رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«إنتي عانس».. القصة الكاملة لـ«الحملة الرخيصة»

جريدة الدستور

«انتى عانس»، «الست لو طلعت المريخ ملهاش غير الطبيخ»، «اكسر للبنت ضلع يطلعلها 24»، «يا مخلف البنات يا شايل الهم للممات».. أمثلة شعبية قديمة، فوجئ بها المواطنون على لوحات إعلانية كبيرة، منتشرة فى مناطق عديدة بالقاهرة، أعلى طريق المحور، وكوبرى 6 أكتوبر، ما تسبب فى حالة من الغضب والدهشة ظهرت فى ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعى، إذ اعتبرها الكثيرون إعلانات مسيئة للفتيات.

«الدستور» حققت فى الأمر، فتوصلت إلى أن الحملة - نظريا - تستهدف تغيير «مسميات مهينة للمرأة»، من خلال استخدام أسلوب الصدمة فى علاج المشكلة، غير أن الأطباء النفسيين والاجتماعيين أكدوا خطورة تلك الإعلانات على المجتمع بأسره، فيما قرر جهاز حماية المستهلك اتخاذ إجراءات قانونية ضد القائمين على الحملة.



شركة إنتاج زيت طعام تمولها : استخدمنا «أسلوب الصدمة»

نادر خليل صاحب شركة الإعلانات المنفذة للحملة قال: إن الحملة تمولها شركة إنتاج زيت طعام معروفة، والهدف الحقيقى لها هو تنبيه الناس إلى عدم استخدام الأمثال الشعبية والكلمات الجارحة التى تسىء للفتاة، خاصة فيما يتعلق بتأخر الزواج، مؤكدا أن الحملة تقف فى صف المرأة، لا ضدها.

وأضاف «خليل»، أن الحملة تستهدف النهوض بالمجتمع والقضاء على «الفكر الرجعى»، خاصة أن الكثير من المصريين، فى المدن والقرى، يرون أن الفتاة التى تأخر زواجها عانس، ويصرّون على استخدام أمثال مثل «عريس فى البيت ولا شهادة على الحيط»، وغيرها من الكلمات غير اللائقة، معتبرًا أن الحملة استهدفت أن تكون جزءًا من مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى باعتبار 2017 عام المرأة.

وشدد على أن استخدام المصطلحات الصادمة والجارحة كان مقصودا، والهدف منه جذب انتباه الجمهور، حتى تصل الحملة إلى أكبر قدر ممكن من الناس، ومن ثم تحقق هدفها وهو دعم المرأة فى مواجهة تلك المصطلحات قائلا: «قررنا طرح بعض الأمثلة بألفاظها الحقيقية الموجودة فى المجتمع، عشان تشد الناس والشباب للمناقشات، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام».

وذكر أنه توقع الهجوم الضارى على اللافتات، خصوصا شعار «انتى عانس»، لكن هدفه كان واضحا فى استخدام أسلوب الصدمة فى علاج المشكلة: «المجتمع كله بيستخدم الألفاظ اللى فى الحملة وهما مش مدركين صعوبتها على البنات، لكن لما شافوها بطريقة إعلانية حسوا هيا إزاى وحشة ومسيئة، ودى أول خطوة فى طريق إقناع المجتمع إنه يبطل يستخدمها».

نشر الأمثال المسيئة عبر 27 لوحة بالقاهرة والمحافظات

أولى فعاليات الحملة بدأت بـ5 أمثلة وفيديو منشور على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، وقال «خليل» إن الحملة اتخذت شعار «انتى أقوى من أى مثل»، ونشرت الأمثال المسيئة فى 27 لوحة مختلفة بالقاهرة والمحافظات، ركزت على الطرق العامة والميادين، واستخدام الإنترنت بصورة مكثفة فى نشر القصص الإيجابية.

«بالصبر والثقة هتعدى أى مشكلة، انتى معنى كلمة الكمال فيكى قوة تهد جبال، اوعى تتنازلى عن التعليم دا سلاحك.. وخلى ولادك هما سبب كفاحك، حب جوزك صبرك.. وفعل الخير مش هيخسرك».. أمثال جديدة ابتكرها أعضاء الحملة، مستغلين تجارب الفتيات والسيدات، اللاتى أرسلنها عبر الصفحة الرسمية للحملة، وتفاعل عدد كبير مع تلك الأمثال الجديدة، حسبما أكد «خليل»، لكن ذلك تزامن مع الاعتراض على أسلوب الإعلانات المستخدمة فى الحملة.

أما الفكرة الأساسية لهاشتاج «إنتى المَثل»، فهى تشجيع الفتيات والسيدات على إرسال قصة خاصة بكل واحدة منهن أو معاناتهن من أى فكرة خاطئة فى المجتمع، فيما يتولى القائمون على الحملة ابتكار مَثل جديد لكل قصة منها، ويتم نشره على الصفحة الرسمية للشركة على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، ليتحول إلى نوع من الدعم لصاحبات القصص.

وذكر خليل أن المُشاهد الذى يرى اللوحات الإعلانية للمرة الأولى يفهمها بطريقة خاطئة، لكن بمجرد أن يدخل إلى الصفحة الرسمية على «فيسبوك» يفهمها بطريقتها الصحيحة، و«يعرف أننا نحاول صنع أمثال جديدة بدلا من المسيئة».

غضب على مواقع التواصل :رُخص واستفزاز وإهانة

بعد انتشار إعلانات «انتى عانس» على عدد من الطرق الكبرى بالقاهرة، ثارت موجة من الغضب بين العديد من الفتيات والسيدات، ووصلت حالة الرفض والانتقاد إلى تدشين «هاشتاج» يحمل عنوان: «أزيلوا إعلانات الإهانة»، عبر موقعى التواصل الاجتماعى «فيسبوك» و«تويتر».

وعبر الهاشتاج نفسه كتب أسامة صديق: «إعلان رخيص ويحمل أوجه التمييز»، بينما علقت شيماء حسن «بيستخدموا الموضوعات التى تستفز المواطنين من أجل الترويج للمنتجات.. الإرهاب من الداخل وليس كما نعتقد من الخارج».

وسيطر الغضب على كثير من الفتيات، فأوضحن عبر التعليقات أن المعلنين لا يتوقفون عن استخدام كل ما يتعلق بالفتاة فى إنجاح حملاتهم الإعلانية، بغض النظر عن شعور الفتيات تجاه ذلك، والاستخفاف بمشاعر الكثير من الفتيات اللاتى تأخر زواجهن، الأمر الذى اعتبروه مهينًا وعنصريًا، وجاءت تعليقات مثل «آه أنا عانس مال أهلك أنت بقى؟ حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم»، و«البنات مش معنسة كل الحكاية أنها بقت بتفهم وعندها وعى أكتر م الأول مش اللى ييجى يوزن ويشترى بقرة ويمشى».

فيما رد آخرون بالاستهزاء من الإعلان، حتى إن كان هدفه إيجابيًا: «هل تعلم أن مصطلح عانس بيطلق على اللى متجوزوش سواء رجالة أو ستات، يعنى لو أنت عديت السن يا معلم تبقى عانس»، «إﻥ ﻟﻢ ﺗﺘﺰﻭﺝ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﻓﺴﺘﻜﻮﻥ ﻋﺎﻧسا، ولو اﺗﻄﻠﻘﺖ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻴﺐ، ولو ﻓﻀﻠﺖ ﺍﻟﻌﺰﻭﺑﻴﺔ ﻇﻨﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻈﻨﻮﻥ».

وتروى إحدى الفتيات أنها فى سن الـ29 عامًا وحاصلة على بكالوريوس الطب من جامعة القاهرة، إلا أنها شعرت بالإهانة والذل عندما رأت هذا الإعلان، وتملكها الشعور بالنقص عمن حولها، وانهالت الدموع من عينها عندما شاهدت ردود الفعل من قبل بعض الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى.

وأعربت السفيرة إيناس مكاوى، مديرة برامج المرأة بجامعة الدول العربية، عن غضبها من الإعلان، وكتبت عبر حسابها فى فيسبوك: «إعلان رخيص.. ويكرس كل أوجه التمييز!».