمر الأعوام ولا تقضى مصلحتك» ولو بعث من صك عبارة «فوت علينا بكره يا سيد» لأصابه الذهول من تطور البيروقراطية بسرعة رهيبة إلى درجة «التغول».

وإذا كان الفساد يشكل خطورة على مختلف قطاعات المجتمع فإن البيروقراطية لا تقل فى درجة خطورتها عن الفساد.. فبسببها انقضت أعمار مواطنين داخل أروقة المصالح الحكومية خلال الرحلة الطويلة لقضاء مصلحة ما.. ويقف «مجمع التحرير» بالقاهرة شاهدًا على البيروقراطية المقيتة التى تنهك المواطنين وتجعلهم يقضون ساعات طويلة من الانتظار دون الانتهاء من «إنجاز مصالحهم».

والمدهش أن «الروتين» تغلغل فى مفاصل مختلف المؤسسات لدرجة وصوله إلى قطاع «البحث العلمى» ليفرغه من مضمونه ويحول الباحثين إلى مجرد «موظفين» ويوقف طموحهم عند الحصول على درجتى الماجستير والدكتوراه والاكتفاء بأبحاث الترقى الروتينية دون «إبداع حقيقى».

وهناك مستثمرون جاءوا إلى مصر لاستثمار رءوس أموالهم بها، ولكن «طوفان الروتين الحكومى» اضطرهم إلى عدم الاستمرار فى مصر، وانتقلوا بأموالهم إلى بلدان أخرى تتميز بـ«تبسيط الإجراءات» أمام المستثمرين.

ومواجهة «البيروقراطية» ليست بالأمر العسير، وتتطلب اتخاذ عدة إجراءات، منها تفعيل دور أجهزة التفتيش بالأجهزة الحكومية لمتابعة سرعة إنجاز الأعمال بالهيئات الحكومية من عدمه، فليس من المقبول ولا المعقول أن يمتد زمن أداء خدمة لمواطن من دقائق إلى بضع سنوات بسبب الروتين، وكذلك ربط الحوافز والمكافآت التى يحصل عليها العاملون فى المؤسسات الحكومية بدرجة الإنجاز الحقيقى ومعاقبة من يثبت تعطيله لمصالح المواطنين.. وكذلك تنظيم دورات حقيقية للعاملين فى المؤسسات الحكومية لرفع كفاءتهم.